مصادر إعلامية تحدثت يوم الجمعة عن إرسال تركيا معدات طبية تتضمن كمامات وجه وقفازات معقمة وادوات وقائية أخرى إلى كيان الاحتلال الاسرائيلي، لمساعدته على احتواء ومكافحة فايروس كورونا المتفشي فيه إلى حد كبير، إذ اصاب الآلاف وأوقع عشرات الضحايا، في ظل النقص الحاد الذي يعاني منه الكيان المحتل في المعدات والاجهزة الطبية اللازمة لمواجهة الوباء المستجد.
وفي الوقت الذي تشهد فيه تركيا وضع صعب أيضاً بسبب كورونا وانتشاره فيها إلى درجة لا تقل خطراً عن تلك التي يعاني منها كيان الاحتلال، حيث تشهد البلاد تسجيل إصابات بعشرات الآلاف ووفيات بالمئات، إلا أن رجب طيب أردوغان فضّل على مايبدو مصلحة المستوطنين الاسرائيليين على مصلحة أبناء شعبه، بعد أن وافق على بيع تل أبيب معدات طبية كانت مستشفيات بلاده أولى بها.
فلماذا أقدم أردوغان على تلك الخطوة؟
على الرغم من أن تركيا في سياستها الظاهرية تعتبر نفسها دولة معادية لإسرائيل، بحكم القضية الفلسطينية التي ترى تركيا بأنها مرتبطة ومعنية بها بحكم كونها دولة إسلامية، غير أن الرئيس التركي يبدو أنه رجح مصالحه الاستعمارية على دعمه الظاهري لحقوق الشعب الفلسطيني، فإقدام تركيا على عقد تلك الصفقة الطبية مع الكيان الصهيوني، لا تريد تركيا من وراءه ان تكسب قلوب الاسرائيليين فحسب، بل لها أيضا هدف اكبر وأولى في المرحلة الحالية وهو التقرب من الولايات المتحدة الأميركية (حليفة إسرائيل) ، خاصة بعد توتر العلاقات بين الطرفين على خليفة تقرب أنقرة من موسكو بعد إتمام صفقة صواريخ اس 400 ، وكذلك الاتفاق التي توصل له الجانبان في شهر تشرين الأول من العام الماضي حول المنطقة الآمنة التي تريد تركيا إقامتها شمال شرق سوريا في مناطق سيطرة الأكراد حلفاء الولايات المتحدة، وايضا اتفاقهما بشأن إدلب بعد الزيارة التي أجراها اردوغان إلى موسكو والتقى فيها بوتين في اجتماع مطول يوم الخامس من شهر آذار الماضي، ذلك الاتفاق الذي أثار حفيظة البيت الأبيض بدليل عرقلة واشنطن اعلانا في الأمم المتحدة لدعمه.
الغضب الأميركي على تركيا، بدأت نتائجه بالظهور تطفو على السطح على ما يبدو، و ربما المصاديق على ذلك كثيرة، منها التمرد الذي نفذه اواخر الشهر الماضي عناصر داعش المحتجزين في سجن الحسكة الكبير واسفر عن هروب عدد من مسلحي التنظيم واختبائهم في مناطق من ريف الحسكة، ما يزيد من خطورة الوضع الأمني في مناطق شمال شرق سوريا، حيث تعتزم تركيا إقامة منطقتها الآمنة، ومنها أيضا التفجيرات التي تستهدف مناطق خاضعة لسيطرة تركيا والفصائل الموالية لها، آخرها كان قبل أيام عندما انفجرت عبوة ناسفة بصهريج لنقل المحروقات في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي مخلفةً اضرار مادية كبيرة، ضف إلى ذلك ما يقوم به المسلحون في إدلب اليوم من منع وعرقلة للقوات الروسية التركية من تسيير دورياتهم المشتركة على طول طريق M4 الدولي، والتي نص عليها الاتفاق الموقع بين الطرفين في موسكو.
وبالتالي فإن تقرب أردوغان من نتنياهو يعني تقربه من صديقه الحميم ترمب، فلا احد يخفى عليه عنق العلاقة وقوتها بين رئيس وزراء كيان الاحتلال وزعيم البيت الأبيض.
ولكن من المؤكد ان كافة محاولات أردوغان ستبوء بالفشل في نهاية المطاف، وكما استخدمه الأميركيون في دعم التنظيمات الإرهابية في سوريا و أوهموه بأنه ستكون له حصة من الكعكة السورية ثم بدأوا الآن العمل على إخراجه من ساحة المنافسة، كذلك الأمر بالنسبة لليهود الصهيانة فإنهم سيسخروه للانتصار على كورونا ويوهموه بالوساطة لدى الأميركيين ثم يضعوا كل تعهداتهم جانباً ويضعيوا ايديهم بيد حلفائهم الأميركيين للتخلص منه عندما تنتهي صلاحيته المرهونة بانتهاء مصالح الأميركيين والصهيانة معه…
كاتبة سورية