يشهد قطاع غزة حراكاً إقليميا ودولياً ضمن مسارات متعددة منها ما هو متعلق بالمصالحة الفلسطينية وأخرى جهود لحل بعض الأزمات فيه مقابل "تسكين قطاع غزة" وإعادة الهدوء مع الاحتلال الإسرائيلي ووقف مسيرات العودة.
الحراك تقوده مصر إقليمياً عبر إعادة المياه لملف المصالحة الفلسطينية كونها راعية هذا الملف، ودولياً "زيارات ماراثونية" يجريها المبعوث الأممي لعملية السلام في "الشرق الأوسط" نيكولاي ميلادينوف لقطاع غزة الذي يحمل في جعبته "مقترحات إنسانية" للقطاع.
خضر حبيب القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، قال إن ميلادينوف يحمل بعض الأفكار والمقترحات لمعالجة بعض القضايا الإنسانية في قطاع غزة تتمثل بالوضع الصحي والكهرباء والبطالة ومشاريع للبنى التحتية، سيتم تنفيذها من خلال مبلغ "مليار دولار" جَمع منه (650) مليون دولار.
وأضاف حبيب في حديث لوكالة "شهاب" المحلية ، أن هذه المقترحات هي في إطار تخفيف الأزمة الإنسانية في قطاع غزة وليس رفع الحصار بشكل كامل، مبيناً أن المجتمع الدولي بما فيه الأمم المتحدة تتعاطى مع قطاع غزة على أنه "مشكلة إنسانية".
حبيب: 650 مليون دولار سيُصرف على مشاريع إنسانية وبنى تحتية ولا رفع كامل للحصار
وأوضح القيادي في الجهاد الإسلامي، أن الحديث لا يدور عن إنهاء الحصار وبالتالي لا حديث عن مطار أو ميناء أو مشاريع استراتيجية تحل جميع أزمات غزة، ويشترط ميلادينوف لتنفيذ مقترحاته شرطان، الأول الهدوء مع "إسرائيل" والثاني استلام السلطة زمام الأمور في قطاع غزة.
ولفت حبيب الى أن تحرك ميلادينوف مدعوم من الاحتلال، الذي يُصعّد مع قطاع غزة لتحقيق هدفين "الضغط لوقف مسيرات العودة وإجبار الفلسطينيين على القبول بالمقترحات المقدمة".
حماس ترفض الحلول الجزئية وتطالب برفع كامل للحصار
واكدت مصادر مطلعة، أن مصر التي يزورها ميلادينوف، تدعم مقترحاته، لكنها اشترطت عليه أمرين، الأول أن يتم إيداع المبلغ المرصود في البنوك المصرية، والثاني أن البضائع والمواد التي ستستخدم في المشاريع تكون مصرية، ولم يمانع الاحتلال أو ميلادينوف على الشرطين.
ولفتت المصادر الى أن حركة حماس أكدت لميلادينوف رفضها أية حلول جزئية وتطالب برفع كامل للحصار عن قطاع غزة وحل كافة أزماته، وهي بانتظار رده على المقترحات التي قدمتها له، وهو ما أكدته مصادر مطلعة لوكالة "صفا".
وأشارت المصادر الى أن ميلادينوف كان قد اشترط تطبيق مقترحاته مقابل إنهاء ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى، وهو ما رفضته حماس بشدة، وأكدت أن ملف الجنود يقابله صفقة أسرى فقط، ثم عاود طرح مقترحاته مقابل الهدوء واستلام السلطة لقطاع غزة.
وأوضحت المصادر أن حماس رفضت الإفصاح عن مصير الجنود لميلادينوف وأصرت على موقفها بأنه لا حديث عن الصفقة قبل إطلاق الاحتلال سراح الأسرى المفرج عنهم في صفقة وفاء الأحرار وأعاد الاحتلال اعتقالهم، كشرط أساسي قبل الحديث عن أي صفقة.
أما السلطة التي تفرض إجراءات انتقامية ضد قطاع غزة، فقدت عبرت عن خشيتها من تنفيذ أية حلول إنسانية لقطاع غزة دون موافقتها، الأمر الذي اضطر رامي الحمد الله رئيس حكومة فتح للاجتماع بجميع المانحين وأبلغهم "أن أي تدخلات اقتصادية في غزة يجب أن تتم من خلال الوزارات الشرعية"، وفق وزير العمل مأمون أبو شهلا.
المصالحة في 4 مراحل
وفي ملف المصالحة، كشف خضر حبيب، أن المقترح المصري يتضمن أربعة مراحل، الأولى مدتها أسبوع ويتم فيها عودة جميع وزراء حكومة الحمد الله لقطاع غزة ومباشرة أعمالهم على البنية القائمة عليها الوزارات، وإنهاء جميع الإجراءات الانتقامية التي فرضتها السلطة، وبدء مشاورات تشكيل حكومة وحدة وطنية.
حبيب: المقترح المصري يتضمن 4 مراحل لتنفيذ اتفاق القاهرة 2011 وعباس كامل سيزور الأراضي الفلسطينية
أما المرحلة الثانية: مدتها ثلاثة أسابيع، تباشر فيها اللجنة القانونية والإدارية الخاصة بالموظفين أعمالها ويتم تطبيق مخرجاتها وتطبيق سياسة الرواتب على جميع الموظفين "سلطة وغزة" وفق مخرجات اللجنة، وتسليم الجباية الداخلية لقطاع غزة مع اقتطاع جزء لموظفي غزة العاملين في الأجهزة الأمنية، ورفع الحواجز أمام حاجز ايرز ومعبر رفح، وتطبيق حماية الحريات العامة.
والمرحلة الثالثة: مدتها ثلاثة أسابيع، تجتمع فيها اللجان الأمنية من "حماس وفتح" لدمج الموظفين العسكريين بإشراف مصري، كما تجتمع لجنتي "القضاء وسلطة الأراضي".
المرحلة الرابعة والأخيرة: مدتها ثلاثة أيام تجتمع فيها لجنة تفعل الإطار القيادي المؤقت ومنظمة التحرير ويتم فيها بحث تفعيل وتطوير منظمة التحرير والمجلس التشريعي والانتخابات.
وأوضح "حبيب"، أن كل مرحلة تُسلم الثانية في دور تكاملي، متمنياً أن توافق فتح على هذا المقترح كما وافقت عليه حماس، ليتم الشروع في تطبيقه وإنهاء حقبة الانقسام.
وأشار الى أن وزير المخابرات المصري عباس كامل سيزور قطاع غزة ورام الله بعد موافقة فتح على المقترح.
وعبّر القيادي في حركة الجهاد الإسلامي عن تخوفه من تلكؤ حركة فتح في قبول المقترح، وقال: "إن تباطؤ فتح في الرد يثير المخاوف والشكوك ونخشى أن يكون هناك تلكؤ أو عدم موافقة على المقترح".
ولفت الى أن حركته تتطلع لرد إيجابي من حركة فتح على المقترح المصري، حيث يزور وفد فتحاوي القاهرة لتسليم ما أسماه القيادي في حركة فتح عبد الله عبد الله "رؤى وأسلوب توصلت إليه حركته لتطبيق اتفاق القاهرة"، في حديثه لوكالة "شهاب".
حبيب: هناك مخاوف وشكوك من تأخر رد فتح على المقترح المصري ونتطلع لرد إيجابي
وتشير المصادر الى أن فتح رفضت المقترح المصري للمصالحة الى أن أرسلت مصر إشارات لها بإمكانية تجاوزها لتطبيق مقترحات ملادينوف، فوضعت تصوراً خاصا بها للمصالحة كبديل عن المقترح المصري الذي ينص على تطبيق اتفاق 2011 وهو ما تُجمع عليه الفصائل الفلسطينية ووافقت عليه حركة حماس منذ اللحظات الأولى لاستلامه.
وبدا واضحاً تلكؤ فتح في الحراك المصري الجديد من خلال تصريحات رئيسها محمود عباس الذي قال فيها "إن الوفد الذي سيصل القاهرة لا يحمل رداً على أحد ويحمل موقفاً واضحاً من المصالحة وأن الأشقاء المصريين أرسلوا لنا موضوعاً أو فكرة عن المصالحة".
وبينما لم يتم التوصل حتى كتابة التقرير لصيغة نهائية أو صفقة كاملة بشأن قطاع غزة، إلا أن الحراك الإقليمي والدولي لا يزال مستمرا، فميلادينوف يزور القاهرة حالياً بعد لقاءات عديدة مع قيادة حماس، بالتزامن مع زيارة عباس كامل وزير المخابرات المصرية لواشنطن وقضية غزة على طاولة اجتماعاتهم، بينما يسود الهدوء الحذر الحدود الشرقية للقطاع، في ظل استمرار استنفار كتائب القسام لجنودها.