قال محمد اشتية رئيس الوزراء الفلسطيني، إن حكومته تعمل من أجل وقف التمييز ومحو خطوط الترسيم المصطنعة لتصنيف المناطق ما بين (أ) و (ب) و(ج)، وأنها تعتبر الضفة الغربية بأكملها منطقة واحدة لا يمكن أن تتجزأ.
وأوضح اشتية في مقابلة مع صحيفة هآرتس العبرية، إنه حكومته لا تميز بين تلك المناطق المصنفة، وأنها تعمل على تطوير وتنميتها جميعها معتبرًا بأن حادثة تدمير المباني في حي وادي الحمص شرقي القدس بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، بانتهاك إسرائيل الواضح لجميع الاتفاقيات والتي تحاول أن تظهر من خلالها أن كل الضفة الغربية هي مناطق (ج)، لكن بالنسبة للحكومة الفلسطينية حاليًا، وبالنسبة له بصفته رئيسًا للوزراء، فإن الضفة الغربية بأكملها هي منطقة (أ)، وبدون أي تصنيفات.
وأشار إلى أنه لا يوجد أي شيء في الاتفاقيات يمنع من تنفيذ مشاريع تطويرية في مناطق (ج) مشيرًا إلى أن نشاطات يتم تنفيذها في مناطق تمنع إسرائيل إيصال البنية التحتية لها مثل منطقة مسافر يطا في الخليل، حيث تم إمدادها بأنابيب مياه من قبل المجلس المحلي، إلا أن الإدارة المدنية الإسرائيلية دمرتها منذ أشهر.
وبين اشتية أنه اعتمد منذ بدء توليه الحكومة الفلسطينية، استراتيجية واضحة للانفصال عن التبعية للاحتلال الإسرائيلي، وتعزيز القدرة الانتاجية للاقتصاد الفلسطيني، بما في ذلك مجالات الزراعة والصناعة مشيرًا إلى أنه يعمد على ربط الأسواق المحلية بالدولية والاستيراد والتصدير منها وإليها مباشرة.
وقال "لا يوجد سبب لأن تكون علاقاتنا الاقتصادية مقتصرة على إسرائيل فقط، يجب أن يكون هناك تنويع للمصادر" مشيرًا إلى أنه تم التوصل لاتفاق مع العراق لبيع السلطة الفلسطينية الوقود بسعر منخفض، خاصةً وأن الوقود يعتبر أكبر النفقات لدى الحكومة، ويتم كل يوم شراء 3 ملايين لتر من إسرائيل، ويتم دفع 650 مليون شيكل إسرائيلي كل شهر، لكن الوقود العراقي المخفض سيحد من مصاريف الميزانية إلى حد كبير.
وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل لم ترد حتى الآن على طلب السلطة الفلسطينية من أجل السماح باستيراد الوقود من العراق عبر الأردن.
وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني أنه يعمل على إنشاء نموذج متطور من التنمية الاجتماعية والاقتصادية في كافة المناطق الفلسطينية، من أجل تحسين القدرة الانتاجية للقطاعات المختلفة.
ووفقًا للصحيفة، فإن حكومة اشتية عملت على تصنيف المناطق الفلسطينية ما بين زراعية واقتصادية وسياحية وبحرية في غزة، وعملت على زيادة سياسة الإقراض عبر البنوك للمشاريع الاستثمارية الخاصة لكبار التجار، بهدف زيادة الإنتاج وتطويره مشيرةً إلى أنه يجري حاليًا بناء 3 مصانع كبيرة في الخليل، ومنطقة صناعية في جنين.
وقال اشتية إنه سيتم قريبًا إنشاء أول منشأة رئيسية لإنتاج الطاقة الشمسية في جنين باستثمار سيصل إلى 100 مليون دولار مشيرًا إلى أن حكومته تركز بشكل خاص على خلق فرص عمل للشباب وفتح دورات للتدريب المهني.
وفي معرض رده على سؤال، حول الجدوى الاقتصادية من بناء وتطوير منطقة من الممكن أن تدمرها إسرائيل؟، قال "إن المسألة ليست اقتصادية، بل هي تعبير عن الإرادة السياسية، إذا قمنا فقط بحسابات الجدوى الاقتصادية والخسائر المادية، فلن يتم فعل شيء، من جانبنا هناك إرادة سياسية للحفاظ على وحدة الأراضي الفلسطينية، وهذا هو الشيء الأكثر أهمية، ولا يمكن لأي اتفاقية أن تمنعنا من تطوير أراضينا وزراعة الحقول وتحسين البنية التحتية، لا يوجد أي شروط تمنعنا من ذلك، وحين يدمر الإسرائيليون حقلًا أو مصنعًا أو غيره فهم من ينتهكون الاتفاقيات".
ولفت إلى أن السلطة الفلسطينية تواجه 4 حروب تشنها إسرائيل في وقت واحد، وهي حرب جغرافيةـ من خلال توسيع المستوطنات، والضغط الديموغرافي كما هو الحال من خلال هدم منازل الفلسطينيين في مناطق القدس و(ج) لإجبارهم على مغادرة تلك المناطق والتضييق عليهم، والحرب المالية بمصادرة أموال الفلسطينيين في ظروف مختلفة، وحرب على التاريخ والمقامات الإسلامية والمسيحية مثل المسجد الأقصى وقبر يوسف، والمسجد الإبراهيمي الذي تحاول إسرائيل فرض روايتها على تاريخ فلسطين المرتبط بهذه المناطق وغيرها.
واعتبر أن هذه الحروب تتم في ظل محاولات لزيادة البطالة والفقر، وعزل غزة، إلى جانب الانخفاض الحاد في الدعم وخاصةً الأميركي للأونروا والضربات الدبلوماسية التي قامت بها مثل نقل السفارة إلى القدس وإغلاق مقر منظمة التحرير في واشنطن.
وقال "نحن تحت الاحتلال، إسرائيل يمكن أن تضع حواجز، أو تعتقلني، أو تقتلني، أو ترحلني، لكن كل ما يمكن أن أقوله أنه لدينا طرق للتعامل مع الواقع المفروض علينا .. الوضع الراهن ليس ثابتًا، وهو متدهور، لا يوجد هنا في فلسطين شيء اسمه عمل معتاد، دائمًا هناك شيء غير عادي، ضربات وحروب تشنها إسرائيل ضدنا، وبمعجزة مطلقة نجتازها".
وبشأن الفساد، قال اشتية، إن الفساد موجود في كل مكان في العالم، وما يجري من خلافات فهو طبيعي مشيرًا إلى أن حكومته تعمل من أجل خدمة الشعب، وهي التي تتواصل مع المواطنين، ولذلك تعمل بثقة كاملة وتحارب الفساد، وتمارس مهامها بكل قوة.
وحول أزمة استيراد العجول من إسرائيل، نفى رئيس الوزراء الفلسطيني أن يكون ذلك بسبب تعزيز مستوردين على حساب آخرين، بل إن ذلك بهدف تنويع المصادر وتقليل الاعتماد على الاحتلال. مشددًا على أن الاتفاقية الاقتصادية مع إسرائيل لا تحظر الاستيراد من مصادر أخرى.
ورفض اشتية الانتقادات من منظمات غير حكومية حول التنمية، مبينًا إن هناك نمو اقتصادي بنسبة 1.9%، وأن ذلك يرجع إلى خفض الإنفاق، وتحسين تحصيل الضرائب، ومنه تهريب الوقود من إسرائيل. مبينًا أنه سيقدم خطته الاقتصادية الكاملة إلى الرئيس محمود عباس والجمهور الفلسطيني الشهر المقبل.
وقال "على الرغم من السرقة الإضافية لأموالنا الضريبية، التي قررها نفتالي بينيت، فإننا مستمرون، نريد دولة فلسطينية، ونسير على هذا النهج، وهذا هو الاتجاه الصحيح".
ونفى رئيس الوزراء الفلسطيني بشدة، الاتهامات بتخلي حكومته عن مرضى غزة، مؤكدًا أنه يتم تقديم خدمة طبية كاملة لسكان القطاع على الرغم من أنه لا يتم دفع التأمين الصحي.
وأكد أن حكومته تعمل على تقديم العلاج للمرضى في كل مكان، وسيتم مواصلة ذلك مشيرًا إلى أن التحويلات للمستشفيات الإسرائيلية متوقفة، وأنه لن يتم استئنافها في ظل الاستنزاف الكبير ماليًا لتلك الحوالات، خاصةً وأن الحكومة كانت تدفع 40 مليون شيكل شهريًا للمستشفيات الإسرائيلية، دون رقابة وإشراف، مشيرًا إلى أن المستشفيات الفلسطينية قادرة على معالجة المرضى وتقديم العلاج المناسب لهم، كما أنه يجري تحويل الحالات المستعصية لمصر والأردن.