يواجه الشعب العربي في العراق لحظة لابد معها من حسم الأمورمهما كلف الأمر، فمنذ احتلال اميركا للعراق نشأت طبقة من السياسيين الذين استغلوا، ومازالوا الخلافات الهامشية كي يكونوا طبقة تنهب أموال الشعب تحت أعلام حزبية وسياسية، وجميع هذه القوى لم تحاول ولم تفكر بأن أولى الأولويات، هي مواجهة المحتل وطرده حتى تعود ثروة العراق للشعب العراقي، ونشأ تحالف مصالح بين الاحتلال وهذه الواجهات السياسية، فأصبح هؤلاء أدوات يستخدمها الاميركيون لعرقلة أي محاولة لطرد المحتل أو لاعادة سيطرة الشعب على ثرواته، وأتاح هذا التحالف لنهب العراق ( 80 % للأجنبي و20 % للسياسيين الفاسدين).
ومحاربة الفساد التي يتحدث عنها الجميع، هي في حقيقة الأمر محاسبة المحتل من ناحية، ومحاسبة الزعماء السياسيين الذين لم يقيموا أو ينظموا تجمعاتهم السياسية الا على أساس حصص النهب والسرقة لمال الشعب.
لا يوجد في العراق أي حزب يقوم برنامجه على تحرير العراق من الأجنبي، وبسط سيادة الشعب على ثروة البلاد وضع برنامج خمس سنوات لاعادة البناء لكل النواقص (التي لايوجد سبب لعدم سدها سوى نهب أموال الشعب)، ومثل هذا البرنامج سيعني التحقيق مع معظم القادة وسؤالهم حول الأموال وكيف هدرت أو نهبت ، فهنالك مشاريع ضخمة في العراق مثل مشاريع الكهرباء دفعت تكاليفها دون أن يرى الشعب الكهرباء.
كان النظام الصحي في العراق من أرقى النظم في المنطقة واذا به الآن أسوأ نظام وهلم جرا العراق هو أغنى الدول العربية ليس بالنفط والغاز فقط، بل بمواد أولية نادرة ومطلوبة وسهوله الشاسعة ان خضعت لبرنامج ازالة الملوحة تستطيع أن تقيم نظام أمن غذائي مثاليا لكن المخلصين للعراق وللأمة العربية غائبون عن المسرح المؤثر سياسيا الا حركة المقاومة وفصائلها، فهي تعطي أملا للشعب بأن الليل سينجلي وسيبزغ فجر الحرية ولاحرية للعراق وشعبه الا بطرد المحتل حتى يفقد الفاسدون حليفهم الذي سهل لهم التهام فتات ما تبقى من ثروة العراق المنهوبة.
العراق هو المؤهل أن يكون لديه أرقى نظام تعليمي يطل على G5 بسهولة وأرقى نظام صحي، وأرقى صناعة عربية (وكان قد وصل الى حدود انتاج أول سيارة عربية)، وهو القادر على تطوير سلاح جيشه، وعدم انتظار تطبيق المحتل الاميركي لمخطط”، عدم اقامة تكوين جيش”، الجيش العراقي هو أعرق الجيوش العربية وأرقاها من حيث تقدمه في برامج التطوير الذاتي والتقني، لذلك كان قرار المحتلين شل هذا الجيش وشرذمته، واقامة جيش يدين بالولاء لزعامات اخترعها المحتل أو للمحتل مباشرة ، ولكن هذا لن يستمر فقد ثار الجيش الذي كان يدرب أن يكون ولاءه للعرش ثار على العرش، وأطل على العالم بوجه العراق الحر العراقيون أنزلوا بالانجليز خسائر أكثر مما خسروا في أية معركة خاضوها، وثار رشيد عالي الكيلاني وأوسعهم ضربا ، ثم تتالت الثورات فسحقت الملكية وشق العراق طريقه الى أن أصبح الدولة الوحيدة التي تسيطر على ثرواتها النفطية تحت الأرض وبراميلها المنتجة ونقلها وتوزيعها عراقية من الألف الى الياء، والآن يصمت السياسيون على نهب تريليونات الدولارات منذ الاحتلال دون حسيب أو رقيب.
ونفط الشمال يباع وتشترى به أسلحة للانفصال عن العراق دون محاسبة أو رقابة ….الأمل هو المقاومة، المقاومة التي تستهدف طرد المحتل وعليها أن ترفع منذ الآن شعار تطهير العراق من قادة الأحزاب الذين أنشأوا أحزابهم ضمن مخطط واشنطن للسيطرة، ويجب ألا يغيب عن الذهن أو البرنامج تطهير صفوف قيادة الجيش الذي أنشأته واشنطن، فهي لم تنشئ ولن تنشئ جيشا يستهدف الاستقلال وطرد المحتل!… معركة لاهوادة فيها، والرؤية يجب ألا تنحصر بضرب قاعدة هنا أو هناك، هذا الوضع السياسي العام يجب أن يكون هدفا فلا مكان لمن يساوم على حرمة واستقلال العراق وامتلاك الشعب لثروات البلاد ، فقواعد واشنطن العسكرية الآن في كردستان فأين ذلك من برامج السياسيين؟
على المقاومة أن تبادر حتى يفهم المحتل أن سيادة العراق، هي سيادة على كل أرض العراق وليس على جزء منها، تأتي مافيات واشنطن هذه الأيام بمذكرة للحوار حول معاهدة بين واشنطن وبغداد ودون اللغوصة – المشروع المقدم ، هو تكريس للاحتلال والنهب والتبعية والضعف وعدم التنمية الاقتصادية والعسكرية – دون وجود قوات اميركية وتحويل الجيش العراقي الى أداة بيد واشنطن .
ان الموافقة على مناقشة هذه المذكرة (طلب استسلام العراق)، هو استسلام للمحتل.
الواجب يقتضي رفض هذه المذكرة كما هي، ورفض تسلمها أو مناقشتها، فالأمر يبدأ بالرحيل وبعد أن ترحل قوات الاحتلال يمكن أن يبدأ حوار حول العلاقات وآفاقها في جو يضمن سيدة العراق على أرضه وقراره.
كاتب وسياسي فلسطيني