أكد د. ناصر القدوة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ضرورة تبني استراتيجية وطنية للتعامل مع توجه إسرائيل لتطبيق مخططات ضم الأغوار وربما الضفة كلها، ودعا إلى ضرورة التنبه لما تقوم به إسرائيل على أرض الواقع من خلال مواصلة توسيع الاستعمار الاستيطاني والانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني.
جاء ذلك في ندوة عقدتها مؤسسة ياسر عرفات مساء أمس 26/4/2020 من خلال تطبيق زوم على شبكة الإنترنت، بعنوان "كورونا المستجد" من وحي ورقة للقدوة تحمل نفس العنوان ونشره باللغتين العربية والإنجليزية.
وقال إن الوضع خطير جدا ولا يحتمل تأجيل اتخاذ القرارات أو إعطاء انطباعات مترددة قد تعكس فهما لغياب الموقف الحقيقي. وقال أنّ المطلوب بعد تبني استراتيجية وطنية هو التحرك على ثلاثة مستويات، الأول يبدأ بالدول العربية وبشكل خاص المؤثرة منها، ثم باتجاه الاتحاد الأوروبي ثم على الساحة الأميركية في اتجاه المرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن. وأوضح أن التقديرات التي تقول بأن إسرائيل ستنفذ عملية الضم في تموز/ يوليو المقبل تعني ان أمامنا شهرين للتحرك والاستعداد لقرارات مصيرية ينبغي ان تتخذ وفق تصور واضح ضمن استراتيجية وطنية. ودعا إلى الوضوح في اتخاذ القرارات والمواقف الوطنية المطلوبة، وعدم التراجع عنها، مشيرا إلى أنّ إسرائيل ألغت فعليا الاتفاقات الموقعة معها، وأنّه لا ينبغي أن تعلن أي جهة فلسطينية أننا سنلغي الاتفاقات لأن الإلغاء تم من قبل إسرائيل وهي التي تتحمل مسؤولية ذلك.
وكان القدوة قد بدأ الحديث بتلخيص لأهم ما حملته ورقته التي حملت عنوان "كورونا المستجد" والتي نشرت يوم 22/4/2020 وتتكون من 7 أجزاء، وهي: فيروس جديد، كورونا المستجد في بلادنا، كورونا وإسرائيل، الإنفلونزا وكورونا المستجد، كورونا المستجد في دول العالم، العالم لم يعد قرية صغيرة، ماذا بعد بخصوص كورونا المستجد.
وتحدث القدوة عن فايروس كورونا المستجد وخطورته من حيث سرعة انتشاره والاجراءات التي أتخذت عالميًا للحد من انتشار هذا الوباء وفي نفس الوقت محاولة الدول بالتوازن بين المحافظة على الأرواح والاقتصاد تحديدًا بسبب إغلاق الأعمال والمطارات والحدود البرية والبحرية.
وتناول القدوة الإجراءات التي اتخذتها مؤسسة ياسر عرفات لإدارة الأزمة مبكرا، بدءا بقرارها يوم 27/2/2020 بتأجيل الاجتماع السنوي لمجلس أمنائها والذي كان من المفترض عقده في القاهرة يوم 5 /3/ 2020 ،إلى إغلاق مقر المؤسسة والمتحف بعد إعلان حالة الطوارئ من قبل الرئيس لمدة 30 يومًا.
ووصف القدوة الموقف الإسرائيلي في ظل هذا الوباء بالانتهازي و"السفالة" تحديدا في موضوع العمالة الفلسطينية والاستهتار بأروح العمال الفلسطينيين ورميهم على الحواجز، وانتهاءا باستغلال الوباء من أجل تنفيذ مسألة الضم حيث أن الليكود يستمر بالدفع بقوة باتجاه الضم بأوسع شكل ممكن تنفيذاً لرؤية ترامب. وكون الأمور غير واضحة حاليا أكد القدوة على أن واجبنا هو الاستعداد التام للأسوأ، واعتماد سياسات وإجراءات تعزز قدرتنا على المقاومة، وقد نجعل المشروع الإسرائيلي غير قابل للتطبيق لأن غير ذلك سيمكن إسرائيل من فرض حالة ضعف استثنائية وحتى تبعية على الجانب الفلسطيني إثر جائحة كورونا المستجد.
وتطرق القدوة إلى الخسائر التي حصلت في دول العالم نتيجة لانتشار الوباء وخسارة الأرواح تحديدًا في إيران والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
واعتبر القدوة بأن التغيير الكوني سيكون حتميا نتيجة وباء كورونا المستجد، ولكن مقدار هذا التغيير وعمقه سيتوقف على النقطة التي ستشكل بداية طريق العودة. أي السيطرة على الفيروس ولو جزئياً والبدء في محاولة العودة إلى وضع طبيعي.
وقال إنّ أحد أبرز التغييرات هو تقطع أوصال العالم وانتهاء السفر والتنقل وكسر سلسلة الإمداد الاقتصادي، وكأن العالم لم يعد تلك القرية الصغيرة التي كان عليها، وثانيا، الغياب التام للولايات المتحدة عن المسرح الدولي وعدم لعب أي دور قيادي في مواجهة الوباء. وثالثا عودة المواطن للدولة، بسبب إحساس المواطن أن ما يحميه من الفيروس، ما يقف بينه وبين الخطر هي الدولة ومؤسساتها بما في ذلك الجيش والشرطة وأجهزة الأمن. بالاضافة إلى تغييرات اجتماعية سياسية، مثلاً انحسار دور المجموعات الدينية المتشددة، وهذا بسبب الدور السلبي الذي لعبته المجموعات المتشددة في نقل الفيروس وتجاهله.
وذكر القدوة مثالاً على ذلك، المسيحيين الصهاينة والدور السلبي الذي لعبوه في الولايات المتحدة، كما المتشددين من كافة الديانات لعدم التزامهم بسياسيات حكوماتهم.
وقال أنّ المرأة برزت بدورها القيادي في مواجهة هذه الجائحة لأنها ببساطة أكدت خلالها دورها الريادي الواضح في تحمل معظم المسؤوليات.
وأضاف أنّ هناك بحر من التغييرات الاقتصادية، أولها وأهمها وأعمقها تأثيراً هو توقف العمال عن العمل بسبب الحد من الحركة، الأمر الذي يعني أنهم سيبقون دون مصدر رزق. ولهذا، خاصة إذا استمر لفترة أطول من الممكن، آثار خطيرة وعريضة. إضافة إلى الضرر الذي سيلحق بالشركات الكبيرة وعلى مستوى أكبر الشركات الصغيرة والمتوسطة بسبب انحياز النظام الحالي لها. واجتماعيا هناك تأثيرات سلبية على العمل الطبيعي لمؤسسات الدولة وعلى النسيج الاجتماعي والذي قد يصل لحد تدميره ولحد انتشار الفوضى وإطلاق أسوأ غرائز الإنسان.
وأنهى د. ناصر بالاحتمالات التي ستحصل بعد كورونا: أولا، احتمال جدي بخفوت الوباء خلال موسم الصيف، و بعد ذلك موجة ثانية من الوباء مع بدء الشتاء القادم، أي قبل اللقاح والعلاج الجدي للوباء. ثانيا: إذا خبى الفيروس إلى أن يتم إيجاد اللقاح، دون أن يحدث موجة ثانية، يجب أن نكون مستعدين في كل الأحوال لأننا لن نخسر شيئا عند الجهوزية التامة وسنكون نحن والبشرية جمعاء في حال أفضل. وثالثا وأخيرا: هو أن لا يخبو الفيروس أصلاً وأن يستمر وربما يزداد إلى أن نصل إلى اللقاح، أو مسكنات على الطريق.
وتحدث عدد من المشاركين في الندوة عن تجاربهم الشخصية وتقديراتهم العامة لما تم خلال المرحلة الماضية في التعامل فلسطينيا وعربيا ودوليا مع "أزمة كورونا" ولما يمكن أن تتطور له الأمور مستقبلا. وتطرقت هذه المشاركات إلى الأبعاد الإنسانية والطبية والاقتصادية والدينية والاجتماعية، واحتمالات تأثيرها على العولمة حيث اعتبر البعض أنها ستضعف من العولمة في حين اعتبر آخرون أنها ستقوي من العولمة.
كما تناول المتحدثون الوضع الخاص الذي تعيشه الأراضي الفلسطينية المحتلة وضرورة أخذ الدروس والعبر من التجربة الحالية. ودعا المتحدثون إلى بذل جهد أكبر في سبيل استعادة الوحدة الوطنية مشيرين إلى الوضع المأساوي الذي يعيشه أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في ظل الحصار والإدارة السيئة للأمور هناك.