تحليل.. ترامب ونتنياهو.. تصرفات متشابهة في ضوء محاولات عزل الأول وسجن الثاني

الجمعة 22 نوفمبر 2019 09:48 م / بتوقيت القدس +2GMT
تحليل.. ترامب ونتنياهو.. تصرفات متشابهة في ضوء محاولات عزل الأول وسجن الثاني



واشنطن/ وكالات/

منذ وصولهما للحكم، سلّط خبراء وإعلاميون الضوء على ما يشترك به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من نزعات الفردية والانتهازية، وكره الإعلام وإلقاء اللوم عليه، وكذلك الاستخفاف بالقانون والشعور أنهما فوقه، ومحاولاتهما التملّص من كل فضيحة والاستعداد للتحالف مع الشيطان لتحقيق مكاسب سياسية وشخصية.

المُحبّون لترامب ونتنياهو أو المبغضون، يرون أنهما يعتمدان على نفس آلات وقواعد الدعم المالي والانتخابي التي تعمل في الولايات المتحدة وإسرائيل، مثل اللوبي الإسرائيلي في واشنطن "إيباك"، وحركة التبشيريين اليمينيين المسيحيين، وكذلك على ذات الممولين مثل شيلدون آدلسون وروبرت ميرسر وغيرهم. بل إنهما يتشاركان على المستوى العائلي، عن طريق صهر ترامب، جاريد كوشنر، الذي كان نتنياهو يقضي الليالي الكثيرة في غرفته لدى زيارته نيويورك، كما أن والد كوشنر دعم نتنياهو ماليًا منذ تسعينات القرن الماضي.

الرجلان اعتمدا كذلك على ذات الطواقم من المحامين للدفاع عن مصالحهما الشخصية مثل المحامي آلين ديرشوتز، وعدد كبير من المحامين الآخرين مثل عمدة نيويورك السابق رودي جولياني الذي يقع الآن وسط عاصفة جدل جلسات الاستماع في الكونغرس الأميركي المنعقدة من أجل عزل الرئيس ترامب، بالإضافة إلى سفير ترامب في إسرائيل ديفيد فريدمان، ومبعوث ترامب السابق جيسون غرينبلات (محاميا الإفلاس والعقارات).

ومن المعروف عنهما أيضًا (ترامب ونتنياهو) حُبّهما للاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، وإسقاط تعبيرات مثل أراض محتلة وغيرها الكثير من تبني نفس القيم والفلسفة في حياتهما السياسية والشخصية، إلى جانب كرههما للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

ولعلّ يوم أمس الخميس سيسجل في التاريخ كيوم سقوط الرجلين، ترامب ونتنياهو، من حصانة الحكومة التي تمتعا بها، فبينما كان الأميركيون يشاهدون شهادات الرسميين وغير الرسميين وهم يوجّهون أصابع الاتهام إلى الرئيس الأميركي وفساده بشأن استخدام مركزه للاستفادة الشخصية والسياسية عبر "الرشوة" والابتزاز في الكونغرس الأميركي، الأمر الذي قد يؤدي إلى عزله من منصبه (على الأقل في مجلس النواب الأميركي)، أعلن النائب الإسرائيلي العام أفيحاي ماندلبليت عن توجيه تهم جنائية ضد نتنياهو في ثلاث قضايا فساد منفصلة.

ردّ ترامب ونتنياهو على الاتهامات الموجّهة لهما بدا متقاربًا، فقد وجّها الشتائم بنفس اللغة والأسلوب للقضاء والإعلام وأصرّا على أنهما أبرياء، وضحية لمؤامرة من أعدائهما السياسيين.

في واشنطن، المدافعون عن الرئيس الأميركي ومنتقدوه، مثل المحلل السياسي المتطرف مارك ليفين (الذي يستميت دفاعًا عن ترامب ونتنياهو في برامجه) أو السيناتورة إليزابيت وورن، التي تخوض الانتخابات للترشح الديمقراطي في مواجهة ترامب في تشرين الثاني المقبل، أشارا إلى أوجه الشبه بين جلسات التحقيق للعزل في مجلس النواب ومشاكل نتنياهو القانونية، ورسما خطوط المعركة مع وضد ترامب ونتنياهو: الأول يواجه إجراءات عزل قد تؤدي إلى إزاحته من منصبه، والثاني متهم بالرشوة والاحتيال، ويخوض معركة من أجل عدم الذهاب إلى السجن.

بعد إعلان ماندلبليت عن توجيه تهم جنائية ضد نتنياهو، كتبت السيناتورة وورن على موقع "تويتر"، أن "نتنياهو متهم بقبول رشاوى والمتاجرة بمزايا حكومية والتلاعب بصحافة حرة". وأضافت "مثل صديقه دونالد ترامب، لن يتوقف عند أي شيء لإثراء نفسه والبقاء في السلطة. لا مكان لهذا الفساد الصارخ في أي دولة ديمقراطية – سأحارب ذلك في الداخل والخارج".

أما مذيع البرامج الإذاعية اليميني المتطرف مارك ليفين فكتب على تويتر: "لا، لا تتنحى يا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. لقد راجعت هذه الاتهامات بعناية وهي مثيرة للغضب. هذا اعتداء على حرية الصحافة، والتحقيق كان فاسدًا. والإعلام عندكم أسوأ بأشواط من الإعلام لدينا". وفي تغريدة منفصلة، وازى ليفين، الذي لديه أكثر من 1.8 مليون متابع على تويتر، بين عدم الشرعية في الاتهامات ضد نتنياهو وتلك التي كانت تجري في جلسات التحقيق في إجراءات عزل ترامب، وقال "دولة حرة أخرى تدمر نفسها من الداخل".

المثير للانتباه هو أن تعليقات ليفين رددت تصريحات نتنياهو نفسها، الذي علق على الإعلان بتوجيه الاتهامات ضده من خلال إلقاء خطاب متلفز اتهم فيه الشرطة والنيابة العامة بـ"محاولة انقلاب" ورفض المطالبة له بالتنحي عن منصبه إلى ما بعد المحاكمة على الأقل.

وكتب مات دوس، مستشار السياسة الخارجية للسناتور بيرني ساندرز، الذي يُعتبر من منتقدي نتنياهو: "أشعر بالغيرة من زملائي الإسرائيليين لأن لديهم نائب عام لم ينل منه الفساد السياسي".

وفيما يشير الخبراء إلى أن ترامب ونتنياهو استخدما أساليب مشابهة لشحذ قواعد مناصريهم، احتج ألان ديرشوفيتس، المحامي المعروف في أميركا، وهو مدافع دائم عن ترامب، ومناصر متشدد لنتنياهو، وشكك في دوافع نظام القضاء الإسرائيلي. وقال لموقع JNS الإخباري اليهودي الأميركي: "أعتقد أننا نشهد تسليحًا للعدالة الجنائية لأغراض سياسية".

وكان ديرشوفيتس، الذي يظهر كثيرًا على شبكة CNN، جزءًا من فريق قانوني قدّم رأيًا قانونيًا لماندلبليت زعم فيه أن اعتبار سعي نتنياهو للحصول على تغطية إعلامية ايجابية كرشوة يشكل "تهديدًا خطيرًا" على حرية الصحافة.

وعلى الرغم من إصرار نتنياهو على عدم التنحي عن منصبه، فقد اعتُبر الإعلان عن توجيه اتهامات ضده بمثابة أخبار سارة في صفوف المجموعات اليهودية الأميركية الليبرالية التي تعتبر نتنياهو عقبة أمام حل الدولتين والسلام مع الفلسطينيين.

منظمة "تروعاه"، وهي مجموعة حاخامية أميركية تقدمية، نشرت تغريدة قالت فيها "يؤكد توجيه الاتهامات ضد نتنياهو ما كنا نقوله طوال الوقت: إنه يضع مصالحه الخاصة أولًا". وأضافت المنظمة: "نتطلع قدمًا لقيادة جديدة وحقيقية قادرة على تحقيق العدل والسلام للإسرائيليين والفلسطينيين".

وفيما يواجه ترامب إجراءات لعزله في مجلس النواب الأميركي بسبب مزاعم بأنه استخدم أموال مساعدات كوسيلة للضغط على مسؤولين أوكرانيين للتحقيق بشأن نجل نائب الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، الذي يُعتبر وفق استطلاعات الرأي (حتى الآن) المرشح الأوفر حظًا للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة، إلا أنه على عكس ما يحدث في إسرائيل، لا يمكن توجيه اتهام إلى رئيس أميركي بارتكاب جريمة أثناء وجوده في منصبه، على الرغم من أنه يمكن للمشرّعين توجيه اتهامات ضده وعزله من منصبه، رغم أن فرص نجاح هذه الإجراءات ضئيلة، كون الجمهوريين يسيطرون على مجلس الشيوخ، الذي يجب أن يصوت على إدانة الرئيس في إطار محكمة لعزله.

وشهد هذا الأسبوع تقديم شهادة مدمرة ضد ترامب من أعضاء في إدارته، بينهم دبلوماسيون اختارهم هو بنفسه، حيث شهد السفير الأميركي لدى الاتحاد الأوروبي، غوردون سوندلاند، الذي حصل على منصبه مقابل مليون دولار تبرع بها لحملة ترامب عام 2016، قائلًا لأعضاء مجلس الشيوخ إن ترامب وجهه للضغط على أوكرانيا للتحقيق بشأن بايدن ونجله، وقال لقد اتّبعنا أوامر الرئيس.

ولم يعلق ترامب على مشاكل نتنياهو القانونية، على الرغم من أنه يُنظر إلى الاثنين باعتبارهما حليفين مقربين للغاية.