حمَّل القيادي البارز في حركة حماس محمود الزهار الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تداعيات استمرار الحصار والمعاناة في قطاع غزة، مؤكدا أن مباحثات التهدئة لم يسفر عنها أي شيء.
وقال الزهار في تصريح صحفي، إن "مباحثات التهدئة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي لم يتمخض عنها أي شيء حتى اللحظة، مشدداً على أنَّ الجماهير الفلسطينية ستُصعد فعالياتها الميدانية مع الاحتلال حتى كسر الحصار الإسرائيلي عن غزة المتواصل منذ 12 عاماً".
وأكد أنَّ "الهدف الذي كان مرجواً من مباحثات التهدئة -التي لن يقابلها أي ثمنٍ سياسي كما يروج المرجفون- كسر الحصار الإسرائيلي الظالم، وأن يتمخض عنها شيء على أرض الواقع يلمسه الناس؛ مثل ممر بحري يستطيع الناس من خلاله السفر بحرية وبأمان".
وأضاف الزهار: "كان الهدف من المباحثات أن نجد شيئاً على أرض الواقع، هكذا أبلغْنا الوسطاء الذي التقوا قيادة المقاومة لبحث التهدئة، لكن حتى اللحظة المشكلة قائمة ووعود الاحتلال لم تتحقق؛ لذلك الجماهير الفلسطينية من خلال وعيها وإدراكها ستقول كلمتها وستضغط على الاحتلال الإسرائيلي، محملاً الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تداعيات استمراره في الحصار على غزة".
وأوضح الزهار أنَّ "مسيرات العودة وكسر الحصار ومن ورائها المقاومة العسكرية أرعبت الاحتلال الإسرائيلي وكلفته الكثير على جميع المستويات، مستشهداً بأن إسرائيل لهثت مع اشتداد المسيرات وراء تهدئة مع المقاومة، واستنجدت بعواصم أوروبية وعربية لوقف المسيرات، موضحاً أنَّ إسرائيل ستتكبد الكثير إذا ما استمرت في حصار غزة، قائلاً "عليها أن تتحمل مسؤولية استمرارها في حصار غزة".
وأردف: "الاحتلال في مأزق حقيقي ويستغيث تارة بجمهورية مصر العربية وتارة بمبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف لوقف المسيرات والفعاليات الشعبية، واستوعب الاحتلال الرسالة وبدأ يبحث عن حل وبدأ يتحدث عن تخفيف الحصار فعاد عن اغلاق معبر كرم أبو سالم، ولم يعترض على فتح معبر رفح البري، لكن السلطة ممثلة برئيسها محمود عباس لا تزال تصر على فرض العقوبات ظناً منها أنَّ الراتب والعلاج يمكن أن يكون ثمنه تسليم سلاح المقاومة".
وعن خيارات المقاومة إذا ما فشلت مباحثات التهدئة وجهود كسر الحصار، قال: المقاومة عادة ما تتبنى قناعات الشارع الفلسطيني، لذلك سنرى إلى أين يمكن أن تتجه الأمور، وعندها سنتبنى قناعات الشارع، ولن نتخذ أي قرار بمعزل عن الشارع الفلسطيني الذي نحن منه وفيه، وعلى إسرائيل إذا ما استمرت بحصارها أن تتحمل المسؤولية الكاملة تجاه خيارات المقاومة والشارع الفلسطيني".
في السياق، أشار الزهار إلى أن "السلطة الفلسطينية ممثلة برئيسها محمود عباس تحاول أنْ تصعب على جمهورية مصر العربية دورها، وأن تفشل أي جهود من شأنها تخفيف حصار قطاع غزة، ظناً من عباس أنَّ الحرمان من الراتب والعلاج والسفر ستقلب الشارع الفلسطيني في وجه المقاومة"، مشيراً إلى أنَّ "ذلك لن يحدث لأن علاقة المقاومة بالشارع الفلسطيني متينة، وعندما انفجر الفلسطينيون انفجروا في وجه الاحتلال".
وفيما يتعلق بالمصالحة وعلاقتها بملف التهدئة، شدد الزهار على أنَّ الملفين منفصلين تماماً عن بعضها، قائلاً "إن ملف كسر الحصار وتثبيت التهدئة يسير بطريقة أكثر فعالية من موضوع المصالحة التي تعطلها فتح منذ عام 2006"، لافتاً إلى أنًّ مباحثات التهدئة التي جرى مناقشتها في القاهرة تستند إلى التفاهمات التي أعقبت عدوان 2014، متسائلاً "إذن كيف يعطل ملف التهدئة على ملف المصالحة؟".
ويرى الزهار أنَّ "فتح والسلطة بقيادة رئيسها محمود عباس تعملان على تعطيل المصالحة"، رافضاً -في الوقت ذاته- مصطلح "مصالحة" مع حركة فتح "كون أنَّ الأخيرة لا تريد المصالحة بمفهومها الوطني الواسع القائم على الشراكة، وتريد من كلمة المصالحة أن تُجهزَ على مشروع المقاومة في غزة".
وتابع الزهار: مطلوب من مشروع المقاومة أن لا يخدع الشارع الفلسطيني فيما يتعلق بملف المصالحة؛ لأن عباس لا يريدها، إذا أردنا ان نحلل كلمة مصالحة من وجهة نظر عباس والشارع الفلسطيني نجد هناك تباين كبير بين الرؤى والتوجهات، متسائلاً "كيف يمكن أنْ يصطلح برنامج يتمسك بفلسطين كل فلسطين ويدفع في سبيل ذلك الدماء والارواح مع برنامج يصرُ على الاتفاق مع الجانب الإسرائيلي بـ 99 % فيما يتعلق بالتنسيق الأمني؟!".
وأضاف: "المصالحة تعني تطبيق اتفاق القاهرة 2011، وعباس لا يريد ولا يرغب بالمصالحة الحقيقة ويضع العراقيل ويضع العربة أمام الحصان، ولا زال يحلم بأن حجب علبة الدواء والرواتب والحرمان والعقوبات يمكن أن يحقق حلمه بأن يتحرك الشارع الفلسطيني ضد المقاومة في غزة".
وبين الزهار أنَّ المصريين يتحركوا بمستويين مع ملفي المصالحة والتهدئة، عندما تسخن الأوضاع تتحرك مصر في ملف التهدئة، وعندما تكون الأمور عادية يتحرك المصريون في ملف المصالحة؛ وعندما يستمعوا لعباس في ملف المصالحة يعطيهم إجابات في منتهى الغباء مثل مقولته الشهيرة من "الباب إلى المحراب"، و"فوق الأرض وتحت الأرض"، على حد تعبيره.
وأشار الزهار إلى أن تطبيق اتفاق القاهرة 2011 سيؤسس لمرحلة جديدة، كون أن الاتفاق ينص على انتخابات رئاسية وتشريعية و"مجلس وطني"، وعندها سيختار الشارع الفلسطيني من يمثله في الحكومة والبرنامج، موضحاً أن "الانتخابات تشكل كابوساً حقيقاً للسلطة كون أن برنامجها القائم على التنسيق الأمني المقدس سيواجه برنامج المقاومة الملتزم بالثوابت ويدفع في سبيل ذلك الدماء والأرواح" وفق قوله.
ووصف الزهار هجوم فتح والسلطة على مباحثات التهدئة واتهامها أنَّ التهدئة تصب في إطار صفقة القرن بـ"الشيء الفارغ".
وفيما يتعلق بمسيرات العودة وكسر الحصار، قال الزهار: "مسيرات العودة ردٌ عملي غير متوقع لمن أراد تأليب الشارع الفلسطيني ضد المقاومة، المسيرات انطلقت بعد اشتداد حصار غزة من قبل الاحتلال الإسرائيلي والرئيس محمود عباس الذي قطع الرواتب ومنع السفر وحرم المرضى من الدواء، فطنَّ الاحتلال وعباس أنهم باستطاعتهم تأليب الشارع على المقاومة، فإذا بالشارع يتوجه نحو السياج الفاصل ويقتلعه، ويشارك في جمعة بزخم عالي ووتير متصاعدة".