لم يقصفوا المبنى لكنهم قصفوا برج من نافوخي وشريط هائل من الذكريات وطابقين من الأمل وأربعة أحلام وفردة مستقبل كانت ملقاه على الأرض خلف الجزامه مع سيارة لعبه صغيرة بدون عجل وعروسه لباربي بدون رجل ورأس مفصول لم نكن نهتم به ولا بلصقه مع الجسد وصراخ الآن على نغمة "مليش دخل بدي السيارة وراس العروسه"
وألبوم صور لنهى "بالديكولتيه" وتسريحة الشعر التى أزعجت فادي من شدة البكل ليلة الدخله وتفاصيل في غرفة الخزين و المطبخ وقداحة الغاز و"البرنص" خلف باب الحمام والمنشفه وطاولة السفرة وطاولة الزهر وقميص النوم "الفوشي" و"البز الكذاب" و"الكوتا" وهذه لا علاقة لها بالكوتة الخاصة بالفصائل إنما شيء أشبه بهزاز
وأغنية فيروز والجوال يا الله تنام يالله تنام و"الزنوبه" ومقص الأظافر الحافي وعلبة الماكنتوش المصنوعه خصيصا لحبوب السكر والضغط والمعدة والاعصاب والحموضه كصيدليه متنقله من غرفه إلى غرفه وطقم كاسات فاخر معتقل بالبوفيه من سنة 1997 بتهمة "خسارة هاد يطلع للضيوف" وبعد القصف طلع بالشارع وطلعنا غلطانين أي كنا مخطئين عندما عاقبنا ابننا الصغير بتهمة كسر الفنجان لم نكن نعلم أننا أيضا ننكسر ..
انكسرنا جميعا وخرجنا مسرعين بعد مكالمة "جيش الدفاع" وتركنا خلفنا المنزل والشبابيك والستائر والصابون ومعجون الحلاقة والكنب وكل الفناجين حتى الطقم المعتقل بالبوفيه والليمونه التي كنا نحرص دائما من باب الهبل على وضع نصفها في باب الثلاجه الذي ربما هو نفس الباب الذي غنى له عاصي عمرك شفت شي باب عم يبكي ؟ لقد تركنا خلفنا خصوصيات وفضول يأكل القارئ ومشاكل وكتير حاجات وأول قبله وأول سنة حب وآخر الممر والجزامه ورائحة الجرابين والكلاسين والغساله و"الوجبه البيضا" وتعليمات الحكومة المنزليه "ميت مرة حكيت تشلحوا الجزم ع الباب" .. شلحنا وطار الباب وطار معه برج من نافوخي ..
