رصد مركز "بتسيلم" الحقوقي ارتفاعاً حاداً في عُنف المستوطنين خلال شهر نيسان، مشيراً إلى أن المستوطنين يستغلّون أزمة "كورونا" للاستيلاء على أراضٍ في أنحاء الضفّة الغربيّة بدعم من جيش الاحتلال.
وقال في تقرير له اليوم "منذ أن اندلعت أزمة الكورونا تفاقم عُنف المستوطنين في خدمة الدّولة ضدّ الفلسطينيّين في أنحاء الضفّة الغربيّة رغم تقييد الحركة والإغلاقات وسلسلة إجراءات العزل الاجتماعيّ المشدّدة التي اتّخذتها إسرائيل".
ووثّق بتسيلم 23 هجوماً شنّه مستوطنون في الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر نيسان استمراراً للهجمات التي وثقها في شهر آذار، والتي بلغت 23 منها 11 حدثت في النّصف الثاني من الشهر بعد أن كانت إسرائيل قد فرضت قيوداً مشدّدة على الحركة والتّجمهُر.
وقال: "لأجل المقارنة، فقد بلغ عدد الهجمات الموثقة 11 خلال شهر كانون الثاني و12 خلال شهر شباط"، وأضاف: "تشمل هذه الهجمات اعتداءات جسديّة بالغة القسوة استخدم المستوطنون خلالها الهراوات والبلطات والصّادمات الكهربائيّة والحجارة والكلاب وأحياناً كان جزء من المهاجمين يحمل سلاحاً ناريّاً، إضافة إلى إتلاف الممتلكات بما يشمل مهاجمة منازل وإتلاف وإحراق سيّارات وإتلاف واقتلاع أشجار ومزروعات أخرى وسرقة مواشٍ".
وأشار الى أنه "تعمّ آفة عُنف المستوطنين جميع أنحاء الضفّة الغربيّة ولكنّها تبرز على وجه خاصّ في عدد من المحاور: المنطقة المجاورة لـ"مزرعة معون" في تلال جنوب الخليل والتي جرى توسيعها مؤخّراً؛ منطقة "شيلا" وكتلة البؤر الاستيطانيّة المحيطة بها والتي تطال هجمات مستوطنيها القرى الفلسطينيّة: المغيّر وترمسعيّا وقريوت وقُصرة وغيرها؛ وكذلك المناطق المجاورة لمستوطنة "حلميش" التي أقيمت قربها مؤخّراً بؤرة استيطانيّة جديدة".
وقال: "وهناك اعتداءات لم تشملها المعطيات أعلاه حيث يضيّق المستوطنون على الرّعاة والمزارعين الفلسطينيّين في مناطق الأغوار القريبة من مستوطنات "ريمونيم" و"كوخاف هشاحر" كما في تلال جنوب الخليل، إضافة إلى أنّ المستوطنين يسوقون قطعان أبقارهم وأغنامهم للرّعي في حقول زراعيّة يفلحها فلسطينيّون وخاصّة في منطقة الأغوار وهذا أيضاً يحدث يوميّاً".
وحذر بتسيلم من أن "الدّعم المطلق الذي تمنحه الدولة لعُنف المستوطنين ينعكس على أرض الواقع في ممارسات قوّات الأمن" وقال: "خمسة من الهجمات الثماني خلال شهر آذار على منازل فلسطينيّين تواجد خلالها جنود أتاحوا للمستوطنين أن يفعلوا ما يحلو لهم وانشغلوا في إبعاد الأهالي بالذّات رغم أنّهم خرجوا لحماية منازلهم وعائلاتهم. على الأقلّ في ثلاث من الهجمات أطلق الجنود نحو الأهالي قنابل الغاز المسيل للدّموع وفي حالات أخرى اعتقلوا عدداً من الأهالي".
وأضاف: "وفي ثلاث حالات رافق جنود المستوطنين المهاجمين أو انضمّوا إليهم في بداية الهجوم. وفي هجمات حدثت خلال شهر نيسان أيضاً أطلق جنود نحو السكّان الفلسطينيّين الرّصاص المعدنيّ المغلّف بالمطّاط وقنابل الغاز المسيل للدّموع - هذا ما فعلوه في 6 نيسان خلال هجومين شنّهما مستوطنون على قريتي قصرة والشيوخ. كذلك امتنع الجنود عن تقديم أيّ علاج طبّي لعيسى قطاش الذي سلّمه المستوطنون إليهم بعد الاعتداء عليه وعلى أخيه؛ كما لم يساعدوه في العودة إلى أسرته. هم تركوه بكلّ بساطة في أحد الحقول رغم الصدع في عظم ساقه".
وأشار الى أنه تتيح إسرائيل للمستوطنين ضمن السياسة التي تتّبعها منذ سنين طويلة أن يشنّوا الهجمات على الفلسطينيّين في المناطق المحتلّة ويتلفوا ممتلكاتهم دون أيّ رادع.
ضمن ذلك يحمي الجنود المستوطنين المعتدين وأحياناً يشاركون فعليّاً في هذه الاعتداءات"وأضاف: "أمّا الشرطة من جانبها فتمتنع عن إنفاذ القانون بحقّ المتورّطين في ارتكاب جرائم ضدّ الفلسطينيّين. أيضاً سلوك الشرطة هذا يندرج ضمن استراتيجيّة إسرائيل الرّامية إلى الاستيلاء على أراضي الضفّة الغربيّة ومواردها من خلال تشجيع إقصاء الفلسطينيّين عن المزيد والمزيد من مناطق الضفة الغربيّة. حقيقة أنّ هذا الوضع يستمرّ بل ويتفاقم في حين تعصف بالعالم كلّه أزمة صحّيّة غير مسبوقة يضفي بُعداً آخر على وحشيّة سياسة إسرائيل".