تشير تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، إلى أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، لا تزال مهتمة بتثبيت تفاهمات "التهدئة" وغير معنية بالتصعيد، معتبرة أن استئناف إطلاق البالونات الحارقة وعمل وحدة الإرباك الليلي في قطاع غزة، بعد فترة من الهدوء النسبي خيّم على المنطقة، يأتي في سياق التوتر الحاصل بين حماس والسلطات المصرية.
ووفقًا للتقديرات الإسرائيلية فإن حماس ترى في مراسم إحياء ذكرى الهولوكوست التي ستقام بالقدس المحتلة، خلال الأسبوع الجاري، بحضور 40 رئيس دولة، فرصة لزيادة الضغط على الجانب الإسرائيلي والمصري على حد سواء، وذلك في ظل قناعة قيادة الحركة أن "إسرائيل ستخشى استخدام القوة، خشية أن يلقي التصعيد الأمني بظلاله على الأحداث السياسية الرسمية".
جاء ذلك بحسب ما أورده المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، مشيرًا إلى أن الزيارة التي قام بها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، إلى إيران، للمشاركة في مراسم تشييع الجنرال قاسم سليماني، أدت إلى توترات بين حماس والقاهرة، على حد تعبيره.
وذكر هرئيل أن حماس، التي تدرك "الحساسية المصرية" تجاه إيران، كانت قد تعهدت للجانب المصري أن الجولات الإقليمية لقيادة مكتبها السياسي، ستستثني إيران، وذلك في ظل تحكم السلطات المصرية بتحركات قيادة الحركة عبر المنفذ الوحيد المتاح لهم، والمتمثل بمعبر رفح، غير أن هنية قرر في أعقاب اغتيال الجنرال الإيراني، المشاركة في مراسم التشييع، ما أشعل غضب الجانب المصري.
وأضاف أن "القاهرة لم تجد مبررا للخطوة التي أقدم عليها هنية (المشاركة في تشييع سليماني والاجتماع بمسؤولين في إيران). وردت بفرض قيود على تصدير الغاز المصري إلى غزة، وإغلاق معبر رفح لبضعة أيام، وإدارة ظهرها إلى حماس"، في إشارة إلى دورها بالوساطة بين الحركة والسلطات الإسرائيلي في ما يتعلق بتنفيذ تفاهمات "التهدئة".
كما لفت إلى استياء حماس من وتيرة تنفيذ السلطات الإسرائيلية لالتزاماتها التي تتعلق بالتسهيلات الاقتصادية في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها القطاع، ما دفعها إلى حل اللجام وإرخاء الرسن لما وصفها بـ"النشاطات العنيفة"، وذلك بمسؤولية مباشرة، ليس عبر الإيعاز للجهاد الإسلامي أو للفصائل الصغيرة التي تصفها سلطات الاحتلال بـ"المارقة".
وبحسب هرئيل، فإن الجيش الإسرائيلي يحمل حماس مسؤولية إطلاق البالونات الحارقة بكثافة عالية إلى المناطق الجنوبية، والتي امتدت إلى جميع أنحاء النقب، كما وصلت إلى بلدة أسدود، وتسببت بذعر السكان في المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بالقطاع على مدار الأيام الماضية.
وشدد على أن التقديرات الأمنية الإسرائيلية، يفيد بأن حركة حماس تهدف بذلك إلى الضغط على المصريين لدفعهم إلى العودة لمهمة الوساطة مع إسرائيل، والسماح بحرية حركة البضائع والأشخاص عبر رفح؛ ولدفع السلطات الإسرائيلية إلى تسريع تنفيذ تفاهمات "التهدئة".
ووفقا لهرئيل، فإن حماس ترى في مراسم إحياء الذكرى الخامسة والسبعين لتحرير معسكر "أوشفيتز" التي تقيمها السلطات الإسرائيلية يومي 22 و23 كانون الثاني/ يناير الجاري، في القدس، بمشاركة 40 رئيس دولة بمن فيهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فرصة لتصعيد الضغط. وأضاف أنه "بالنسبة لحماس، هذه هي الظروف التي تخشى فيها إسرائيل من استخدام القوة في قطاع غزة، خشية أن يلقي التصعيد الأمني بظلاله على الأحداث السياسية الرسمية".
وذكر هرئيل أنه على الرغم من "استخدام حماس الظاهر للعنف، وإن كان على نظاق محدود، فإن تقييم أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لا تزال تؤكد أن حماس اختارت طريق ‘التهدئة‘"، وقال إن "استمرار تجميد مسيرات العودة وكسر الحصار الأسبوعية، وإيقاف عمل وحدة الإرباك الليلي، ووقف استخدام البالونات والطائرات الورقية الحارقة (حتى الأسبوع الماضي) تشهد على صدق تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، بأن حماس لا تزال معنية بـ"التهدئة".
وقال إن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية اجتمع في مناسبتين منذ بداية العام الجاري للبحث في مسألة غزة، دون إصدار أي تعليمات خاصة، حيث تم تثبيت "مسار التهدئة"؛ فيما لفت إلى عائقين رئيسيين أمام التقدم في تفاهمات التهدئة: "في المدى القريب، فإن سرعة التسهيلات الإسرائيلية لا تتناسب مع حجم التوقعات الفلسطينية. وعلى المدى البعيد، لن تكون إسرائيل مستعدة لرفع الحصار بالكامل عن قطاع غزة دون إحراز تقدم في إنجاز صفقة تبادل أسرى".