زعم البروفيسور الإسرائيليّ هيلل فريش، أستاذ في الدراسات السياسيّة ودراسات الشرق الأوسط في جامعة بار إيلان وكبير الباحثين في مركز بيغن-السادات للدراسات الإستراتيجيّة، في تحليلٍ جديدٍ نشره على موقع المركز أنّ الادعاء بأنّ الاتفاق بين الإدارة الأمريكيّة والسلطة الفلسطينيّة والمصريين للسماح للسلطة الفلسطينيّة بتحويل المنح المالية إلى حماس من شأنه أنْ يؤدّي إلى إعادة تأكيد دور السلطة الفلسطينيّة في السيطرة على قطاع غزة، لا يُمكِن أنْ يكون واقعيًا، مُشدّدًا على أنّه في منطقة الشرق الأوسط، تسود القوة المسلحة فقط، بحسب تعبيره. ويُحاوِل فريش نقض نظرية تسيبي ليفني، عضو الكنيست عن المعسكر الصهيوني وزعيمة المعارضة بأنّ الحلّ السياسيّ ليس مُتاحًا فقط، ولكنّه ممكن، وكان يُمكِن تنفيذه منذ العام 2009 بإجماعٍ دوليٍّ وبقرارٍ من مجلس الأمن إلّا أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو قام بإحباطه. وأوضح البروفيسور فريش أنّ مزاعم ليفني ليست صحيحةً، لأنّها مبنيةً على فرضيتين خاطئتين، الأولى أنّ وجود الإجماع بين القوى الخارجيّة (غير المدعوم بحقائق على الأرض) في الشرق الأوسط أمرًا مهمًا، وهذا غير صحيح بزعمه، والثانيّة أنّ قرار مجلس الأمن يستحّق أكثر من الورقة التي سيكتب بها وهذا أيضًا غير صحيح بنظره، وهو يتبّع في هذا التحليل وجهة النظر والممارسة الإسرائيليّة الدائمة سواء كانت الحكومة يساريّة أوْ يمينيّة إذْ أنّ إهمال القرارات الدوليّة هو سمة لازمة لأيّ حكومةٍ في دولة الاحتلال. ولفت البروفيسور الإسرائيليّ في سياق “تحليله” إلى أنّ الحرب الأهليّة السوريّة هي دليل على صحّة كلامه بعدم وجود أيّ قيمةٍ للقرارات الدولية، لأنّ مَنْ حسمها في النهاية هي القوّة العسكريّة، وكذلك عجز القرارات الدوليّة عن إلزام حزب الله في لبنان بالتجرد من سلاحه. ويرى أيضًا أنّ مصر تُمثل نموذجًا آخر على نموذج القوّة عبر صمود رئيسٍ، أيْ المُشير عبد الفتّاح السيسي، جاء في انقلابٍ، وبقاء الرئيس المُنتخب، محمد مرسي في السجن، وهذا يُعزّز نظريته القائلة إنّ مجتمعات الشرق الأوسط لا تلتزم إلّا بالقوّة. بالإضافة إلى ذلك، يسترجع الباحِث الإسرائيليّ أحداث غزة المأساوية منذ 12 عامًا، والتي قادت إلى سيطرة حماس على القطاع، ليقول إنّ ليفني ستُكرر الادعاء أنّ حماس ستضطر إلى نزع السلاح والسماح لقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينيّة بالعودة إلى غزة والسؤال الذي يطرحه: مَنْ الذي سيُرغمهم وماذا؟ ضغوط مالية؟ ستُقدّم إيران وقطر وتركيّا الأموال اللازمة للحفاظ على سيطرة حماس العنيفة على غزة، كما زعم. ثم يطرح فرضية إنْ كان بإمكان قوات الأمن الفلسطينيّة أنْ تغزو غزة بإذنٍ إسرائيليٍّ، ويسخر بالقول إنّ سبعين ألفًا من الجنود الإسرائيليين لم يتمكّنوا في عملية (الجرف الصامِد) عام 2014 من الاستيلاء على أكثر من ثلاثة كيلومترات من غزة، فما واقعية أنْ يتمكن بضعة آلاف من قوات رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس، من الاستيلاء على القطاع والتمسك به؟ ويتساءل الباحِث الإسرائيليّ: هل يُمكِن أنْ يتوقّع الجمهور الإسرائيليّ من الجيش الإسرائيليّ الدخول في النزاع نيابةً عن رئيس السلطة الفلسطينيّة، عبّاس الذي يبلغ من العمر الثمانين، والذي لا يتردد في كلّ مُناسبةٍ بإهانة الدولة اليهوديّة وتمويل عائلات الإرهابيين؟، على حدّ قوله. وخلُص البروفيسور فريش إلى القول إنّه مع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيليّة، يجب حثّ ليفني على التوصل إلى تفكيرٍ إستراتيجيٍّ أكثر واقعية يضع الردع العسكريّ في مركز الصدارة، جازمًا أنّ الجمهور الإسرائيليّ لن ينخدع مرّةً أخرى بفعل التمنّي الوهميّ، بحسب قوله.