بالتوازي مع بدء السلطة الفلسطينية الإعداد لعقوبات جديدة على قطاع غزة، خلال الشهر الجاري، لإرغام حركة «حماس» على تسليم القطاع، رتّبت الأخيرة لخطة جديدة لمواجهة العقوبات التي يتوقع أن تبدأ بعد عقد «المجلس المركزي لمنظمة التحرير» منتصف هذا الشهر.
يقول مصدر في الحركة لـ«الأخبار» إن الأخيرة أتمت خطتها لمواجهة عقوبات السلطة، وخاصة بعد إعلان عضو اللجنتين «التنفيذية لمنظمة التحرير» و«المركزية لفتح»، عزام الأحمد، الأسبوع الماضي أن حركته أبلغت المصريين أن «قيادة السلطة لن تبقى تنتظر حماس في ما يتعلق بإنهاء الانقسام... في بداية أكتوبر (تشرين الأول)، إذا بقيت حماس تماطل بهذه الطريقة، فنحن نعرف كيف نقوّض سلطتها في غزة».
يكشف المصدر أن «خطة الرد» تعتمد على مسارين أساسيين: ميداني وسياسي، وذلك «لإعادة الضغط على السلطة كي تتراجع عن خطواتها»، مؤكداً أن «حماس» أبلغت المصريين أنها لن تقبل أي عقوبات جديدة، بل ستتخذ خطوات «تنسف العلاقة مع السلطة كلياً ونهائياً، بما في ذلك إنهاء أي وجود لها أو لفتح في غزة». وعلمت «الأخبار» أن جزءاً من خطوات الحركة سيكون بالتنسيق مع المصريين، وخاصة في ما يتعلق بالجوانب الاقتصادية، ومن ذلك تسريح موظفي رام الله العاملين على معبر «كرم أبو سالم» (المعبر التجاري الوحيد مع إسرائيل وتجبي منه الأخيرة الضرائب لها وللسلطة في ما يعرف باسم «المقاصة»)، لكن دون إعادة موظفين من «حماس» عليه، وهو ما يعني عملياً توقف المعبر كلياً. في المقابل، تنوي الحركة تحويل البضائع لتدخل عبر معبر رفح الذي سيُطرد منه موظفو السلطة أيضاً، وهو ما يعني توقف جباية الضرائب لمصلحة رام الله عبر المعبرين، التي تقدر ما بين 50 و70 مليون دولار شهرياً.
في المقابل، قال مصدر في السلطة الفلسطينية لـ«الأخبار»، إن «الرئيس عباس يفكر في جملة من العقوبات تشمل إحالة جميع العاملين في وزارتي الصحة والتعليم على التقاعد»، الأمر الذي يعني حدوث أزمة كبيرة في هذين القطاعين، إذ إن 90% من الأطباء ذوي الاختصاص يتقاضون رواتبهم من السلطة، وكذلك الحال مع 60% من كوادر التعليم. وهنا تخطط «حماس» للرد على ذلك بـ«إجراءات شديدة» ضد من يستنكف من العاملين في هذين القطاعين لإرغامهم على العودة إلى العمل، من دون توضيح بشأن رواتبهم التي يمكن أن تتوقف في حال إجبارهم على الدوام.
كذلك، يقول المصدر في السلطة إنها تنوي تخفيض رواتب موظفيها مجدداً لتصرف بنسبة 40%، علماً بأنها تصرف حالياً بنسبة 50 الى 70%، كما ستوقف إصدار جوازات السفر لجميع المنتمين إلى «حماس» في غزة. ورغم شح الكهرباء في القطاع، ستتوقف السلطة عن دفع ثمن 70 ميغاواط تأتي من إسرائيل إلى غزة كانت تدفعها من أموال المقاصة. لكن المصدر نفسه نفى أنّ العقوبات الجديدة ستصل إلى إيقاف عمل البنوك أو «سلطة النقد»، مع أنها ستشمل وقف الحوالات المالية السريعة، مثل «ويسترن يونيون»، بالإضافة إلى إغلاق حسابات الجمعيات الخيرية، المرخصة في القطاع، في البنوك. يضيف هذا المصدر إن الخطوات الجديدة هدفها واضح وهو «إثارة المواطنين على حماس لدفعها إلى تسليم القطاع للسلطة دون شروط»، لافتاً إلى أن رام الله ستحاول «تجنّب إغضاب المصريين، لذلك لن تقدم على إغلاق البنوك وقطع رواتب موظفيها كلياً، أو كما أشيع عن إعلان غزة إقليماً متمرداً بما يشمل إجراءات مثل قطع شبكات الاتصال والإنترنت، وكذلك حل المجلس التشريعي الذي تحوز حماس الغالبية فيه».
بالعودة إلى المصدر الحمساوي، قال إن المصريين حذروا رام الله من فرض عقوبات جديدة تدفع القطاع إلى مواجهة عسكرية مع الاحتلال، مؤكدين للحركة أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذه الخطوات. مع ذلك، ترى «حماس» في العقوبات الجديدة اتساقاً في موقف السلطة مع توجهات وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، الذي قال في تصريح صباح أمس، إن من المهم أن «ينجح سكان غزة في تدمير نظام حماس من أجل ضمان مستقبل أطفالهم». ومن جهة ثانية، يمكن أن تتجه «حماس» إلى إعلان حل تنظيم «فتح» في غزة، ومنع أنشطتها كلياً والسيطرة على مقدراتها المالية والمادية، بالإضافة إلى تفعيل عدد من الملفات الأمنية التي تم تجميدها تجنباً لتوتير أجواء المصالحة، من مثل تقديم عدد من المحسوبين على الحركة معلومات استخبارية إلى رام الله.
يشار إلى أن رئيس السلطة محمود عباس، قد كان كلّف حكومة «الوفاق الوطني» إعداد «تصور كامل حول وقف تمويل غزة، بما في ذلك رواتب الموظفين ووزارتي الصحة والتعليم ورواتب الشؤون الاجتماعية» (راجع العدد 3549 في 27 آب 2018»، لكنه انتهى إلى إقرار الخطوات المذكورة.