قال الفنان التشكيلي العراقي نبيل علي إن الأوضاع في العراق فرضت نفسها بقوة على الحركة الفنية بالبلاد وأن الثورة ببلاده أفرزت فنانين مهمين كُثَرٌ، وساهمت في تطور أفكار الكثير من التشكيليين العراقيين، وأن معاناة المواطنين على مر سنوات طوال خلقت فنا حقيقيا بالعراق.
وأشار الفنان العراقي ، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) ، مساء أمس على هامش مشاركته بالدورة الـ 12 لملتقى الأقصر الدولي للتصوير والمقام بمدينة الأقصر في صعيد مصر، خلال الفترة من 5 وحتى 19 من الشهر الجاري بمشاركة 19 فنانا مصريا وعربيا وأجنبيا وتنظمه وزارة الثقافة المصرية ، إلى أن الفنانين ببلاده تأثروا تأثرا كبيرا بالثورة وأسهموا في توصيل رسالة سياسية مهمة عبر أعمالهم التشكيلية.
وكشف عن أن معاناة الشعب العراقي حاضرة بقوة في أعماله، وأن أول معرض له تناول فيه مفردة القارب الورقي في تعبير عن المعاناة الدائمة للعراقيين، وما يتعرضون له من مخاطر وأهوال خلال محاولاتهم للهجرة بحثا عن الأمن والأمان.
ولفت إلى أنه قدم الكثير من اللوحات التي تصور الأوضاع المتردية في العراق عاما بعد عام، مثل مذبحة قاعدة سبايكر ودخول داعش لبلاده، وأنه يعمل على أن يكون الفن التشكيلي أداة لتوثيق ما يجري على أرض العراق ووسيلة لتوصيل رسالة عن معاناة العراقيين من جرائم القتل والفساد.
وتابع أن تاريخ العراق واحياءه الشعبية هي موضوعات حاضرة في أعماله التشكيلية مثل رموز الحضارات العراقية المتعاقبة كالبابلية والسومرية، وعمارة " الشناشيل" وهى العمارة البغدادية التي يزيد عمرها على 150 عاما، وأن الكثير من أعماله فيها روح العراق القديمة.
وحول حضور الرجل والمرأة في لوحاته، قال علي إن الرجل يحضر في لوحاته بشكل هامشي، وأن المرأة الحبيبة هي الأكثر حضورا في لوحاته بجانب المرأة في ميادين الثورة، فهي الحاضرة أما وأختا وحبيبة.
وأكد علي أن الحركة التشكيلية العربية قوية ومتفردة، وأن تجاه القليل منهم لاستلهام أعمالهم من الغرب والاقتداء بفنانين غربيين، هو أمر خاطيء ، لافتا إلى أن الكثير من الأجيال الفنية المعاصرة بالبلدان العربية نجحوا في الجمع بين الأصالة والمعاصرة، والمحلية والعالمية في آن واحد.
وأضاف أن الشرق هو الأكثر ثراء وغني بموضوعاته وطبيعته وتاريخه ومعالمه، وهو الأقرب إلى قلب كل فنان، مشيرا إلى أنه يستهويه الشرق بكل تفاصيله وهو الملهم له، وأنه كثيرا ما يرسم الخيل العربي كأحد المفردات العربية والشرقية البارزة.
وحول ما يثار عن معاناة التشكيليين العرب وعدم وجود آليات لتسويق أعمالهم، قال الفنان العراقي نبيل علي إن تلك المعاناة تتفاوت من بلد لآخر ومن شخص لآخر، وأنه استطاع أن يسوق أعماله وباتت تلك الأعمال هي المصدر الأكبر لتدبير نفقات حياته، ، مشيرا إلى أن اجتهاد الفنان وحرصه على تقديم فن حقيقي له دور كبير في تسويق أعماله.
وحول مشاركته بملتقى الأقصر الدولي للتصوير قال علي إنه يزور مدينة الأقصر الغنية بآثار الفراعنة للمرة الأولى، وأنه شعر بانبهار كبير حين شاهد المعابد المصرية القديمة وأعمدتها الشاهقة وتماثيلها الضخمة ومقابرها ونقوشها ورسومها، وهى فنون مبهرة وحضارة يصعب على العقل أن يستوعبها.
ولفت إلى أنه تأثر كثيرا بما شاهده من فنون على جدران معابد ومقابر قدماء المصريين في الأقصر وأن العمل الذى رسمه بالملتقى استوحاه من معابد الفراعنة في الأقصر.
وأضاف أنه من الأشياء المهمة أن يشارك الفنان بمثل تلك الملتقيات التي توفر فرصة فريدة للالتقاء بفنانين من ثقافات متنوعة، تتبادل معهم الأفكار والرؤى والتجارب، واصفا ملتقى الأقصر بأن له خصوصية تتمثل في وجود انتقائية في اختيار المشاركين مع الحرص على تنوع ثقافتهم وتعدد مدارسهم، وهو الأمر الذى منح الملتقى صقلا وطبيعة خاصة.
يذكر أن الفنان التشكيلي العراقي نبيل علي يعمل أكاديميا بقسم التربية الفنية بكلية التربية الأساسية ببغداد، وعضو بنقابتي الفنانين العراقيين، والفنانين التشكيليين العراقيين، وشارك بأعماله في الكثير من المعارض المحلية والدولية في العراق ومصر والأردن، ومن معارضه الخاصة معرض " للأنثى حديث وموسيقى " وأقيم بالعاصمة الأردنية عمان، ومعرض "قوارب ورقية " وأقيم بقاعة كحيلة للفنون بالعاصمة المصرية القاهرة.