دعا رئيس الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، الدول الأوروبية، إلى فرض عقوبات اقتصادية على إيران، مشددا على أن إسرائيل "لن تسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووي".
جاء ذلك في أعقاب إعلان الدول الأوروبية الموقع على الاتفاق النووي (فرنسا، بريطانيا وألمانيا) بتفعيل آلية فض النزاع المنصوص عليها في الاتفاق، في ظل انتهاكات طهران المستمرة للاتفاق، لكنها أكدت أنها لم تنضم إلى حملة الضغوط القصوى الأمريكية على الجمهورية الإسلامية.
وقال نتنياهو في شريط مصور نشره على حساباته الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، وتم تعميمه على وسائل الإعلام، إن إسرائيل "تعلم تماما ماذا يحدث في البرنامج النووي الإيراني"، وأضاف "إيران تعتقد أنها ستحصل على سلاح نووي، وأنا أكرر وأقول، إسرائيل لن تسمح لإيران بامتلاك الأسلحة النووي بأي شكل من الأشكال".
بينما أعلنت موسكو أنها "لا ترى سببا لتفعيل آلية فض النزاع الواردة في الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع الدول الكبرى عام 2015"، ونقلت وكالة "تاس" الروسية للأنباء، عن وزارة الخارجية، قولها إن تفعيل الآلية ربما يجعل من المستحيل العودة إلى تنفيذ الاتفاق.
وحذرت موسكو أن تؤدي الخطوة الأوروبية إلى "تصعيد جديد"، وذكرت الخارجية "لا نستبعد أن تؤدي تصرفات الأوروبيين اللاعقلانية إلى تصعيد جديد بشأن الاتفاق النووي الإيراني".
وقالت الخارجية الروسية إن "أسباب صعوبة تطبيق الاتفاق معروفة على نطاق واسع وليست مرتبطة بإيران" بل بانسحاب الولايات المتحدة الأحادي من الاتفاق.
وأشارت الوزارة إلى أن برنامج إيران النووي "لا يزال تحت السيطرة المستمرة للوكالة الدولية للطاقة الذرية"، وأن مستوى الإشراف "غير مسبوق" من حيث نطاقه. وأضافت أنه "رغم كل التحديات، فإن الاتفاق النووي الإيراني لم يفقد معناه".
بدورها، رفضت إيران قرار الدول الأوروبية، بتفعيل آلية فض النزاع، واصفة ذلك بأنه إجراء "سلبي"، لكنها عبرت عن استعدادها للنظر في أي مسعى بناء لإنقاذ الاتفاق، جاء ذلك في بيان صدر عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، نشر على موقع الوزارة.
وقال موسوي إن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية لديها -كما كان في السابق- استعداد تام لدعم أي (إجراء) يقوم على نوايا طيبة وأي جهد بناء لإنقاذ هذا الاتفاق الدولي المهم"، لكن موسوي أوضح أن طهران سترد بجدية وحزم على أي إجراء مدمر من قبل أطراف الاتفاق.
ماذا يعني تفعيل آلية فض النزاع؟
وفي هذا السياق، نقلت وكالة "رويترز" عن دبلوماسيين أوروبيين، أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا ستخطر الاتحاد ألأوروبي، اليوم الثلاثاء، بتفعيل آلية فض النزاع.
وبمقتضى الآلية الواردة في الاتفاق، يقوم الاتحاد الأوروبي بعد تلقيه إخطار الدول الثلاث بإخطار الأطراف الأخرى وهي روسيا والصين وإيران نفسها.
وبعد ذلك تكون هناك مهلة 15 يوما لحل النزاع، وهي مهلة يمكن تمديدها بالتوافق. ويمكن أن تؤدي العملية في النهاية إلى إعادة فرض العقوبات المنصوص عليها في قرارات سابقة للأمم المتحدة.
ما هدف الخطوة الأوروبية؟
وقال الدبلوماسيان الأوروبيان، بحسب "رويترز"، إن القرار يهدف إلى إنقاذ الاتفاق من خلال التحاور مع إيران بشأن ما ينبغي أن تفعله للعدول عن القرارات التي اتخذتها.
وقال أحد الدبلوماسيين "في مرحلة ما علينا أن نظهر مصداقيتنا".
وقال الدبلوماسي الآخر "نيتنا ليست ’إعادة‘ فرض عقوبات الأمم المتحدة، لكن أن نحل خلافاتنا من خلال الآلية ذاتها التي تم إيجادها في الاتفاق".
ويقول ترامب إن هدفه من الانسحاب من الاتفاق النووي هو إجبار إيران على التوقيع على اتفاق أكثر صرامة. وتقول طهران إنها لن تتفاوض من جديد ما لم ترفع واشنطن العقوبات التي أعادت فرضها.
وفي وقت سابق، اليوم، قالت الدول الأوروبية الثلاث في بيان مشترك "نحن لا نقبل التذرع بأن لإيران الحق في الحد من الالتزام بالاتفاقية"، موضحة أنه لم يُعد أمامها خيار سوى تفعيل الآلية التي يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى فرض عقوبات دولية على طهران. وأضافت "بدلا من عكس المسار، اختارت إيران تقليص الالتزام بشكل أكبر".
وتخلت طهران أكثر عن التزاماتها بموجب اتفاقية عام 2015 مع القوى العالمية الست، بإعلانها في السادس من كانون الثاني/ يناير الجاري، أنها ستلغي القيود المفروضة على تخصيب اليورانيوم، مع أنها قالت إنها ستواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأردف بيان الدول الثلاث "فعلنا ذلك بنية طيبة بهدف شامل هو الحفاظ على الاتفاق النووي، وبأمل مخلص في إيجاد وسيلة للسير قدما تجاه حل الأزمة من خلال حوار دبلوماسي بناء، مع الحفاظ على الاتفاق والاستمرار ضمن إطاره".
وفي مسعى لإبقاء الباب مفتوحا أمام حل دبلوماسي، قالت الدول الثلاث إنها لم تنضم للحملة الأميركية لممارسة أقصى ضغط ممكن على إيران. وأضافت "بالنظر للأحداث الأخيرة، من المهم للغاية ألا نضيف أزمة انتشار نووي للتصعيد الراهن الذي يهدد المنطقة كلها".
وحاول حلفاء واشنطن الأوروبيون منع انهيار الاتفاق النووي بعد أن أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، انسحاب الولايات المتحدة منه في عام 2018.
وبمقتضى الاتفاق تم رفع العقوبات الدولية عن طهران، مقابل موافقتها على تقييد برنامجها النووي. لكن واشنطن أعادت فرض العقوبات الأميركية مما حرم طهران من معظم الثمار الاقتصادية للاتفاق النووي.
وردت إيران بتجاوز تدريجي لكثير من القيود التي وافقت عليها في الاتفاق، وقالت هذا الشهر إنها ستتخلى عن القيود على إنتاج اليورانيوم المخصب، وهي خطوة قال الأوروبيون إن من المرجح أنها ستضطرهم للرد.