تجري الاستعدادات في قطاع غزة حاليا، من قبل الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، لإطفاء صبغة “السلمية” أيضا على المسيرات التي يعد لانطلاقها يوم الجمعة المقبلة، في “مخيمات العودة الخمس”، المقامة على الحدود الشرقية لقطاع غزة، على غرار الجمعة الماضية، في إطار التفاهمات الجارية لتطبيق الشق الأول من اتفاق إعادة الهدوء الذي تتوسط فيه مصر، وسط ترجيحات تشير إلى إمكانية اتخاذ الهيئة قراراً بعدم انتظام فعاليات “المسير البحري” الذي ينطلق كل يوم اثنين صوب الحدود البحرية.
ومن المقرر أن تنظم مسيرات شعبية سليمة في مناطق الحدود الشرقية للقطاع، ضمن دعوات إحياء “جمعة المسيرة مستمرة”، لا يتخللها إشعال النيران في إطارات السيارات، ولا الاقتراب من أماكن السياج الحدودي، والاحتكاك هناك على غرار الجمع الماضية، بجنود الاحتلال.
ويأتي ذلك بعدما تمكن الوفد الأمني المصري الذي يتوسط في جهود إرساء التهدئة، من تحقيق إنجازات على الأرض، خاصة بعد الرسائل التي نقلها أول أمس من إسرائيل إلى حركة حماس، وتفيد بعدم اعتراض حكومة تل أبيب، على تطبيق المرحلة الأولى من التهدئة، والقائمة على السماح بتنفيذ مشاريع إغاثية للقطاع، بما فيها إيصال رواتب الموظفين المدنيين.
ومن المقرر ان يبقى الوفد المصري، على اتصال دائم بغزة وتل أبيب، للإشراف بشكل مباشر على ترتيبات عملية إحلال الهدوء في مرحلتها الأولى، ولا يستبعد في هذا السياق أن يطلع عن قرب على فعاليات الجمعة القادمة، بزيارة أحد مخيمات العودة، على غرار الجمعة الماضية.
وقال داوود شهاب القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، والمسئول في الهيئة الوطنية لمسيرات العودة لـ”القدس العربي”، إن هناك قراراً سابقاً اتخذ داخل الهيئة، بغض النظر عن الوساطة المصرية، يشمل “تقليل الخسائر” في صفوف المشاركين في فعاليات “مسيرة العودة”، وكان بذلك يشير إلى انتهاج أسلوب جديد، يعتمد على خفض التصعيد.
وأوضح أن فعاليات الجمعة القادمة ستكون مماثلة للجمعة الماضية، التي كانت “الأهدأ”، منذ انطلاق فعاليات “مسيرة العودة”.
لكن المسؤول الفلسطيني في ذات الوقت، أكد على أهمية أن يتم ترجمة الجهود المصرية على الأرض، والتي تشمل قيام الاحتلال بتنفيذ سلسلة خطوات، لتخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة.
وبحسب ما يتردد فإن هناك توجهاً داخل الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة، بعدم تنظيم “المسير البحري” بشكل منتظم عصر كل يوم اثنين، على غرار الأسابيع الماضية، والاكتفاء في مراحل قادمة بتنظيم هذا العمل على فترات متباعدة وغير منتظمة، ربما تقود في نهايتها لإلغاء الفعالية، التي احتجت عليها إسرائيل كثيرا، وأبلغت بذلك الوسطاء المصريين، لقربها من قاعدة بحرية مهمة.
وكانت الهيئة نظمت تلك الفعالية أول أمس، بعد أن أجلت مؤتمر الإعلان عن انطلاقها، حتى ظن المتابعون أنها ستقوم بإلغائها، وأسفرت المواجهات الخفيفة التي اندلعت هناك عن إصابة عدد من المتظاهرين، ولم تسجل في تلك المواجهات إطلاق قنابل صوتية على جنود الاحتلال كما جرت العادة، كما لم يقتحم المتظاهرين على غرار التظاهرات السابقة المنطقة الحدودية، ولم يقوموا بإشعال النار في إطارات السيارات.
إلى ذلك، قامت سلطات الاحتلال بالإفراج عن قبطان سفينة “العودة 2” ونائبه، بعد اعتقال دام أربعة شهور، حيث أطلقت إسرائيل سراج خالد الهسي، ونائبه محمد الهسي، الذي كان يقود سفينة تقل طلبة ومرضى، في رحلة بحرية انطلقت من مرفأ الصيادين بمدينة غزة لأحد الموانئ القرصية، بغرض كسر الحصار، حيث أطلق وقتها سراح الركاب بعد إخضاعهم للتحقيق.
وفي السياق، فقد أكدت الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار، في بيان لها على استمرار المسيرات، وأعلنت تمسكها بها كـ”أداة كفاحية بطابعها الجماهيري السلمي على طريق تحقيق أهدافنا وتحقيق كامل الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق الحرية والاستقلال وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس وحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم التي شردوا منها”.
وقالت إن استمرار الحراك والمسيرات الجماهيرية بـ”أدواتها السلمية من أجل تحقيق أهدافنا، لا ينفصل عن نضالنا من أجل رفع الظلم عن أهلنا بكسر الحصار ورفع الإجراءات العقابية وتحقيق الوحدة الوطنية”.
ودعت سكان القطاع في بيان أصدرته للمشاركة في “جمعة المسيرة مستمرة” وذلك على أرض مخيمات العودة شرق القطاع من بعد عصر يوم الجمعة القادم، وحذرت من “الإشاعات المسمومة” التي قالت إن “إعلام الاحتلال وأدواته الخبيثة” تبثها بهدف إنهاء مسيرات العودة والتي يسعى من خلالها للتشويش على الحراك الجماهيري “الذي أربك حسابات الاحتلال”.
وأشادت في ذات الوقت بالجهود التي تبذلها مصر، ومن ضمنها الجهود المبذولة لإنجاح المصالحة الفلسطينية وإعادة اللحمة الوطنية التي تشكل أولى الخطوات في “دحر الاحتلال وزواله عن أرضنا”.
في المقابل أكدت قيادة القوى الوطنية والإسلامية في الضفة الغربية، على أهمية التمسك بإنهاء الانقسام الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، من خلال ترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني لمواجهة “صفقة القرن” الأمريكية الهادفة لـ”تصفية القضية الفلسطينية”.
وشددت على أن اي اتفاقات حول التهدئة أو غيرها “يتعين أن تنطلق من اتفاق المصالحة على قاعدة تنفيذ الاتفاقات الموقعة في القاهرة من كل الفصائل في عام 2017 والذي جاء على قاعدة اتفاق 2011”.
وأكدت أن إقرار الاحتلال بقطع أموال المقاصة وتحويلها الى غزة “يأتي في سياق محاولة تكريس الانقسام وبيع الوهم بإمكانيات الوصول إلى حلول إنسانية وجزئية ومؤقتة”، لافتة إلى أن تلك الحلول “تشكل خطرا على القضية الوطنية وتفتح شهية أعداء شعبنا لإمكانية ضرب المشروع الوطني والوصول إلى حلول جزئية على حساب القضايا الوطنية العامة”.