قررت آبل أنها ستسمح لتطبيق "آي تيونز" الخاص بها بالعمل على تلفزيونات سامسونغ، في تحول نادر من الشركة الأميركية التي طالما رفضت وضع برامجها على أجهزة الشركات الأخرى.
ويعني هذا أن الأفلام والبرامج التلفزيونية التي يتم شراؤها من خلال "آي تيونز" ستكون متاحة لمالكي التلفزيونات الذكية للشركة الكورية.
ولكن ماذا يعني هذا التغيير في سياسة آبل؟ وهل يستحق "آي تيونز" أن تغير الشركة لأجله إستراتيجيتها التي اتبعتها لسنوات طويلة؟ بل هل يستحق أن تتعاون الشركة مع منافستها المباشرة في مجال الهواتف الذكية؟
أغرى نجاح شركة نتفليكس الكبير في تغيير طريقة عرض البرامج وتقديم محتوى مميز من إنتاجها، العديد من الشركات -ومنها أمازون- لتتبع خطاها وإصدار نسخ خاصة بها من خدمات البث عند الطلب.
وكانت آبل قد أعلنت خلال مؤتمرها السنوي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن نيتها إطلاق هذه الخدمة في النصف الأول من العام الحالي.
ورصدت الشركة الأميركية مبلغ مليار دولار لإطلاق هذه الخدمة، حيث تعاقدت مع نجوم مثل أوبرا وينفري لعمل حلقات تبث عند الإطلاق. كما تعاقدت مع شركات إنتاج لعمل عشرين برنامجا خاصا عند الانطلاق.
وكان مقررا أن يعمل تطبيق "آي تيونز" على أجهزة آبل فقط، مثل حواسيب ماك وهواتف آيفون والآيباد، بالإضافة إلى جهازها الذي كانت تعول عليه كثيرا لهذه الخدمة وهو تلفزيون آبل.
وتلفزيون آبل في الحقيقة ليس تلفزيونا بمعناه المعروف، بل هو جهاز صغير مربع الشكل يعمل كموصل للإنترنت على التلفزيونات القديمة بحيث يمكن للمستخدمين تجربة العديد من التطبيقات عليها. وقد باعت آبل منه 25 مليون جهاز منذ إطلاقه عام 2007.
ولكن مع وجود أجهزة التلفزيون الذكية والمرتبطة بالإنترنت والتطبيقات المختلفة، ما الذي يدفع الجمهور لشراء تلفزيون آبل البالغ سعره حوالي 70 دولارا -وهو أغلى من جهاز "أمازون فاير ستك" الذي يباع مقابل 55 دولارا- لمشاهدة البرامج وتشغيل البث عند الطلب؟
لهذا يبدو أن آبل لا تريد لمشروعها الجديد أن يرتبط بتلفزيون آبل فقط بشكل قد يقلل من فرص نجاحه أمام المنافسة الشرسة من قبل جهازي نتفليكس وأمازون اللذين يعملان على مختلف الأجهزة دون الحاجة إلى أجهزة خاصة لتقديم الخدمة.
تعتبر سامسونغ من أكبر مصنعي التلفزيونات حول العالم، حيث تمتلك حصة تفوق 20% حسب إحصاءات 2018. كما أنها أول من أدخل شاشات الليد (LED) في هذه الصناعة، ومن بعدها تقنية الكيوليد.
وبهذه الشراكة مع سامسونغ لإضافة "آي تيونز" على تلفزيوناتها، ستضمن آبل استمرارية خدمة البث ووصولها إلى عدد أكبر من المشاهدين.
شكلت التوقعات المتشائمة بانخفاض مبيعات جهاز الآيفون الذي يعتبر درة تاج الشركة الأميركية؛ القشة التي قصمت ظهر آبل وأرغمتها على تغيير سياستها بالاتجاه نحو فتح الباب لتنزيل برامجها على أجهزة منافسيها.
فقد خسرت الشركة نحو 57 مليار دولار من قيمة أسهمها بعد إعلان تباطؤ مبيعات هاتفها الذكي.
ويبدو أن آبل تعول الآن على تحقيق الربح من الخدمات أكثر من تعويلها على مبيعات الهواتف، وهي مستعدة للتضحية بإستراتيجيتها في سبيل تحقيق هذا الهدف.
كما يمكن لخدمة البث التي تنوي الشركة إطلاقها إحياء سوق الهواتف أو الحواسيب اللوحية مجددا، عندما يجد المستخدمون أن هذه الخدمات تعمل بشكل أفضل على هذه الأجهزة.
ولكن الدرس الذي يجب أن يعيه المستخدمون أن هذه الشركات الكبرى لا تتوانى عن تغيير إستراتيجيتها تبعا لمصالحها، ولا يضيرها أن تتحالف مع ألد أعدائها إذا كان هذا يصب في مصلحتها.