تمضي حكومة الاحتلال الاسرائيلي قدما في سياسة الضم عبر خلق وقائع يومية جديدة وسلسلة من المشاريع الاستيطانية المتتالية التي تقوم بها على الارض ، مستغلة بشكل بشع مظلة الدعم والانحياز الامريكي للاحتلال وسياساته الاستعمارية التوسعية، حيث تشهد مدينة القدس بشكل خاص وعموم مناطق الضفة الغربية المحتلة بشكل عام تغولا استيطانيا غير مسبوق .
ويأتي اتفاق لجنة التخطيط والبناء التابعة للبلدية الإسرائيلية في القدس مع سلطة الأراضي الإسرائيلية ببناء 20 ألف وحدة استيطانية في مناطق عدة من المدينة يسلط الضوء من جديد على استثمار حكومة وبلدية الاحتلال قرار الادارة الاميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل ونقل سفارتها من تل أبيب الى القدس لتسريع وتيرة العمل والمخططات التي تستهدف تهويد المدينة المقدسة . هذا الاتفاق الذي جرى بين الجانبين يؤكد على استثمار مبلغ 1.4 مليار شيقل إسرائيلي (نحو 380 مليون دولار)، في مشاريع تهدف لتطوير البنية التحتية وبناء فنادق ومناطق تجارية وصناعية في أنحاء مختلفة من مدينة القدس. نير بركات ، رئيس بلدية الاحتلال ، الذي ينتمي لحزب الليكود المتطرف ، وصف الاتفاق بأنه " تاريخي ومهم لمستقبل مدينة القدس، فالمشروع سيسمح بإضافة 20 ألف عائلة جديدة في القدس ، والمشاريع الاقتصادية ستسرع من النمو الذي بدأته بلديته في العقد الأخير".
وعن تفاصيل هذا المشروع الاستيطاني فإنه سوف يخصص 2500 وحدة استيطانية في ما يسمى مشروع "وايت ريدج" (وهو امتداد طوبوغرافي في تلال القدس)، فضلا عن أن الاتفاق يشمل بناء مناطق جديدة للعمل والتجارة والفنادق في القدس ، ستوزع على ثلاثة ملايين متر مربع : مشروع مدخل المدينة وعلى طول مسار بيغن وعند مفترق بيت وبفغات زئيف وهار حوتسوفيم والمالحة وكريات يوفال ومنطقة التلة الفرنسية والمنطقة الصناعية لعطاروت ومناطق أخرى.
وقال مسؤول اسرائيلي في وزارة الاسكان الاسرائيلية ان مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يؤخر بناء الالاف من الوحدات السكنية بالقدس. ويترافق هذا النشاط الاستيطاني مع سعي الاحتلال لتهجير التجمعات الفلسطينية شرقي القدس في منطقة الخان الأحمر تمهيدا للبدء ببناء منشئات استيطانية ضمن مخطط E1 والذي يهدف إلى ضم كتلة "معاليه أدوميم" (50 ألف مستوطن) للمدينة المقدسة. وقد كثفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في السنوات الأخيرة من عمليات الاستيطان وهدم المنازل الفلسطينية في القدس الشرقية. وقبل نحو عام، قال وزير الإسكان الإسرائيلي يوآف غالانت ، إن "إسرائيل تسعى لبناء مليون وحدة استيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية ، في السنوات العشرين المقبلة".
وفي السياق ايضا صادقت ما تسمى بـ”لجنة التخطيط والبناء” التابعة لبلدية الاحتلال في القدس، على خطة لبناء كليات عسكرية على أراضٍ فلسطينية واقعة في قرية “عين كارم” في القدس. رغم معارضة شديدة من قبل الكنيسة الفرنسيسكانية ورعاياها، بسبب مخاوف من احتمال تسبب البناء بجفاف المياه في نبع “عين مريم”؛ وهو موقع مقدّس بالنسبة للمسيحيين.
على صعيد آخر تبدو الضفة أشبه بالساحة الخلفية للاحتلال دون أي حساب حيث أنهى جيش الاحتلال الإسرائيلي ، تدريبات عسكرية لقوات لواء “شومرون” في تخوم نابلس بالضفة الغربية المحتلة ، والتي تحاكي سيناريوهات مختلفة لتجهيز القوات وتعزيز قدراتها التشغيلية وتنفيذ هجمات.وشارك عشرات الجنود في تلك التدريبات العسكرية ، وتضمنت سيناريوهات مختلفة لتجهيز القوات وتعزيز القدرات التشغيلية ، بحسب الجيش الاسرائيلي ، و نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي مناورات عسكرية شرق جنين واقتحمت قرية رمانة بأعداد كبيرة انتشرت بأعداد كبيرة في السفوح الجبلية الواقعة بين بلدتي المطلة والمغير شرق مدينة جنين، ونفذت مناورات وتدريبات عسكرية امتدت لشوارع بلدة المطلة وبين منازل مواطنيها. وكان جنود الاحتلال ومنذ نحو شهر تقريبا يجرون عمليات تدريب مكثفة في هذه المنطقة الجبلية التي تقع قرب جدار الفصل العنصري في المنطقة الشرقية لجنين ؛ ما يتسبب بالتشويش على حياة المواطنين في المنطقة.
وفي تحد جديد للقانون الدولي الذي لا يجيز تحويل المواقع العسكرية التي اقامها الاحتلال لغايات اخرى أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، عن إيداع المخطط التفصيلي رقم (323) الذي يستهدف تحويل معسكر جيش الاحتلال المعروف بإسم " روش هبكعا" المقام على أراضي المواطنين في محافظة طوباس، إلى مستوطنة بإسم " بترونوت"، ومنح تراخيص بناء فيها، علما ان مساحة المخطط بلغت 298 دونما ويهدف إلى تحويل استخدامات الأرض من منطقة زراعية إلى " منطقة مؤسسات عامة للتربية، ومنشآت هندسية، ومساحة عامة ومناطق مفتوحة وطرق" حسب إعلان الإيداع.كما أظهر المخطط التفصيلي المودع للاعتراض بأن عددا من المباني والمنشآت القائمة داخل المعسكر سيتم هدمها وإزالتها لإعادة تنظيمها داخل منطقة التخطيط الجديدة.
وفي محافظة طولكرم شرعت قوات الاحتلال بعمليات تجريف واسعة في اراضي قرية المحاذية لمستوطنة "افني حيفتس"من الجهة الشمالية الشرقية، بعد ازاحة الجدار الشوكي الذي يحيط بالمستوطنة للجهة الشرقية، تمهيدا لإقامة 800 وحدة استيطانية، حسب ما ورد اليهم من قبل المقاولين العاملين هناك. ويبدو واضحا ان سلطات الاحتلال ماضية بعمليات التجريف، وخلع الأشجار بوتيرة جنونية، وكأنها تسابق الزمن، غير آبهة باعتراضات المزارعين كما تقوم قوات الاحتلال بين الفينة والأخرى بعمليات تفجير لتفتيت الصخور، الامر الذي نتج عنه تصدع وتشقق في بيوت المواطنين المحاذية للمنطقة، ولا تبعد عن منطقة التفجير أكثر من 100 متر.
وأقدمت تلك القوات على تجريف أراض بمساحة 10 دونمات مملوكة لآل البرقاوي، واقامت عليه حقلا للرماية ولتدريب جنود الاحتلال، بعد معارضة المستوطنين على وجود حقل الرماية السابق داخل المستوطنة. واشار الى ان سلطات الاحتلال تهدف ربط المجمع الاستيطاني في محافظة طولكرم مع بعضه البعض، خصوصا مستوطنة "عناب" الجاثمة على أراضي كفر اللبد، ورامين شمالا، ومستوطنة "سلعيت" المقامة على اراضي كفر صور جنوبا مع أراضي عام 1948. "ما يثبت ذلك هو اقدام سلطات الاحتلال على اقامة محطة تقوية كهرباء العام الماضي، وشق طرق جانبية، وإنشاء "جزر" على جانبي الطريق الالتفافي تمهيدا لعملية الربط" يوضح الدروبي.
وفي الاغوار الفلسطينية الشمالية شرع جيش الاحتلال الإسرائيلي بإجراء تدريبات عسكرية في منطقة خربة "يرزا" جنوب قرية بعد أن تم إجبار 4 عائلات فلسطينية على مغادرة المكان والرحيل عن أراضيها بذريعة التدريبات العسكرية وهذه هي المرة الثالثة التي تطرد فيها قوات الاحتلال العائلات نفسها بحجة التدريبات العسكرية التي تستخدم فيها الذخيرة الحية وقذائف المدفعية . وفي الوقت نفسه بدأ مستوطنون من التجمع الاستيطاني المقام في خلة حمد بالأغوار بتجهيز طريق ترابية تتصل مع الشارع الرئيسي بوضع مادة “البسكورس” في جزء من الشارع الذي يصل تجمعهم بالشارع الرئيسي، تمهيدا لتعبيده.يشار إلى أن مستوطنين في عام 2016 بدأوا ببناء غرف “كرفانات” وحظائر أغنام في تلة “خلة حمد”، وأخذت تلك الغرف بالزيادة والتوسع الأفقي.
والى جانب استباحة جيش الاحتلال لمناطق واسعة في شمال الضفة الغربية صادقت لجنة المالية في الكنيست الإسرائيلي أمس على إضافة ٣٥ مليون شيكل تخصص للمستوطنات التي أقيمت للمستوطنين الذين تم إخلاؤهم من الموقعين الاستيطانيين "عموناه" و "نتيف هابوت".وقالت وزارة المالية "الإسرائيلية" إن هذا المبلغ مخصص للمقاولين الذين نفذوا أعمال بناء لصالح المستوطنين .وكان مستوطنو "عموناه" سكنوا في منازل مؤقتة بعد إخلائهم في مستوطنة "عوفرا" وخلال شهور قامت السلطات "الإسرائيلية" بتأهيل وشرعنة مستوطنة عميحاي قرب مستوطنة "شيلو" وسط الضفة الغربية المحتلة. وسيتم تحويل ٢٠ مليون شيكل لصالح المستوطنين الذين تم إخلاؤهم من "عموناه" و ١٥ مليوناً لصالح من تم إخلاؤهم من "نتيف هابوت". وقال عضو الكنيست موسي راز "ميرتس" عضو لجنة المالية إن "الحكومة تواصل تحويل مليارات الشواكل للمستوطنين، تحديدا الذين سرقوا أراض خاصة، ويتضح أن الحكومة لم تغير فقط قانون "لا تسرق" إلى "اسرق من العرب" وإنما تكافئ المستوطنين على حسابنا.
على صعيد آخر ومن أجل تطوير البنى التحتية المناسبة لمخططاتها الاستيطانية قرّرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بعد اجتماع ضمّ وزير الاتصالات، أيوب القرا، و"لجنة الشؤون الأمنية والمدنية في الضفة الغربية" بالكنيست، إكمال نصب الهوائيات الخلويّة في الضفة الغربيّة المحتلة، من أجل تحسين إرسال الهواتف التي تعمل بشريحة إسرائيليّة . و شركة PHI، التي فازت بمناقصة بناء بنى تحتية خلويّة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، ستغطّي، أيضًا، الإرسال للهواتف "المدنيّة" في المناطق التي تعاني شحًا في الإرسال لحملة الشرائح الإسرائيليّة.والتحسينات موجّهة، بالأساس، لخدمة مئات آلاف المستوطنين في الضفّة الغربية المحتلة . وبالفعل بدأت الشركة في توسيع البنى التحتيّة وأقامت، حتى الآن، 15موقعًا من أصل 35مخططا لها، حسّنت من الإرسال في مناطق واسعة، كانت حتى وقتٍ قريب دون إرسال، بالإضافة إلى الهوائيّات (أنتينات) العسكرية التي يبلغ عددها 35 هوائيّة، فإنه سيتم نصب ثلاثين آخرين.
وفي خطوة استفزازية في ظل سياسة الانحياز الامريكي الاعمى التي تقودها الادارة الامريكية ومن خلفها الحزب الجمهوري وعلى راسه الرئيس الامريكي دونالد ترامب ونائبه مايك بنس زار وفد من الحزب الجمهوري مستوطنات مقامة على اراضي بيت لحم واكدوا دعمهم للاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية. وزار الوفد الذي ترأسه مرشح الحزب لولاية اركستو (مايك هايكلي ) "مستوطنة افرات" حيث كان في استقبالهم رئيس مجلس المستوطنات في الضفة ( حنان دورني ) و رئيس مجلس محلي "افرات "( عوديد ربيبي الذين عبروا عن سعادتهم بالزيارة التي تعتبر شكلا من اشكال الدعم للاستيطان . وقال مرشح الحزب الجمهوري ورئيس وفده الى المستوطنات بأن الاستيطان الاسرائيلي ليس عائقا لعملية السلام مشيرا الى ان من حق اسرائيل ان تبني في هذه الاراضي. وزار الوفد الامريكي المؤيد لاسرائيل "مستوطنة تمار" وهي احدى الاحياء الاستيطانية التابعة لمستوطنة "افرات" والمطل على بلدة ارطاس و الخضر في محافظة بيت لحم مؤكدين على دعمهم لجهود اسرائيل في البناء الاستيطاني.
وفي السياق نفسه قال السفير الأميركيّ لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، خلال لقائه يوم الاربعاء الماضي مجموعة من الإسرائيليين والفلسطينيين في مكتبه بمدينة القدس، منهم عضو الكنيست عن حزب الليكود، المستوطن يهودا غليك، ورئيس المجلس الإقليمي لمستوطنات جنوب الخليل إنه لا يرى سببا يدعو لإخلاء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربيّة المحتلة ، فيما قال عضو الكنيست غليك إن فريدمان ترك انطباعًا بأنه "سئم من برامج الإخلاء"، ونقل عنه قوله "إنه يجب إيجاد وجهات نظر جديدة". ويعد فريدمان واحدًا من أبرز مؤيدي الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة ، وتؤكد تصريحاته تسريبات سابقة بأن "صفقة القرن" ستبقي المستوطنات في مناطق ج بالضفة الغربية المحتلة ضمن سيطرة الاحتلال الإسرائيلي . وفي ذلك الاجتماع طلب رئيس المجلس الإقليمي لمستوطنات جنوب الخليل وغليك من فريدمان دعمه لبناء منطقتين صناعيتين مشتركتين بين المستوطنين ورجال أعمال فلسطينيين في المنطقة ج جنوب الخليل، بالقرب من صحراء النقب، وهي المنطقة التي اعتبرت في السابق منطقة منعزلة وراء الجدار الأمني لإسرائيل. ويحظى مشروع المنطقتين الصناعيتين، الذي تم تقديمه بالفعل إلى الإدارة المدنية للاحتلال في الضفة الغربيّة بدعم مالي من المستوطنين