الانتخابات الإسرائيلية: تحطم "العمل" وتحديات نتنياهو

الإثنين 11 فبراير 2019 10:22 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الانتخابات الإسرائيلية: تحطم "العمل" وتحديات نتنياهو



مركز أطلس / ترجمة

في ظل توقعات استطلاعات الرأي الإسرائيلية التي تنبأ بتحطم حزب "العمل" وتراجع تمثيله في الكنيست القادمة من 24 مقعد باسم "المعسكر الصهيوني" (تحالف "العمل" مع حزب ليفني) إلى ما بين 5-8 مقاعد؛ سيجري غدًا الاثنين انتخاباته التمهيدية الداخلية لقائمته الانتخابية. وبحسب اللوائح الداخلية للحزب، فإن ما يقارب الـ 60 ألف عضو سيكون من حقهم أن ينتخبوا غدًا ممثليهم في القائمة الانتخابية، إلا أن أجواء الإحباط والشعور بالهزيمة تُنبئ بأن العدد الأكبر من أصحاب حق الاقتراع سيعزفون عن المشاركة، وأن نسبة المشاركين لن تتجاوز الـ 25%، بخلاف الأجواء الاحتفالية التي سادت الانتخابات التمهيدية داخل حزب "الليكود"، التي جرت قبل أيام.

عزوف النسبة الأكبر عن المشاركة في الانتخابات الداخلية ستجعل فرص من يملك التنظيم والقدرة اللوجستية والفنية أكبر ممّن يعتمد على الأصوات الطوعية الحرة، وهذا ربما سيعمل لصالح عمير بيرتس وايتسيك شمولي في الصراع على المكان الأول بعد رئيس الحزب غبّاي، لأن ذلك يعني دفعة قوية للتنافس القادم على رئاسة الحزب.

ليس فقط أن أعضاء الحزب لا يجدون دافعية للمشاركه ويعزفون بغالبيتهم، وربما بعضهم سيصوت لأحزاب أخرى أو تحولوا لأصوات عائمة، أي ليس لها رأي محدد وواضح، بل ان غبّاي - رئيس الحزب الذي صارع من أجل منحه الحق بتحصين ثلاثة مقاعد، لتخصيصها لنجوم من خارج الحزب يستطيع من خلالهم تعزيز جاذبية القائمة - لم يستطع حتى الآن تجنيد أي من الشخصيات الهامة، فلا أحد من هؤلاء تغريه المناصب المحصنة في حزبٍ من وجهة نظرهم بات يفقد بريقه وحيويته، وباتت هويته تتلخص في تغيير نتنياهو دون الحديث عن أجندات واضحة ومصممة ومختلفة، وهو أمر ربما سيختلف بعد الانتخابات التمهيدية، وبعد أن وصلوا في الاستطلاعات إلى القاع الانتخابي؛ الأمر الذي قد يدفعهم لأن يختطوا لأنفسهم خطًا وأجنده مغايرة وأكثر وضوحًا، لاسيما في البعد السياسي - الأمني.

من جهة أخرى، فإن نتنياهو - الذي يراقب تطورات المشهد الانتخابي بالكثير من القلق، لاسيما وهو يرى تقدم حزب غانتس "مناعة لإسرائيل" وتهديد تحالف غانتس مع لبيد - يعتقد بأن هذه الدورة الانتخابية تعتبر من أكثرها دراماتيكية وتهديدًا لمستقبلة السياسي والشخصي، ويخشى كثيرًا من أن احتمال عدم قدرته على تشكيل الحكومة القادمة بات احتمالًا كبيرًا، لا سيما في ظل تهديديْن كبيريْن يشخصهما نتنياهو: الأول يتمثل بتقديم لائحة اتهام ضده، الأمر الذي سيؤثر على جزء من مصوتي "الليكود" الذين يهمهم أيضًا قيم المحافظة على القانون ونظافة اليد، وسيؤثر أيضًا على الأصوات العائمة التي لا زالت لم تقرر بعد لمن ستدلي بأصواتها، وهي ذات نسبة كبيرة، وتعتبر الأكبر في هذه الدورة الانتخابية بنسبة تقترب من 25% من بين أصحاب حق الانتخاب، وهي عادة تحسم رأيها في اللحظة الأخيرة وبعضها أمام صندوق الانتخاب، كما ان تقديم لائحة اتهام سيجعل البعض يرفض المشاركة في ائتلاف يشكله نتنياهو، وسيرفض التوصية بتكليفه من قبل الرئيس لتشكيل الحكومة.

أما التهديد الثاني فهو كثرة الأحزاب التي تنتمي لمعسكر اليمين، والمهددة بعدم تجاوز نسبة الحسم في حال أصرت على الدخول في الانتخابات بقوائم مستقلة دون أن تتوحد مع بعضها البعض، الأمر الذي سيعني خسارة معسكر نتنياهو الانتخابي لمئات آلاف الأصوات؛ لذلك فهو ينشغل بوحدة الأحزاب اليمينة ويبذل في هذا الاتجاه جهدًا ووقتًا كبيريْن، فيتصل بحزب "البيت اليهودي" وبحزب الاتحاد الوطني، ويضغط عليهم بضرورة الوحدة، ويطالبهم بضم حزب "قوة لإسرائيل"، وهو من أتباع حزب "كهانا حي" الذين يمثلهم باروخ مرزيل وبن غبير وميخائيل بن ارييه، وهم عنصريون بمعايير قانون الانتخابات الإسرائيلي.

يُذكر أن عدد أصحاب حق الانتخاب يصل إلى قرابة ستة ملايين وأربعين ألف نسمة، وأن نسبة المشاركين في الانتخابات القادمة من المتوقع أن تصل إلى 73%، أي ان كل قائمةٍ يجب أن تحصل على قرابة الـ 150 ألف صوت أو يزيد لكي تتعدى نسبة الحسم.

من جهة أخرى، الأصوات العائمة (المترددة) هي الأكبر على مدار الدورات الانتخابية السابقة، حيث تصل في بعض الاستطلاعات إلى 30%، وهي ناتجة عن عدم المبالاة والاهتمام، وهذه النسبة قد تغير رأيها فجأة وبناءً على حدث معين أمني أو سياسي أو اقتصادي أو قانوني.

الوحدة بين حزبي غانتس ولبيد هي الموضوع الأكثر اشتعالًا في التخمينات والتكهنات السياسية، وانضمام رئيس الأركان السابق غابي اشكنازي إليهم، وربما أيضًا دعوتهم لباراك لتزعم الكتلة الانتخابية، أمور لا زالت محتملة، وربما لن يتم حسم أمرها إلا قبل الموعد النهائي لتقديم القوائم الانتخابية للجنه الانتخابات المركزية، وهناك من يقول بأن الاتفاق على الأقل بين لبيد وغانتس قد حُسم، كما حُسم أمر تزعم القائمة بالتناوب، ولكن قرروا عدم الإعلان حتى اليوم الأخير لكي لا يشكلوا دافعًا قويًا لوحدة قوائم اليمين مع "الليكود". يُذكر أن نتنياهو كان قد حصن عددًا من المقاعد المضمونة في قائمته لصالح ضم شخصيات أو أحزاب إلى قائمته.

أما التمثيل العربي في الكنيست القادمة فهو الآخر يواجه تحديًا كبيرًا، وعلى عكس رغبة الوحدة في القوى الصهيونية؛ فإن العرب يتجهون نحو الانشقاق، حيث أعلن الطيبي نهائيًا رغبته في خوض الانتخابات بعيدًا عن القائمه المشتركة، ويعتمد في ذلك على قياسه لمدى شعبيته وشعبية حزبه "الحركة العربية للتغيير"، حيث تمنحهم الاستطلاعات ستة مقاعد، وقد عزز ذلك تحالفه مع قائمة "ناصرتي" بزعامة رئيس بلدية الناصرة على سلام، ومع شخصيات وازنة أخرى. يُذكر أن أصحاب حق الاقتراع من فلسطينيي الداخل يصل إلى قرابة المليون نسمة، من بينهم خمسين ألف يقيمون في الخارج، وأن نسبة مشاركتهم في الانتخابات تصل إلى حدود الـ 63%، أي ان ستمائة ألف أو يزيدون قليلًا هم الذين يذهبون للمشاركة في الانتخابات.