حق ضايع،،، أشرف صالح

الأحد 27 أكتوبر 2019 10:32 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حق ضايع،،، أشرف صالح



لو كنت مكان وفد لجنة الإنتخابات المركزية , والقادم الى قطاع غزة غداً الإثنين , بهدف التشاور مع الأحزاب السياسية بما يخص الإنتخابات المزعومة , لقمت بتوفير تكاليف  فاتورة هذه الزيارة والمتمثلة بالمأكل والمشرب والإقامة والمواصلات والنثريات وبدل المهمات , ودفعتها لبعض العائلات والتي تعيش تحت خط الفقر في غزة , أو لشاب لا يستطيع الزواج , أو لفتاة لا تستطيع دفع رسوم الجامعة , أو لمريض لا يستطيع شراء الدواء , أو حتى لموظف بنصف راتب مهدد بالسجن , وعلى إفتراض أن حدثت المعجزة وقامت اللجنة بفعل ذلك , فهذا لا يعني أن هذه صدقة أو عمل خير , لأن هذه الأموال وبالأصل هي ملك للشعب , ولكن يبدو أن العمل في السياسة أصبح بروتوكولياً , وإلا فما فائدة زيارة وفد لجنة الإنتخابات الى غزة وهم يعلمون جيداً رد حماس وباقي الأحزاب من قبل , وهو التمسك بأن تكون الإنتخابات متزامنة , والرئيس يعلم ذلك جيداً , وحماس تعلم ذلك جيداً , ولكن حماس رحبت بزيارة لجنة الإنتخابات من باب كرم الضيافة لا غير , وكل الساسة الفلسطينيون يعلمون نهاية هذه الزيارات البروتوكولية , وهي عدم إجراء الإنتخابات , ويعلمون أيضاً أن تخصص لجنة الإنتخابات هو مهني وفني فقط , وليس سياسي وتفاوضي .

 الغريب في الأمر أن صاحب الحق الأصلي والحصري في الإنتخابات , وهو الشعب , مغيب تماماً عن المشهد , ولا يملك أن يقول كلمة واحدة في موضوع الإنتخابات , ورغم أن الشعب مصدر السلطات بحسب القانون والدستور ,  وهو الذي يقرر من سيحكمة , وأيضاً يحق لأي فرد من الشعب الدخول في الإنتخابات كمنافس مستقل , سواء في التشريعي أو الرئاسي , فدخول الإنتخابات لا يقتصر على الأحزاب السياسية فحسب , ولكن من الواضح جداً أن الشعب لا يملك شيئ من حقوقه ولأسباب كثيرة , ولكن من أهم هذه الأسباب والتي أراها بوضوح , هي أن الشعب أصبح أسيراً لسجانين , الأول يدفع الراتب  , والثاني يضرب بالعصا , فكيف لأسير الراتب والصعا أن يبحث عن حق ضايع منذ ثلاثة عشر عاماً ؟ فبالأولى بالنسبة له أن يبحث عن فرصة عمل , أو نصف راتبه المفقود في حال أنه موظف , وهذا سواء كان فتح أو حماس أو مستقل , أصبحت الأمور الآن عكسية , فالشعب المسمى بمصدر السلطات أصبح يبحث عن حق ضايع..

إن الغريب والمستفز في الأمر أن معضلة الإنتخابات تتمثل في أمر تافه للغاية , وهو الخلاف على "متتالية ومتزامنة" , ورغم أنه من الممكن أن الرئيس يتعهد ومن خلال مرسوم رئاسي أن يكون الفرق بين التشريعية والرئاسية عدة أشهر , وهذه كفيلة أن تحل المشكلة , ومن الممكن أيضاً أن تتجاوز حماس هذه المشكلة , وتعتبر أن عدة أشهر ليس بالفارق الزمني الكبير , وخاصة أن الشعب وهو صاحب الحق الأصلي تحمل الطرفين لثلاثة عشر عاماً , بالله عليكم أيها القراء أرئيتم مهزلة أكثر من ذلك؟ّ! كنت أتوقع أن تتحالف الأحزاب السياسية بهدف إجراء الإنتخابات في القدس رغماً عن أنف إسرائيل , سواء بوسائل سياسية أو وسائل عسكرية أو شعبية , وكنت أتوقع أن تتحالف الأحزاب لجعل شقي الوطن , الضفة وغزة ,  مهيئين جغرافياً وأمنيا لإجراء الإنتخابات في ظل الإنقسام , ولكن يبدو أنه ليس حق الشعب هو الضايع فقط , إنما الوعي السياسي ضاع أيضاً .