لم تنتهِ المواجهة المباشرة بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي حتى سارع أمن المقاومة إلى شنّ حملة موسعة امتدت من وقت متأخر أول من أمس حتى مساء أمس، لمتابعة ملف القوة الإسرائيلية الخاصة التي دخلت شرق خانيونس، جنوب قطاع غزة، وقد أفضت إلى اعتقال عدد من العملاء الذين ساعدوا القوة على التسلل. وفي هذا الوقت، كان الغزيون يوزعون الحلوى فرحاً باستقالة وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، على خلفية المواجهة الأخيرة،
يقول مصدر في المقاومة لـ«الأخبار» إن «الاستخبارات العسكرية» التابعة لـ«كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، بدأت بالتعاون مع جهاز «الأمن الداخلي» التابع للحكومة منذ الساعات الأولى لبدء التهدئة مع الاحتلال، حملة مكثفة شملت المناطق الشرقية لخانيونس، جرى خلالها اعتقال عدد من المشتبه فيهم بمساعدة القوات الإسرائيلية التي دخلت المنطقة متخفية قبل كشفها على يد عناصر المقاومة.
وأشار المصدر إلى أن بعض المشتبهين اعترفوا خلال التحقيق بمساعدة القوة، جراء ارتباطهم بجهاز «الشاباك»، وهو ما كشف معلومات أكثر دقة عن طبيعة القوة الإسرائيلية والمهمة التي دخلت من أجلها.
وفق الاعترافات، هذه ليست المرة الأولى التي تدخل فيها قوات عسكرية خاصة إلى عمق القطاع، كما أن القوة التي تم اكتشافها مكثت أكثر من 24 ساعة على الأقل قبل الحادث، في منزل يعود إلى أحد العملاء، قبل خروجهم لتنفيذ مهمتهم التي لم تكتمل بعد كشفهم على يد القيادي في «القسام» الشهيد نور بركة.
وساد لدى المقاومة منذ اكتشاف الوحدة الخاصة تقدير بوجود قوات أخرى دخلت القطاع ولم تخرج بعد، ما دفعها إلى إغلاق جميع منافذ القطاع وزيادة المراقبة والمتابعة في المناطق الحدودية خشية أي تحرك غريب، وهو ما أسفر عن اعتقال عميل أثناء محاولته الهرب باتجاه السياج الفاصل. يقول المصدر إن «الضربة التي تلقاها عملاء الاحتلال في اليومين الماضيين كبيرة، فقد كشفت أجهزة المقاومة بطريقة فنية عدداً من العملاء الخطيرين الذين ساعدوا القوة داخل غزة، ولم تكن حولهم أي دلالات تشير إلى ارتباطهم بالعدو».
«الانتصار يتواصل»
ولليوم الثاني على التوالي، تظاهر مئات الفلسطينيين احتفاء بما حققته غزة خلال اليومين الماضيين. ووصلت مسيرة أمام منزل رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، دعماً للمقاومة واحتفالاً باستقالة ليبرمان، كما وزع الشبان الحلوى في مناطق متفرقة من القطاع وسط هتافات داعمة للمقاومة. ورأت «حماس» في استقالة ليبرمان «اعترافاً بالهزيمة والعجز في مواجهة المقاومة»، و«انتصاراً سياسياً لغزة التي نجحت بصمودها في إحداث هزة سياسية في ساحة العدو». كذلك رأت «الجهاد الإسلامي» أن الاستقالة «انتصار لإرادة المقاومة وثبات الشعب الفلسطيني في وجه العدو»، كما قالت «لجان المقاومة الشعبية» إن خروج ليبرمان «انتصار نوعي للمقاومة بعد الفشل الأمني والعسكري للعدو».
نفت «حماس» أن تكون من طلب وقف النار من الاحتلال
من جهة أخرى، وصفت «حماس» ادعاءات رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، بأنها من «توسلت» من أجل وقف النار بأنها «تثير السخرية، وهي محاولة لمواجهة حالة الإحباط الإسرائيلي نتيجة الفشل والعجز الأخير»، في وقت حذرت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» من «الركون إلى جهود التهدئة مع الاحتلال لأن احتمالات العدوان قائمة». في غضون ذلك، حذر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في فلسطين، جيمي ماكغولدريك، من تدني قدرات مستشفى الشفاء وهو أكبر مستشفيات القطاع، مؤكداً أن القطاع الصحي يعاني من شحٍّ حاد في التمويل منذ سنوات. وقال ماكغولدريك الذي زار غزة أمس، إن الحصار منذ 12 عاماً يحول دون دخول السلع والإمدادات والأدوية الأساسية، موضحاً أنه حتى إيجاد حل سياسي «يتعين زيادة الدعم للخدمات الأساسية المنقذة للحياة».
القاهرة على الخط مجدداً
على الصعيد السياسي، نفى مصدر قيادي في «حماس»، في حديث إلى «الأخبار» أن تكون حركته قررت إرسال وفد قيادي منها إلى القاهرة اليوم الخميس، مؤكداً أن الاتصالات جارية مع المصريين، وتوجد دعوة لكن «حماس» لم تحدد موعدها بعد، وذلك في وقت سرت أنباء عن وصول وفد أمني مصري إلى القطاع اليوم. وكان عضو اللجنتين «التنفيذية لمنظمة التحرير» و«المركزية لفتح»، عزام الأحمد، قد قال إن وفداً من «حماس» سيتوجه إلى القاهرة اليوم بعد أن تأجل هذا اللقاء بسبب العدوان على القطاع، متهماً إسرائيل بأنها شنت العدوان على غزة كجزء من التخطيط لاستمرار الانقسام. إلى ذلك، استشهد عصر أمس الصياد الفلسطيني نواف العطار (20 سنة) بعد إطلاق قوات الاحتلال النار عليه أثناء عمله في بحر شمال قطاع غزة، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.