"غزّة" لمخرجين إيرلنديين ختام لمهرجان "شاشات الواقع"

الجمعة 10 مايو 2019 03:08 م / بتوقيت القدس +2GMT
"غزّة" لمخرجين إيرلنديين ختام لمهرجان "شاشات الواقع"



وكالات / سما /

كل فيلم يختار مساحته البصرية قطاع غزّة المحاصر يرصده المتتبعون للسينما الوثائقية في لبنان بشغف. وفي كل شريط حديث يضاف موضوع ومادة بصرية خاصة قد تكون مدهشة أحياناً.


«غزّة» هو فيلم الختام لدورة أفلام وثائقية أطلقتها متروبوليس تحت عنوان «شاشات الواقع» بين 2 و 12 الجاري. شريط يمتد لـ90 دقيقة يضع المشاهد على تماس مع تنوعات اجتماعية للأهل القطاع. تنوع لم يصبه أو لم يلتفت له الإعلام العالمي المرابط منتظراً الحدث العدواني الصهيوني، أو استهدافاته لمسيرات العودة.


«غزّة» من إخراج الإيرلنديين غاري كين واندرو مكونيل، عرض في بيروت بدعم من سفارة إيرلندا في القاهرة وحمل في تقديمه للجمهور هوية «إيرلندا/فلسطين». مخرجان أقاما ما فيه الكفاية بين ناس القطاع، تغلغلا في حياة السكان والعائلات. رصدا حركة الأطفال اليافعين وبخاصة الصبية. نقلا مشاعر سائق التاكسي الذي قرر الإستقرار في الوطن المحاصر بعد طول غربة. والمراهق «أحمد» ابن ال13 عاماً الحالم بلقب ومهنة «ريس» في البحر. والمرأة الميسورة التي تعود اصولها لمدينة القدس، والمولودة في غزّة حيث كان والدها يعمل محامياً.


وفي المدينة نفسها استقرت، تزوجت وأنجبت ثلاث بنات تتعايش جميعهن مع الحروب واحدة تلو أخرى. «كرمى» واحدة من البنات الثلاث تصفها والدتها بالمرهفة الإحساس، تتابع دروساً في الرقص والعزف على التشيللو. من شخصيات الفيلم المميزة المسرحي الذي يعطي دروساً في المسرح، ويقدم عروضاً مونودرامية تمتلئ خلالها الصالة، أبناؤه ستة بين شباب وبنات أنهوا تعليمهم الجامعي ولا يزالون دون عمل. موسيقيون يعطون دروساً ويشاركون في حفلات شعبية. ومن شخصيات الفيلم رجل مزواج كفّ عن إتمام دينه بالرابعة، والعائق غرف منزله الثلاث. كاميرا تتجول بين البحر، المقاهي، مسيرات العودة، رجال الإسعاف الأولي قريباً من غلاف غزّة. الحرب والدمار والإستشهاد. في غزة عالم واسع شاسع ينتظر الإستكشاف والضوء، ناس يتكلمون بثقافة وفصاحة وأمل. صور تتوالى لمكافحين طلباً لحياة شبه طبيعية. إقرار صريح بتغيير جذري اجتماعي بين غزّة 2014 وغزّة 2018. تعترف كرمى أن الحجاب هو فرض ديني «لا ارفضه بل سأرضاه حين أكون جاهزة له». في «غزّة» يحضر الناس بكل تنوعاتهم ومهنهم وإلتزاماتهم الإنسانية والمهنية، وفي المقابل يحضرون كمقاومين لآلة الحرب الصهيونية. هدف الصهاينة احداث الإعاقات وبالتالي التيئيس. لم يتحدث الفيلم عن «سوبر بشر». قدمهم حقيقين وبمشاعرهم الخام، ونقل مقاومتهم وتحدياتهم. شاب اصيب على غلاف غزة فشُلّ. كان بعمر ال16 سنة، يكتب ويغني الراب في الإذاعات المحلية ويلعب الورق في الساحات لقتل الوقت «من غير موسيقى ما يعرفش الواحد يعيش» يقول للكاميرا.


حضر البحر بقوة في هذا الوثائقي. هو المساحة المفتوحة الوحيدة ولو بحدود 3 أميال على السابحين والصيادين. انما هو محدود بجدار مرتفع بنظر «كرمى». حضر عرض الأزياء للملابس التراثية، ووعود بلف عواصم العالم مع الزي الفلسطيني حين يرفع الحصار. وبالمقابل لاعب طاولة زهر مياوم يختصر حاله «15 سنة شاش باش من ندرة الشغل.. من شدة قساوة الحياة ما عدنا نحس بها». برهافة مطلقة اختار المخرجان التصويب على الدور الطبي والإنساني الكبير لفرق الإسعاف القريبة من غلاف غزّة. مسعف حاضر منذ سنوات في الميدان وفي مسيرات العودة. كاد الدمع ينفجر بركاناً من مقلتيه وصوته متهدج «صعب.. صعب.. إحنا مش حديد.. بشر..راح أكون غاضب ع كل بني آدم يتنفس بعيد عن المجتمع الفلسطيني». غزّة المكان الجميل من فلسطين رصدت فيه كاميرا المخرجين الأيرلنديين جديداً مميزاً، وشكل أضافة لما سبقه من أفلام وثائقية نفذها غالباً مخرجون اجانب. ورغم زمنه الطويل نسبياً تميز بتقطيع مقنع، وبصورة منوعة وغنية.


في بيروت كان العرض الثالث ل«غزّة»، والعرض الأول العالمي جرى ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية لمهرجان صاندانس 2019. وحاز جائزة افضل فيلم وثائقي في مهرجان دبلن الدولي 2019.

القدس العربي