قال خبراء إن المغرب لا يمكن أن تقبل بمبدأ المقايضة في إطار إقامة علاقات مع إسرائيل مقابل خطوات أمريكية في ملف الصحراء.
تعليقات الخبراء جاءت على أثر ما نقله موقع "أكسيوس" الإخباري الأمريكي عن مصادر إسرائيلية وأمريكية، حيث قال إن إسرائيل تسعى لإقناع إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالاعتراف بسيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه، مقابل تطبيع الرباط لعلاقاتها مع إسرائيل.
الموقع وصف الخطوة بأنها "ستكون بمثابة إنجاز دبلوماسي كبير لملك المغرب، محمد السادس، كما أنها ستمنح دفعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو"، غير أن المعلومات التي ذكرها المغرب لم تؤكد من أي مصدر رسمي من الدول الثلاث حتى الآن.
رفض المقايضة
من ناحيته، قال عبد الله البقالي، نقيب الصحفيين في المغرب، إن حسب قراءته لمجريات السياسة الخارجية المغربية خلال السنوات الأخيرة يتأكد أن المغرب يرفض مبدأ المقايضة، وأن هذا التأكيد ظهر في العديد من الملفات والقضايا.
وأضاف، أن المغرب رفض عملية المقايضة في مرات سابقة مع فرنسا وإسبانيا والسويد، ورفض كل أشكال الابتزاز. وأن السياسة المغربية ترفض رفضا قاطعا بين الأخذ والعطاء.
واستبعد البقالي قبول السلطات المغربية بخرق مسار ميز وطبع السياسة المغربية خلال السنوات الماضية.
لا معطيات رسمية
وتابع: "حتى الآن لا تتوفر معطيات رسمية في هذا السياق، إلا أن هناك قراءة أخرى للأمر، حيث يستخدم نتنياهو أذرعه الإعلامية لترويج بعض المعلومات وتضخيم بعض الأحداث لفك الخناق الذي يتفاقم حوله في الداخل، إلا أنه لا يوجد أي مؤشرات رسمية على مضي المغرب في هذا المسار".
وشدد على أن المغرب لن يخضع لأية وسيلة ابتزاز أو مقايضة، خاصة أن الملك محمد السادس يرأس لجنة القدس ولا يمكن أن يتخذ مثل هذه خطوة.
مناورات إسرائيلية
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية تعلم جيدا حجم الرفض الشعبي المغربي لأي عمليات تطبيع مع إسرائيل، إلا أن مناورات رئيس الوزراء الإسرائيلي تعتمد على تخفيف الضغط المفروض عليه في الداخل من خلال تصدير صورة مغلوطة عن اختراق الرفض العربي.
من ناحيته، قال الأكاديمي المغربي، محمد بودن، إنه وحتى الآن لا توجد خطوات ملموسة في هذا الإطار، وأن هذا الموضوع يستخدم إعلاميا من وقت لآخر، وقد يكون لجس النبض.
وأضاف: "مما لا شك فيه أن إسرائيل تسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية، بحكم حمولة الدور المغربي في القضية الفلسطينية".
وتابع أن المملكة المغربية بحكم مسؤولياتها التاريخية على مستوى لجنة القدس، وانخراطها الدائم في دعم السلام على أساس حل الدولتين، لا يمكن أن تتوقف عن أداء دورها التاريخي.
وفيما يتعلق بقضية الصحراء يوضح بودن، قائلا: "أما فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية فالمغرب غير ملزم بأن يكلف نفسه عبء التعهد والالتزام حولها، لأن موقفه السيادي واضح ومحسوم".
ما البدائل
ويرى أنه حال افتراض أن ثمة عرض يتعلق بمقايضة سياسية، فالعرض الذي يستحق المناقشة في تقديره من منطلق المصلحة، هو إنهاء النزاع الإقليمي، وليس الاعتراف، علاوة على أن المغرب لا يملك القرار الفلسطيني، حتى يتصرف فيه، ما دام أن الجانب الفلسطيني يقول إنه حتى لو اعترفت كل الدول العربية بإسرائيل، فإن الرأي الأخير والحاسم يبقى لفلسطين.
خيارات المغرب
وأشار إلى أن المغرب يملك خيارات للتعامل مع أي أمر محتمل، وأن القرار الذي يمكن اتخاذه في حالة تأكد الموضوع، يحب أن يراعي المصالح الوطنية الكبرى، وتجنب إحداث أي ضرر محتمل.
وشدد على أن المغرب يقارب القضية الفلسطينية بشكل منفصل عن مصالحه الوطنية، ويدرك كذلك أن بناء السلام في الشرق الأوسط لن يتم على أساس الكراهية، والرفض التام بل بإعطاء فرص لتحريك عملية السلام.
وتبلغ مساحة إقليم الصحراء 266 ألف كيلومتر مربّع، وشهد نزاعا مسلحا حتى وقف إطلاق النار عام 1991 بين المغرب الذي ضمها في 1975 والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) التي تطالب باستقلالها مدعومة من الجزائر.
ويسيطر المغرب على 80% من الصحراء الغربية، مقترحا منحها حكما ذاتيا موسعا تحت سيادته، في حين تطالب جبهة بوليساريو باستقلالها.
مسيرات شعبية
في إطار الرفض الشعبي عبرت الهيئات المغربية الداعية إلى المسيرة الاحتجاجية الشعبية ضد خطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط، المعروفة بـ"صفقة القرن"، والمزمع تنظيمها يوم الأحد المقبل في العاصمة الرباط، عن رفضها للتصريحات الصادرة عن ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية المغربي، والتي قال فيها إن المغاربة "لا يجب أن يكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم"، بحسب "موقع هسبريس".
جاء رفض الهيئات في بيان عقب ندوة صحفية عقدوها، صباح الخميس الماضي، في مقر نادي المحامين بالرباط، حيث جاء في البلاغ أن الهيئات الداعية إلى المسيرة "تدين كافة المواقف المتخاذلة الخارجة عن إجماع الشعب المغربي، وترفض كل الصفقات والمؤامرات التي تحاك ضد فلسطين".
وستشارك في المسيرة الاحتجاجية جميع الأحزاب السياسية والهيئات النقابية والحقوقية والجمعوية.
"سبوتنيك"