غزة: الباعة المتجولين أمام المدارس .. بين الواقع الصحي وأهمية الرقابة

الأربعاء 27 فبراير 2019 01:22 م / بتوقيت القدس +2GMT
غزة: الباعة المتجولين أمام المدارس .. بين الواقع الصحي وأهمية الرقابة



اية صمامة / سما /

على عربته المتنقلة، يتخذ البائع عماد الحاج 40 عاما من مدينة غزة ركناً خاصاً أمام بوابة احدى مدارس المدينة، لعرض منتجاته الغذائية وأصناف الحلوى المصنعة يدوياً في بيته.

الطلبة يقبلون على شراء حاجياته بشكل كبير بسبب ثمنها الرخيص لتشكل تجارته مصدر رزق لعائلته المكونة من ستة افراد ينتظرونه يوميا لشراء احتياجاتهم.

في المكان يمكن رؤية العديد من الباعة المتجولين، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، والتي جعلت منها ظاهرة منتشرة خاصة على أبواب المدارس.

ويقول الحاج : " أتواجد أمام باب المدرسة بشكل يومي ، مصطحباً كافة أصناف الحلوى والمسليات كالذرة الملونة، البراد، الأندومي، وحلاوة السميد، وغيرها من المواد الغذائية المغلفة، مما يجذب طلبة المدارس كون الأطفال يفضلون الألوان والأشكال المختلفة، إضافة إلى أنها رخيصة الثمن، وفي متناول الأيدي"، مشيراً إلى ان هذه المشاريع تكون مربحة في فترة المدارس فقط بحيث يعود عليه من الربح يومياً ما يقارب (30-40) شيكل، لكن في الاجازة الصيفية لا تجدي هذه التجارة نفعاً وربحها قليل جداً.

أمانة المهنة

وعن التزامه بالشروط الصحية والنظافة العامة، يؤكد البائع الحاج أنه يعمل في هذا المجال منذ سنين طويلة، ويتبع كافة الشروط الصحية مما يجنبه المساءلة القانونية، لان هذه المهنة أمانة في أعناق الباعة ومسؤولين عنها يوم البعث.

لكن على عربة أخرى يبدو المشهد أكثر وضوحاً، بعدم التزام صاحبها أياً من شروط النظافة العامة واتباع السبل الصحية، كون الحشرات والذباب مخيم على قالب الحلوى، وهو يقف جانباً ليحرك الطعام المصنع بيديه المكشوفة الملوثة وبمغرفة خشبية لا ندري مدى نظافتها، وحين الحديث معه، أصر على مدى اهتمامه باستخدام مواد غير ضارة في صناعة الحلوى والذرة الملونة، والتزامه بأمانة المهنة، فيما الحقيقة تشير إلى غير ذلك.

ويقول محمد (اسم مستعار)، صاحب هذه العربة الذي اضطرته الظروف الصعبة للعمل في هذا المجال، فانه يبرأ لنا سلامة وصلاحية منتجه: "أن جميع المواد المستخدمة آمنة ويتبع الشروط، لكن الاقبال عليه ضعيف جداً، مشيراً إلى أنه تعرض لعمليات الارشاد والتوعية من قبل أصحاب الاختصاص، ولا يعلم شيئاً عن الفحص الطبي الذي يجب أن يخضع له مسبقاً.

وعن التزامه بالنظافة العامة أكثر، يقول محمد أنه يغسل يديه والاواني المستخدمة قبل البدء بالعمل، الى جانب عرض الحاجيات للأطفال بطريقة تناسبهم. على أبواب مدارس قطاع غزة يبدو هذا المشهد اليومي عاديا مع انتشار المزيد من الباعة المتجولين الذين يتسابقون الى عرض سلعهم وموادهم الغذائية ذات الاشكال والانواع المختلفة،. هذا المشهد يثير جملة من التساؤلات بشأن الرقابة المتبعة، فكثير من هذه الأطعمة المصنعة بالبيوت لا تعرف تركيبتها والمواد الأساسية المصنعة منها فماذا عن دور الجهات الرقابية؟

مسائلة قانونية

ويقول عبد القادر بنات مدير دائرة حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد: "أن منع الباعة المتجولين في هذه الظروف المعيشية الصعبة والحد منهم غير مقبول وصعب للغاية، كونها باتت ظاهرة متفشية، ولا يمكن لأي جهة ان تقف عائقاً أمام أرزاق الناس لأنه هذا غير الشيء غير معقول". ويؤكد وجود تنسيق بين الوزارة مع وزارة التعليم لزيارة المدارس من قبل فريق متدرب، لمتابعة الباعة المتجولين بشكل دوري، وتوعيتهم مؤكداً أن من يخالف هذه الأنظمة يعرض نفسه للمساءلة القانونية. ويشير بنات الى أهمية دور إدارة المدرسة في توعية وتوجيه وارشاد الطلبة للتقليل من حدوث حالات التسمم التي ممكن أن تحدث مستقبلاً وتجنب مخاطر الإصابة بالأمراض الصحية المعدية.

توعية متكاملة الأركان بدورها تؤكد أمل العجرمي أخصائية التغذية، على أهمية زيادة الوعي الغذائي عند الطلبة والعاملين في هذا المجال، لمراعاة الشروط الغذائية السليمة لتجنيب الافراد خطر الإصابة بالمرض، داعية الى عقد المزيد من ندوات التوعية للمقبلين على افتتاح مشاريع الأغذية الصغيرة، او الطلبة.

وتضيف: "نرى انتشاراً واسعاً للباعة المتجولين في الشوارع العامة، وتكدسهم أمام أبواب المدارس، طلباً للرزق في ظل الظروف المعيشية الصعبة، وهذا لا يمكن الحد منه، لكن ما يمكن اتباعه هو توجيه الرقابة المكثفة عليهم بصورة دورية ومتابعتهم من أهل الاختصاص".

ونوهت إلى أن أغلب المأكولات التي يتم بيعها مصنعة يدوياً في البيوت او أثناء فترة العمل بالشارع، وهي الأخطر على الاطلاق، كونها تفتقر الى شروط الصحة العامة.

وتشير العجرمي، إلى أن طلاب المدارس يقبلون على شراء تلك المواد الغذائية المصنع بعضها من مواد ضارة بالصحة بصورة كبيرة، فالألوان والأصباغ تجذبهم نحو ذلك دون توعية مسبقة، لذلك يتطلب ارشادهم من قبل إدارة الصحة المدرسية ودور الأسرة في هذا الأمر كون هم من يقع على عاتقهم المسؤولية أولاً.

وتؤكد على الدور الكبير الذي يقع على عاتق وزارة الصحة، من خلال اخضاع هؤلاء الباعة لفحص طبي كل ستة شهور للتأكد من سلامتهم الصحية "شهادة خلو أمراض"، إلى جانب اشراف متكامل من قبل منظومة رقابية متكاملة تشرف عليها وزارة الاقتصاد والتموين أيضاً.

وعن دورهم كأخصائيين تغذية، تؤكد العجرمي على إلى الدور المهم الذي يقومون به من خلال عرض نشرات توعوية بين طلبة المدارس، والعاملين في هذا القطاع، مع إعطاء كافة التحذيرات للباعة غير الملتزمين بها، بمحاربتهم ومتابعتهم بشكل مستمر.