اعتبرت صحيفة هآرتس، في مقال كتبه مراسلون سياسيون وأمنيون، ونشر اليوم الثلاثاء، أن مشاركة السفير الأميركي ديفيد فريدمان، وجيسون غرينبلات المبعوث الأميركي لعملية السلام في افتتاح نفق استيطاني أسفل سلوان بالقدس، تأكيد على أن الإدارة الأميركية الحالية لم تعد وسيطًا عادلًا وانفصلت عن الواقع.
وقال عاموس هرئيل المراسل والمحلل العسكري والأمني في الصحيفة، إن المشاركة الأميركية غير عادية للغاية، ولكنها تمثل النهج الأميركي الجديد هذه الأيام، حيث حضر أيضًا الملياردير اليهودي الأميركي شيلدون أدلسون وزوجته مريم، إلى جانب فريدمان وغرينبلات، وسارة نتنياهو.
وأشار إلى أن فريدمان كان مبتهجًا حين تم التقاط الصور له وهو يحمل مطرقة ويحطم الجدار الرمزي للنفق، مشيرًا إلى تصريحاته بوصف الجدار "موقع تراث أميركي- إسرائيلي". متسائلًا لماذا أميركي؟. وأشار إلى أن ذلك يحمل تفسيرًا واحدًا يؤكد على الشعور بوجود أجراس المسيح المنتظر الذي بات يهيمن على اليمين الإسرائيلي.
ولفت إلى أن الجهات الأمنية في إسرائيل لا تستبعد وقوع هجمات فلسطينية بعد فتح النفق، والوضع المتفجر شرقي القدس خاصةً بعد أحداث العيساوية، مشيرًا إلى أنه يستبعد أن تكون أي أحداث أمنية مثل تلك التي وقعت عام 1996 بعد افتتاح نفق بالقدس، أو مثل اقتحام ارئيل شارون للأقصى. مرجعًا ذلك إلى أن الحفريات تجري خارج أسوار البلدة القديمة ولا تعتبر تهديدًا مباشرًا للأقصى وأنها لا تمثل انتهاكًا للمقدسات الإسلامية. كما قال.
وبين أن تلك المشاركة والاحتفال الأميركي، يعزز تحالف ترامب - نتنياهو برعاية الراعي المشترك بينهما، رجل الأعمال الثري اديلسون، وتزيد هذه العلاقة من تنفير كل من لا يشارك في هذا التحالف، خاصةً خصوم نتنياهو السياسيين في إسرائيل، والحزب الديمقراطي في أميركا.
وقال "إن هذه المشاركة، تزيد من شكوك الفلسطينيين إزاء هذا التحالف، خاصةً وأن قادة فريق المفاوضات الأميركي يشطب من قاموسه كلمتي الاحتلال والمستوطنات، فهذا لن يدفع الفلسطينيين لشراء الإغراءات الاقتصادية التي لوح بها خلال مؤتم البحرين، وحين يضرب فريدمان وغرينبلات بمطرقة تحت الأرض في القدس، فمن الصعب اعتبارهما وسطاء عادلين".
من جانبه قال المعلق السياسي ومراسل الصحيفة للشؤون الفلسطينية نير حسون، إن المشاركة الأميركية تؤكد أن الإدارة الأميركية باتت منقطعة بشكل مقلق عن الواقع.
ولفت إلى أن صورة فريدمان وهو يمسك بالمطرقة لكسر جدار افتتاحي للنفق، يذكر بصورة مماثلة قبل 23 عامًا، حين كان رجل الأعمال الأميركي الداعم للاستيطاني إيرفينغ موسكوفيتش في تجمع مشابه للغاية بالقدس خلال حفل يوم الغفران، بحضور أيهود أولمرت الذي كان رئيسًا لبلدية القدس حينها، وكان ماتي دان رئيس جمعية يمينية تشرف على ذلك التجمع حينها. لكن التطور الوحيد كان هو حضور سارة نتنياهو زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وأشار حسون إلى ذاك التجمع عام 1996، حين جرى افتتاح نفق في منطقة الحائط الغربي، وكان المشاركون يمسكون بمطارق ومعاول لتحطيم جداره، حيث اندلعت حينها شرارة الأحداث. واعتبر أن من خطط لمشهد يوم الأحد، فكر بالمشهد الأصلي قبل 23 عامًا، وربما أراد إثبات نقطة ما. وقال إن مرور الحدث بهدوء ليعود لتغير المجتمع الفلسطيني وموقع بناء الجدار الجديد بعيدًا عن المسجد الأقصى، مضيفًا؛ "لقد تعلم الفلسطينيون في القدس، احتواء الإذلال طالما أنه لا يمس بالمسجد الأقصى".
واعتبر أن ذلك يؤكد موقف ومخاوف الفلسطينيين من أن إدارة ترامب ليست مجرد وسيط عادل، بل مواقفها تتطابق مع مواقف اليمين المتطرف في إسرائيل.
وبين أن الأسوأ من ذلك هو إظهار خريطة خلف المحتفلين تم فيها شطب سلوان، التي يعيش فيها 20 ألف فلسطيني، وأقل من 500 يهودي.
وختم قائلًا "إن تجاهل الإدارة الأميركية لكل ذلك والتلويح بمطرقة في وجوه الفلسطينيين، دون تفكير بمستقبل من يعيش هناك هو سبب كبير للقلق".