الأرض الخضراء والأرض الجدباء ،،، عبدالسلام عبيد

الثلاثاء 19 نوفمبر 2019 11:19 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الأرض الخضراء والأرض الجدباء ،،، عبدالسلام عبيد



الأوطان السعيدة يقودها رجالها الصادقون نحو العز والمجد ، ويتكاثف أبناؤها المخلصون لدفعها نحو الرقي، وتسودها روح المحبة ونكران الذات من أجل تحقيق المصلحة العامة ، فأمام الوطن تهون كل المصالح الذاتية، وتتلاشى جميع الرغبات في سبيل العزة والكرامة,

"مفارقة مؤسفة ومحزنة بين قادة الحركة الصهيونية الذين حصنوا دولة الاحتلال قبل قيامها، وبين واقع قيادتنا في التنازع على الحكم والمكاسب قبل تحرير العقل والأرض وبناء أسس الدولة "

منطق أعوج وأهوج بلغة "أنا أو الطوفان" ،حسابات خاطئة وخطط ارتجالية ونرجسية تقتل كل الطموح والأحلام لمحاولة احتكار الحكم للأفراد والأحزاب بلا ضوابط ولا محرمات ، يقابلها خنوع واستعباد الشعوب، ومازال الواقع يدار بالمؤامرات نحو الفساد والاستبداد بالإملاءات الخارجية والثغرات الداخلية، هكذا تعيش البلاد في ظل شعب رضي بكل الزعامات يعيشون حياة البؤساء والضعفاء ،فالحل ليس في تغيير الحكام والأحزاب، وما أدل على ذلك ما حصل في دمشق وبغداد ،لا جدوى من تغيير الحكام مادامت الشعوب لم تغير ما في داخلها،

فإذا أردنا أن ننهض وأن نتقدم لابد من أن نغير ما في داخلنا لننتزع الحرية أولاَ وننشر كل القيم والأخلاق الصحيحة في ثقافتنا وتربيتنا للأجيال القادمة وليس مجرد تغيير للأنظمة والأحزاب ، وما أدل على ذلك ما حصل في تركيا أثناء الانقلاب وكيف كان ردة فعل الشعب الواعي وأسقط كل المؤامرات متمسكا بكل الحقوق بعيدا عن التبعية والأجندات الخارجية والمكاسب الوهمية.

لذلك لا بد من مقاومة الفساد والظلم وهنا يكمن معنى المقاومة الحقيقية الداخلية قبل الخارجية بالتمسك بالحقوق وبالمقابل لا يمكن نيلها إذا كان الكل مخل بالواجبات، فالتغيير يبدأ من الفرد بإصلاح نفسه وينتقل الى الأسرة ومن ثم الى المجتمع بتغيير النفوس والعقول والوعي المتنامي للوصول الى تغيير شامل بصلاح المواطنين وصلاح الأوضاع...

وفي شاهدة واقعية سأل أحد قادة الاتحاد السوفيتي مسؤولاً أميركياً رفيع المستوى سؤالاً جوهرياً وحساساً: كيف استطعتم هزيمتنا وهدم الإمبراطورية دون أن تطلقوا رصاصة، أو تتكبدوا قتيلاً واحداً في ساحة الحرب؟ كان الجواب صاعقاً إننا صدرنا لكم أسوأ العناصر خبرة وأكثرها فساداً، لتأخذ بزمام القيادة والريادة في بلدكم،،،المثال السابق يوضح بأن الدول القوية تنهار بالفاسدين والضعيفة لن تقوم لها قيامه حتى يغيروا ما بانفسهم،

إنني أزعم بأن مجابهة الفاسدين والظالمين فرض عين تقره جميع الشرائع الدينية والنواميس الوضعية فالحق أحق أن يتبع وإلا فإن تتولوا يستبدل قوما غيركم هذه سنة الله في الأرض لا تبديل ولا تغيير عليها ،

وهنا اضرب مثلا لنهضة تركيا وماليزيا الحديثة بكل اختصار في ظل المؤامرات والتحالفات و بموارد محدودة وأعراق وديانات متعددة وهنا لا أتكلم عن زعماء هذه الدول بل عن شعوب عظيمة قلبت العجز قوة فالأرض الخصبة تحتاج إلى مزارع مخلص لتكون خضراء مشرقة والعكس بالعكس صحيح،

وفي النهاية أؤكد بان الأرض الخصبة ستثمر في يوم من الأيام لتكون خضراء زاهية وهكذا ستبقى الجدباء في بطن الصحراء، علينا أن ندرك أن الحرية هي أساس رقي الدول المتقدمة وهذا ما نفتقده في فهمنا وفهم حكامنا إلى يومنا هذا