في الوقت الذي صرح رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أنه يسعى لتسيير قوافل الحج والعمرة للمواطنين العرب في البلاد، من مطار "بن غوريون" في اللد مباشرة إلى مطارات السعودية، وذلك ضمن حملته الانتخابية للكنيست وسعيًا منه لاستمالة بعض المواطنين العرب للتصويت لحزبه "الليكود"، تواجد وفد عن لجنة الحج والعمرة لفلسطينيي 48 برفقة مندوبين عن وزارة الأوقاف الأردنية في مكة والمدينة المنورة لترتيب عمرات الربيع ورمضان والحج في الصيف المقبل.
وسبق تصريحات نتنياهو التي جاءت في سياق حملته الانتخابية ومخططه لتطبيع العلاقات مع دولة عربية وإسلامية، قرار لوزير الداخلية الإسرائيلي، أرييه درعي، بالسماح لحملة الجواز الإسرائيلي السفر للسعودية لأغراض دينية وتجارية، علمًا أن القرار صدر بالتزامن مع إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن خطة السلام الأميركية للشرق الأوسط، والمعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن"، والهادفة لتصفية القضية الفلسطينية.
لجنة الحج والعمرة في لقاء سابق مع وزير الأوقاف الأردني
وأعلن نتنياهو في حملته الانتخابية للحج والعمرة، أنه يجري مشاورات من أجل السفر مباشرة للسعودية على أن لا تصل تكاليف الحج مبلغ 5 آلاف شيكل على حد زعمه، علمًا أن التكاليف اليوم تصل لنحو 20 ألف شيكل، عبر لجنة الحج والعمرة التي تنظم قوافل الحجيج للسعودية بموجب الوصاية الأردنية من العام 1978، إذ تسمح الأردن لفلسطينيي 48 السفر للسعودية بجواز سفر أردني مؤقت، وهو الإجراء الذي تسعى السلطات السعودية وولي العهد محمد بن سلمان إلى إلغائه منذ العام 2018.
وبدا نتنياهو واضحا في ترويجه للحج المباشر للسعودية، وصرح أنه يرى بالمواطنين العرب في البلاد جسرا للتطبيع، وهو الطرح الذي رفضته جميع الأحزاب والحركات السياسية العربية، والتي أكدت أن تصريحات نتنياهو جاءت في سياق حملته الانتخابية، مضيفة أن نتنياهو لا يتردد حتى في توظيف الدين والحج والعمرة لتعزيز فرص فوزه في الانتخابات وللبقاء على كرسي رئاسة الحكومة للتهرب منذ المحاكمة وتهم الفساد التي يواجهها.
استهجان
وقال الناطق بلسان لجنة التنسيق للحج والعمرة، الحاج عبد الرحيم فقرا، المتواجد في السعودية ضمن وفد الداخل والبعثة الأردنية لترتيب رحلات العمرة للربيع ورمضان موسم الحج المقبل، إن "نتنياهو يستغل الحج والعمرة لأهداف انتخابية، وهو يحاول من خلال هذا الملف التأثير على الناخبين العرب واستمالتهم لليكود وأيضا لكي لا يصوتوا للقائمة المشتركة".
واستهجن فقرا في حديثه لـ"عرب 48"، تنصيب نتنياهو ذاته وكيلًا للحج والعمرة للعرب بالداخل وعرضه السياحي بتوفير رزم للحج بمبلغ 5 آلاف شيكل، قائلا "أتحدى نتنياهو إذا كان بمقدوره توفير هذه الأسعار".
مراوغة انتخابية
ولتفنيد المراوغة الانتخابية لنتنياهو، وضع فقرا رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام تحديات، واقترح عليه أن يتولى ملف 5 آلاف حاج للموسم المقبل، وأن يوفر للجميع السفر لأداء الحج مباشرة للسعودية بمبلغ 5 آلاف شيكل مقابل كل حاج.
وأوضح فقرا أنه لا يوجد أي إجراءات عملية لما يروج له نتنياهو، مؤكدًا أن تنظيم السفر المباشر للحجيج بحاجة إلى اعترافات دبلوماسية وتبادل للسفارات والقنصليات بين الدول، وكذلك وجود شركات سياحية بالبلدين تتبادل المعلومات وتتم إجراءات السفر.
ومن جانبه، قال رئيس لجنة المراقبة في جمعية الحج والعمرة، الشيخ هاشم عبد الرحمن، الذي يرافق فقرا والبعثة الأردنية في السعودية: "لقد قمنا بتفقد الفنادق بمكة والمدينة المنورة والانتهاء من كافة الترتيبات لعمرة الربيع في نيسان/ أبريل المقبل، كما تم التعاقد مع الشركات السعودية والأردنية لتسيير كافة رحلات العمرة والحج لفلسطينيي 48".
وأكد عبد الرحمن لـ"عرب 48" أن "كافة المعاملات والإجراءات، سواء مع الجانب الأردني أو السلطات في السعودية، بخصوص رحلات الحج والعمرة مستقبلًا كما هي عادية وتتم بانتظام دون أي تأجيل أو تعطيل".
وعن تصريحات نتنياهو حول تسيير طيران مباشر من مطار "بن غوريون" إلى السعودية، قال عبد الرحمن إن "تصريحات نتنياهو تأتي في سياق سياسات إقليمية نحن لسنا أصحابها، وبالتالي الرد على تصريحات نتنياهو من المفروض أن تأتي من وزارة الخارجية السعودية".
أما بما يتعلق بمبلغ 5 آلاف شيكل الذي تعهد به نتنياهو كتكاليف للحج الواحد من عرب الداخل، تساءل عبد الرحمن: "هل تحول نتنياهو من رئيس للحكومة إلى وكيل للسياحة؟ تصريحاته أقل ما يقال عنها إنها محض كذب وجهل بالأمور والترتيبات والتكاليف".
جسر للتطبيع؟!
وشدد رئيس لجنة المراقبة في جمعية الحج والعمرة على رفض المجتمع العربي لطرح نتنياهو بتحويلهم إلى جسر للتطبيع، مؤكدا الرفض والتصدي لأي محاولات تهدف لتوظيف الدين واستغلال الحج والعمرة للانتخابات الإسرائيلية.
وختم عبد الرحمن بالقول إن "محاولات نتنياهو بملف الحج والعمرة تندرج ضمن سعيه للشروع في تنفيذ 'صفقة القرن' مع بعض الأنظمة العربية".
ذات الموقف عبر عنه النائب السابق عن القائمة المشتركة، مسعود غنايم، الذي استهجن تصريحات نتنياهو التي جاءت في سياق حملته الانتخابية وتحريضه على النواب العرب والقائمة المشتركة، وتسويق ذاته على أنه من يسهر على مصالح ورعاية وخدمة المواطنين العرب حتى في القضايا الدينية، طارحا "ماذا عملت لكم المشتركة؟"!
وحذر غنايم في حديثه لـ"عرب 48" من مغبة أن ينخدع المواطن العربي بتصريحات نتنياهو، وقال إن "نتنياهو يخشى أن تعزز القائمة المشتركة قوتها في الكنيست وتحصل على 16 مقعدًا، مع يعني استحالة إمكانية أن يشكل نتنياهو الحكومة المقبلة، وهذا يعني إنهاء مسيرته السياسية، وسيكون عليه مواجهة تهم الفساد في المحاكم".
وأكد أن "دعاية نتنياهو للحج والعمرة وما يتستر في ثناياها للتطبيع لا تنفصل عن صفقة القرن"، لافتا إلى أن "هذه الدعاية والمحاولات لا تنطلي على المواطن العربي الذي يعاني من سياسات حكومة نتنياهو والتشريعات العنصرية والملاحقات السياسية وهدم المنازل ومصادرة الأراضي وعدم توسيع مسطحات البلدات العربية للبناء".
وختم غنايم بالقول إنه "علينا التصدي لمخططات نتنياهو والمشروع الإسرائيلي لتنفيذ صفقة القرن، علينا ألا ننخدع وألا نقع في الفخ الإسرائيلي الهادف لاستغلالنا في مشروع التطبيع".