رام الله: تأبين القائد الوطني الكبير أحمد عبد الرحمن

الإثنين 20 يناير 2020 10:32 م / بتوقيت القدس +2GMT
رام الله: تأبين القائد الوطني الكبير أحمد عبد الرحمن



رام الله / سما /

 اقيم اليوم الاثنين، في قاعة أحمد الشقيري بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، حفل تأبين للقائد الوطني الكبير أحمد عبد الرحمن، برعاية رئيس دولة فلسطين محمود عباس، وبحضور حشد كبير من الشخصيات الوطنية.

وفي كلمة نيابة عن الرئيس محمود عباس، قال نائب رئيس حركة "فتح"، عضو لجنتها المركزية محمود العالول: "إن الراحل يمثل في سيرته قصة جيل كامل من الشباب كانوا في مقتبل العمر وطلبة جامعات صدموا بهزيمة الأمة في عام 1967، فخرجوا عن احباطهم بالانتماء لحركة فتح، لتشكل بالنسبة لهم الأمل المفقود، بذلوا جهدا وشكلوا بحماس الشباب لديهم، عامل دفع واستمرار وديمومة لهذه الثورة، وأضافوا لها جوا من التفاعل الفكري والنظري عزز قدرتها على الاستيعاب للأعداد الكبيرة التي تدفقت على الثورة بعد معركة الكرامة، وأيضا قدرتها على التنوع والديمومة".

وأضاف:" هذا الجيل منه أحمد عبد الرحمن بدأنا نفقده إما بفعل الاستشهاد او بفعل تقدم العمر، تاركا خلفه فراغا كبيرا نحتاج الى جهد كبير لملئه وهذا ليس سهلا، وذلك لأن المناخ الذي ساهم في تكوين جيل الأحمد وصقل قدراتهم، وهو حالة التمازج بين التفاعل الفكري والنظري مع جذوة وحصاد البنادق، ومتعة الصمود، وجلال تلك المواقف، لم يعد موجودا الآن".

وتابع: "أحمد تخصص في الجانب الفكري والنظري والاعلامي، فأنا اعرفه وهو في احدى القرى في ريف درعا، حيث كان يقود اذاعة صوت العاصفة هناك، كنت اتردد عليه لحاجتنا لارسال نداءات الشيفرة عبر الاذاعة للمجموعات في الداخل وخلف خطوط العدو في فترة القطاع الغربي، ولأهمية الاعلام وهو وسيلة التواصل للثورة مع جماهيرها كان هدفا لغارات وقصف العدو، فتعرضت الإذاعة في اماكن تواجدها لمرات عديدة لعمليات القصف، والتي نجا منها أحمد باعجوبة وحاول الشهيد أبو جهاد أن يحل هذه المشكلة للحفاظ على الشباب بأن يعمل اذاعة متحركة على شاحنة تبث اثناء حركتها وتنقلها، حتى لا يسهل قصفها من قبل العدو".

وأردف العالول: "ليس هذا الخطر الوحيد، بل لأنه أيضا الناطق باسم الثورة كان يتعرض لعمليات الاعتقال والملاحقة كلما اختلفنا مع احدى الأنظمة، لأنه متخصص بالكلمة والكلمة لا تحاصر فكان رفيقا لنا في كل حصار، من خلاله يتواصل مع وسائل الاعلام او نوجد له اذاعة في ظل الحصار، وينظم الحملات الاعلامية والعلاقة مع الصحفيين، ولاننا التقينا في كل حصار، قلت له مداعبا ونحن نتمشى على شاطئ البحر في طرابلس أثناء حصارها، يخيل لي يا احمد بأن محمود درويش في قصيدة أحمد الزعتر كان يقصدك وهو يقول:

" صار الحصار هجوم أحمد

والبحر طلقته الأخيرة"

وأشار العالول الى أن الراحل كان جزءا من حالة التنوع والتعدد في الساحة الفلسطينية، وهذا ما اشير له دائما بمقولة دع ألف زهرة تتفتح ويضيف عليها ياسر عرفات في بستان فلسطين.

وقال: "لذلك شاب علاقتنا تباين في بعض المراحل لكنه لم يفسد للود قضية، فرغم وجودنا في موقعين مختلفين في حالة التعدد وطبيعة احمد المشاكس جدا في الحوار، وربما المتشدد في الدفاع عن موقفه ورأيه السياسي...، الا أن ما يجمعنا سواء على المستوى الشخصي او في إطار فتح ، كان دائما اقوى من ان يؤثر به أي تباين".

وأضاف: "استمر ابو يزن في عمله وتأثيره في العديد من الجوانب وتحديدا الجانب الاعلامي، فحينما كان رئيسا لتحرير فلسطين الثورة، التي شكلت منبرا اعلاميا هاما وذو تأثير كبير جدا، ومن خلالها استقطب عدد كبير من المفكرين والكتاب في العالم العربي وأصبحت منتدى يلجأ اليه كل مفكر وكاتب مضطهد في بلده ليجد لدينا في فلسطين الثورة ملاذا له، هي حالة حولت بيروت في تلك الفترة الى مركز ثقافي واعلامي وتنويري كبير، وكان لفلسطين الثورة وأحمد تأثير آخر على اتجاه القرار لقربه من القيادة ودرجة ثقتها برؤيته.

وتابع: "ودعنا أحمد صاحب التجربة المميزة وهو رجل شكل مثلا وقدوة للكثير من الشباب، ولا بد دائما من التفكير ونحن ننعى شهيدا او بطلا أو رجلا صاحب قدرة وتأثير- فليس المهم ما نتحدثه عنه، بل الأهم كيف نتابع دربه ونهجه ونستعيد تجربة متألقة، ففي حالة كالتي نحن بها لا بد من التفكير كيف نعيد الاعتبار للحياة الثقافية في التجربة الفلسطينية، وايضا كيف نتابع ما حاول أحمد انجازه قبل الرحيل، حين بدأ الكتابة عن تجربته في الثورة والى جانب ياسر عرفات، وكنا نأمل ان يمهله الموت حتى يستكمل ذلك، لأن في هذا توثيق لتجربة كبيرة نحن بحاجة ملحة لها، هي مسألة هامة بمتابعة اثر الراحلين واستعادة تجربتهم، وهذا افضل من الاستمرار بالحديث عن مآثرهم فقط والألم على فراقهم، هم في موقع ينظرون منه الى الاستمرار بتجربتهم، وهنا لا يجدي بالنسبة لهم حدادا او تنكيس رايات، فالموت لا يوجع الأموات، بل يوجع الأحياء".

وأردف: "رحل أحمد وهو صاحب تجربة وخبرة اكتسبها عبر المسيرة الطويلة، رحل ونحن بحاجة على الاقل لهذه الخبرة والحكمة لتساعدنا على الاستمرار والتصرف في الظروف الصعبة والضغوط والتحديات الكبيرة التي نعيشها، وتستهدف تطويعنا ودفعنا لتقديم تنازلات عن ثوابتنا ولأن المطلوب تقديمه جوهري ومتعلق بالعقيدة والتاريخ والمستقبل بالقدس والعودة والسيادة والاستقلال، اخذنا موقف الرفض لكل افكارهم والعلاقة معهم، مؤكدين على مقولة صديقك محمود درويش امريكيا هي الطاعون والطاعون امريكيا".

واضاف: "ونحن نخاطبك يا ابا يزن نؤكد لك ولكل الشهداء ان مسيرتكم التي استمرت 55 عاما حتى الآن ستتواصل ولن تنتهي الا بتحقق أهداف شعبنا بالحرية والاستقلال".

وقالت زوجة الراحل في كلمة باسم عائلته: "أتقدم بوافر الشكر والعرفان وعظيم الامتنان للرئيس محمود عباس، على ما حبانا به من حب ورعاية ومتابعة منذ لحظة وفاته، وذلك لم يكن غريبا عليه، فقد تعودنا على اهتمامه ورعايته التي لم تتوقف يوما".

وأشارت إلى أن رحيل المناضلين ومنهم أحمد عبد الرحمن في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها قضيتنا، يمثل بلا شك خسارة كبيرة لشعبنا، لرجل صاحب فكر مستنير، ورأي سديد وحكمة لم تغادره طيلة حياته، خسارة لرجل عاصر الثورة منذ بدايتها، وكان ملازما لرفيق دربه الشهيد الخالد ياسر عرفات، الذي بقي مسكونا به، ومؤمنا بفكره ومدرسته، وبقي مدافعا عنه حتى بعد استشهاده.

وتابعت زوجته: مثل الراحل في أدق وأصعب المراحل جهازا إعلاميا وسياسيا متنقلا، متخطيا كل عائق، في سبيل تحقيق الهدف بحماية الشرعية الوطنية، والحفاظ على منظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا لشعبنا الفلسطيني.

وأكدت أن اجتماع اليوم لتأبين أحمد عبد الرحمن في قاعة القائد المؤسس أحمد الشقيري، إنما هو دلالة اليقين، أن شعبنا وفيّ لمناضليه، وحافظ لتاريخهم، واليوم تبادلك فلسطين حبها مثلما أحببت وأكثر، وستبقى صورتها في ذاكرتنا ووعينا، كما رسمتها ووثقتها، عصية على التشويه، كبيرة على الإقصاء.

وفي كلمة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أكد أحمد مجدلاني أن الجميع عرف احمد عبد الرحمن كانسان وناطق باسم المنظمة ورئيسا لمجلة فلسطين الثورة، وانه كان له دور بارز في الدفاع عن الحلم والمشروع الوطني التحرري، وان كل من عرفه ترك فيه اثرا او قصة او حدث او موقف، فالكل عرفه بمناقبه واخلاقة وحبه وقربه لمن عرفه، فكان مناضلا صلبا، واهم ما ميزه انتماءه لفلسطين، ولم يكن يوما الا ناطقا باسم فلسطين.

وقال: "عرفناه من اوائل المتابعين، ومن يتصدر للدفاع عن القرار الوطني الفلسطيني المستقل في الوقت الذي كان هذا القرار محرم".

من جانبه، قال عباس زكي، في كلمة اللجنة المركزية لحركة فتح، "هذا اللقاء لتكريم من يستحق التكريم، فكان رجلا ليس عاديا، انما كان من أهم القامات الواعدة، صاحب الفكر والموقف والمستقبل والكاتب والاداري، كان هذا الرجل في مرحلة راعته النكبة السوداء وايضا النكسة، اقتنع انه يجب ان يضحي من اجل هذا الوطن لانه يرفض الذل والهوان" .

واستذكر زكي مواقف نضالية للراحل، ومساهمته في مسيرة الاعلام الفلسطيني، وانه وبجهده اصبح لفلسطين متحدث في الجامعة العربية، اضافة الى تفانيه في عمله الوطني خلال مسيرة حياته، رغم خطورة المهام التي كان يقوم بها.

وفي كلمة فلسطينيي عام 48 التأبينية، اعتبر رئيس الحزب الديمقراطي العربي، المحامي طلب الصانع، أن مسيرة حياة المناضل الراحل أحمد عبد الرحمن، هي ذاتها "مسيرة حياة شعبه بحله وترحاله، فهو ابن النكبة وابن المقاومة، وهو صوت فلسطين الصادح بالمقاومة والأمل، ينشد الحرية والسلام، يتجاوز الحصار ليزرع بذور الأمل ويشحن الهمم بالعزم والإرادة".

وقال الصانع: "فقدته فلسطين، كل فلسطين من أقصاها الى أقصاها، من اللاجئين في مخيمات اللجوء الى المقاومين ضد الاحتلال الى المنزرعين في الجليل والمثلث والنقب، في اللد والرملة ويافا، هؤلاء الذين رغم الحكم العسكري والتمييز لم يخضعوا ولم يركعوا وأصبحوا رأس الحربة في النضال للحفاظ على الذاكرة وهوية الأرض والوطن وتحويل الدوغرافيا الى قوة سياسية مؤثرة للانتصار للجغرافيا".

وتم خلال التأبين الذي تولى عرافته رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين مراد السوداني، عرض فيلم قصير من إعداد تلفزيون فلسطين، تناول أهم محطات مسيرة الراحل النضالية وشهادات لمن عايشوه خلال فترة نضاله الطويلة.