معاريف- بقلم الصحفي الاسرائيلي بن كسبيت: "بعد أن كرس الأشهر الأخيرة لحفر حفرة لبيني غانتس، نجح نتنياهو في اللحظة الأخيرة في حفر حفرة أخرى لنفسه أيضاً. بيبي هو الذي ضغط على زر الإنذار وأشعل أضواء التحذير الحمراء في غرفة مداولات القمرة. لقد سرق الأوراق تبجحه الطبيعي ذاك الذي تسبب له أن يشعر في صورته المشتركة مع نائب الرئيس مايك بينيس بأنه هو الذي طرح على الأمريكيين فكرة دعوة بيني غانتس إلى واشنطن؛ أدرك رجال غانتس بأن هذا فخ".
حتى ذلك الحين، كان غانتس مقتنعاً بأن الأمريكيين يأتون إلى الحدث بأياد نظيفة. وفي اللحظة التي لوح فيها نتنياهو بحقيقة أنه هو سيد دعوة غانتس، ثار اشتباه بأن هذه محاولة لتقزيم غانتس. من تلك اللحظة، بدأ تراكض واسع في القمرة، تراكض أدى بغانتس إلى الحل الأفضل الذي كان يمكن تحقيقه في الظروف الحالية. فقد قلب الجرة رأساً على عقب، وسيحصل على لقاء منفصل مع الرئيس ترامب، وسيجري مداولات الحصانة في الوقت نفسه.
أما نتنياهو فسيصل بعده إلى البيت الأبيض. عندما يلتقي بيبي ترامب سيكون غانتس منشغلاً بحصانة بيبي. بالإجمال. لا بأس على الإطلاق.
حتى لا يجلس مستمعاً بين الجمهور.. سيلتقي ترامب الإثنين ويعقبه نتنياهو الثلاثاء.
كانت نهاية أسبوع غانتس مليئة، بينما كان نتنياهو والليكود يرقصون رقصات النصر، دخلت القمرة ومحيطها في حالة حرب. وقادت الاتصالات مع الأمريكيين المساعدة الشخصية لغانتس، معيان يسرائيلي.
وأدى خوف رجال غانتس من الفخ إلى أن يطلبوا الجدول الزمني وبروتوكول الدعوة الأمريكية. وتبين لهم بأن الاحتفال في البيت الأبيض يوم الثلاثاء سيتضمن خطابات لترامب ونتنياهو، بينما غانتس يجلس بين الجمهور. “هذا لن يكون”، أوضح رجال غانتس للأمريكيين، “لا احتمال بأن يصل غانتس إلى واشنطن كشاهد. إذا كنتم تدعونه فسيأتي، ولكن دون صلة بنتنياهو. هو رئيس الحزب الأكبر في إسرائيل وسيسره لقاء الرئيس”.
وكان أدار الاتصالات من جانب الأمريكيين السفير دافيد فريدمان. وسار الأمريكيون على الخط، ودعي غانتس إلى واشنطن يوم الإثنين، وسيلتقي الرئيس يوم الإثنين، وسيكون بوسعه يوم الثلاثاء أن يحضر مداولات الحصانة في الكنيست. من ناحية غانتس، تعد هذه جولة انتصار. مرشح لرئاسة الوزراء في إسرائيل لا يحصل على لقاءات مع الرئيس الأمريكي في ظروف عادية. صورة حصرية مع ترامب عشية الانتخابات هي بالضبط الأمر الذي يحتاجه غانتس كي يواصل ادعاء التاج. إذا لم يحصل شيء غير متوقع في اللحظة الأخيرة فسيحصل على صورته، وستكون أهم من الصورة التي سيحصل عليها نتنياهو بعده، إذ في حالة نتنياهو، بات الجمهور الإسرائيلي معتاداً، وعلاقاته مع ترامب مشمولة مسبقاً في الثمن.
والآن يحتاج غانتس إلى أن يحاول بلورة حل للفخ الأخطر الذي أعد له في نهاية الأسبوع: ماذا سيفعل بالخطة الأمريكية نفسها. إذا كانت التسريبات صحيحة، فهذه خطة تسمح بالضم، بل وربما الفوري، لغور الأردن، وربما أيضاً لبلدات إسرائيلية أخرى في الضفة الغربية. يعرف غانتس على نحو ممتاز المخاطر التي تنطوي عليها خطوة ضم غور الأردن من طرف واحد. وبالمناسبة، نتنياهو هو الآخر يعرف هذا، غير أن نتنياهو يقاتل الآن على حياته ومصالح الدولة، أما إذا كانت صغيرة مثل السلام مع الأردن، فتدحر إلى الزاوية.
أما غانتس، رئيس الأركان المتقاعد المحوط بعدد آخر من أمثاله، فيحتاج إلى أن يتخذ اعتبارات أخرى، فهو الراشد المسؤول في هذا الحدث، ولكن حياته أيضاً معقدة، وله في “أزرق أبيض” نواة يمينية ستقفز على ضم الغور كغنيمة كبرى، ولن يسمح لنفسه برفض خطة ترامب أو التحفظ على أجزاء منها. فهل سينجح في أن يبيع للجمهور الانتخابي الإسرائيلي الحاجة إلى تأجيل الحسم إلى ما بعد الانتخابات؟ الجواب على هذا السؤال سيأتي في الأسابيع القادمة.