نشرت وكالة "رويترز" تقريرا يتحدث عن حرب شرسة تدور في شبكة الإنترنت على خلفية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية المملكة في اسطنبول في الثاني من أكتوبر الماضي.
وأشارت "رويترز" في تقرير نشرته الخميس إلى أن الحسابات الآلية المعروفة إعلاميا بـ"الذباب الإلكتروني" غزت مواقع التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة بمنشورات مؤيدة غالبا للأسرة الحاكمة في السعودية تعرب فيها عن الشكوك في تورطها بقتل الصحفي.
في المقابل، ثمة جهود مضادة تهدف إلى "تعكير المياه" أكثر، عن طريق استخدام مواقع إخبارية زائفة وحسابات مبرمجة مرتبطة بها، من أجل بث البلبلة والتشوش في الشبكة العنكبوتية حول تطورات الأحداث داخل الحكومة السعودية.
وفي إطار هذا الحرب، نشرت ما تسمى "صحيفة الأوطان الإلكترونية" في العشرين من الشهر الجاري خبرا مزيفا مدعية أنه نقلا عن وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس"، مفاده أن الملك سلمان بن عبد العزيز وقع مرسوما لاستبدال نجله الأمير محمد بن سلمان بالأمير خالد بن سلمان في منصب ولي العهد.
وذكرت "رويترز" أن "صحيفة الأوطان" هي جزء من 53 موقعا على الأقل تدعي أنها منتمية إلى وسائل إعلام عربية وتنشر معلومات مزيفة حول الحكومة السعودية ومقتل خاشقجي.
وأكد خبراء من شركة ClearSky الإسرائيلية المختصة في الأمن الإلكتروني أن تلك المواقع تعمل ضمن إطار شبكة واحدة.
وبعد نشر الأخبار المزيفة على تلك "المواقع الإخبارية"، يبدأ "الذباب الإلكتروني" بتداولها في مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة.
وأشارت "رويترز" إلى أن موقع "تويتر" جمد بعض هذه الحسابات الآلية بعد توجه الوكالة إليه.
وحسب المعلومات المتاحة في الإنترنت، فإن معظم هذه المواقع تابعة لشخص يدعى "محمد تربيه"، ولديه عنوان مسجل في مصر.
واتصلت "رويترز" هاتفيا مع شخص ادعى أنه محمد تربيه وأكد أنه صاحب هذه المواقع، لكنه قطع الاتصال بعد توجيه أسئلة إضافية إليه.
وفي رسالة إلكترونية إلى الوكالة لاحقا، تراجع الرجل عن تصريحاته، قائلا إنه "لم يفهم السؤال" ولا علاقة له بتلك المواقع.
وتابعت الوكالة أن خصوم السلطات السعودية يمارسون أنشطة إلكترونية مكثفة، حيث رصد "فيسبوك" وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي في أغسطس الماضي عملية منسوبة إلى إيران لنشر معلومات كاذبة تستهدف السعودية عبر المواقع الإخبارية والحسابات الزائفة، ورفضت طهران حينئذ هذه الاتهامات قطعيا.
وأما بخصوص الحسابات المبرمجة الموالية للحكومة السعودية، فلعب سعود القحطاني، مستشار الديوان الملكي السعودي الذي تم إعفاؤه من هذا المنصب على خلفية قضية خاشقجي، دورا رئيسيا في إنشاء ما يسمى "الجيش الإلكتروني السعودي" أوائل الألفية الثانية بهدف حماية سمعة المملكة، حسب ما نقلت "رويترز" عن مصدر مقرب من القصر الملكي.
وأصبح القحطاني وجيشه في واجهة الصراع الذي اندلع في الإنترنت على خلفية الأزمة القطرية في يونيو 2017، لكن وضعه وتلك الحسابات الآلية غير واضح الآن بعد إعفائه.
ووجدت الوكالة حسابات آلية وتابعة لسعوديين مؤثرين في "تويتر" تنشر بكثافة هاشتاغات تُحمل المخابرات القطرية مسؤولية قتل خاشقجي، لكن دون وجود أدلة تثبت وقوف القحطاني أو الحكومة السعودية وراء هذه الأنشطة.
وخلصت ليزا ماريا نيوديرت، الباحثة في "معهد الإنترنت" التابع لجامعة أوكسفورد أن مقتل خاشقجي أظهر بوضوح القدرة المتزايدة للحكومات والناس على التلاعب بالمعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي من أجل تقديم أجنداتهم السياسية.
المصدر: رويترز