رسائل السنوار في ميزان الردع.. ليلة الهجوم على غزة؟ ..د.محمد بكر

الخميس 07 نوفمبر 2019 11:41 ص / بتوقيت القدس +2GMT
رسائل السنوار في ميزان الردع.. ليلة الهجوم على غزة؟ ..د.محمد بكر



الدكتور محمد بكر
في ميزان الردع، كان كبيراً جداً ما أعلنه رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة يحيى السنوار، فالكشف عن مئات الكمائن وقدرة المقاومة على قصف تل أبيب لأشهر متعددة، والقدرة على استهداف الدبابات وتحويلها لحديد محترق هو يأتي بالتزامن مع حالة من الارباك الاسرائيلي تُلّح فيه وسائل اعلام إسرائيلية كثيرة هذه الأيام على ضرورة مواجهة المرحلة المقبلة ولاسيما في ظل جملة من المتغيرات الإقليمية كما وصفها رئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي محذراً من هشاشة وتوتر الجبهتين الشمالية والجنوبية في أي مواجهة مقبلة، كوخافي نفسه قال أن سمة المواجهة القادمة ستكون متعددة الجبهات ولن تقتصر على جبهة غزة فقط.
المتابع اليوم للشأن السياسي الاسرائيلي يدرك مدى التأزم السياسي والعسكري الحاصل ،بموازاة الحديث عن تحديات عسكرية تواجه دولة الاحتلال، ويتلمس تيارين في الداخل الاسرائيلي، ينقسمان حيال جملة التحديات  بالنسبة لإسرائيل في المستقبل القريب والبعيد ، التيار الأكثر حديثاً وتحذيراً هو يرى ان إيران استطاعت أن تعمق نفوذها أكثر في المنطقة والأهم أنها أوصلت جملة من التقنيات والمسيرات والصواريخ الدقيقة في إشارة لقدرات الحوثيين العسكرية، وهجمات أرامكو الأخيرة، الأمر الذي دفع مؤسس مشروع الدفاع الجوي الاسرائيلي عوزي روبين بالقول علانية : اليوم السعودية وغداً إسرائيل.
جملة التحديات والمخاطر الأمنية المحدقة بالكيان الاسرائيلي ليس مبعثه فقط تهديداً محتملاً من غرب العراق واعادة سيناريو أرامكو واسقاطه على إسرائيل كما يقول كثير من المحللين ومراكز الدراسات الإسرائيلية، بل في استهداف حزب الله للمسيرة الأخيرة فوق لبنان بصاروخ أرض جو والحديث عن تغيير سياسة الحزب في معادلة الصراع، أيضا الخشية الإسرائيلية من جبهات متعددة قد تشتعل في أي مواجهة مقبلة، من هنا نقرأ ونفهم الورقة البحثية التي قدمها مركز بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية مخاطباً الجمهور الاسرائيلي لجهة ان المواجهة مع جبهة غزة لم تعد ضربة واحدة وانتهينا بل هي صراع طويل ومستمر ينتصر فيه المرء بالنقاط على حد وصف الورقة.
عندما يعلن مسؤول أمني كبير كما نقلت صحيفة هآرتس عن أن الجيش الاسرائيلي سيفقد ميزته وقدرته وهيبته اذا لم يبادر لعملية عسكرية على الأرض لمواجهة التهديدات، وعندما يطلق محللون وباحثون إسرائيلون استراتيجيات ضرورية للمواجهة ومن بينهم أفراييم عنبار الذي تحدث عن أن ماسماها الاستخبارات النارية المستندة إلى جمع المعلومات الدقيقة ومن ثم الاستهدافات النارية لمواقع بعينها وبشكل دقيق من سلاح الجو، سيغير من سلوك حماس، لكن ذلك يحتاج لعملية برية محددة تستطيع أن تضرب العدو وتناور في أرضه وتأسر جنوده وتحطم أسطورة المقاومة على حد تعبيره، وربطاً مع توقيت الرسائل التي بعث بها السنوار وتظهيره للدور الإيراني في تقوية قدرات المقاومة، وتالياً تكريسه لكل المخاوف الإسرائيلية، وجملة مايدور في إسرائيل أمنياً وعسكرياً، يمكن القول أن مواجهة تلوح بوادرها في الأفق مسرحها قطاع غزة، يريد أن يدفع لها نتنياهو المأزوم داخلياً والمثقل بجملة من الاتهامات الجنائية، وحكومة غير مستقرة وكابينت مشلول كما وصفته معاريف، للتغطية على كل تلك ” اللعنات” ومحاولة للتهرب من جملة من الاستحقاقات ونسج ولو نصر سياسي أمام الجمهور الاسرائيلي ، وهو مايمثل انتحاراً سياسياً وعسكرياً لنتنياهو الذي لايملك سوى هذا الخيار أي المواجهة ولو كانت محدودة في محاولة وتعويل على الخروج من المصير الأسود.
أي مواجهة اليوم من المحتمل أن يشهدها القطاع، يجب أن تؤسس وتعزز مخاوف الاحتلال في نظرية تعدد الجبهات، وهي فرصة لتكريس صورة مواجهة مكتملة بين جبهات بعينها، تستطيع أن تلجم هذا الكيان، وتفك الحصار عن أبناء القطاع وتفرض الصيغ السياسية للمقاومة.
*كاتب صحفي وأكاديمي فلسطيني
روستوك – ألمانيا
Dr.mbkr83@gmail.com