أصدرت مجالس بلدية إيطالية كبرى، بينها نابولي وتورينو وبولونيا وفلورنسا وبيزا، قراراتٍ تطالب الحكومة الإيطالية والاتحاد الأوروبي بوقف أو تعليق التجارة العسكرية مع إسرائيل، وتطالب المجتمع الدولي بمحاسبتها، دعمًا للحقوق الفلسطينية، واستجابةً لنداء حركة المقاطعة (BDS).
يشار إلى أن إيطاليا تعد موردا مهما للأسلحة الإسرائيلية، وتحافظ على أنشطة عسكرية وأبحاث استخباراتية قويةً معها. ووفقاً لشبكة نزع السلاح الإيطالية (Italian Disarmament Network)، كانت إيطاليا في عام 2014 أكبر مُصدر للأسلحة في الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل.
ووجهت حركة المقاطعة، في بيان، التحية لمجالس مدن بولونيا وسان جوليانو تيرمي وفلورنسا على التزامها بتطبيق احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان، وبالذات "لدعوتهم إلى اتخاذ إجراءات ملموسة، مثل فرض حظر عسكري على إسرائيل، فهذه الدعوات وهذه الضغوط ضرورية أكثر من أي وقت مضى، لا سيما بالنظر إلى الازدراء الإسرائيلي التام والاستخفاف بحياة الفلسطينيين والتجاهل المطلق للقانون الدولي"، بحسب الحركة.
وأضاف البيان "ندعو جميع الإدارات المحلية الإيطالية لأن تحذو حذو مجالس مدن بولونيا وفلورينسا وسان جوليانو، وأن يدعموا اقتراحات مماثلة تدعو إلى اتخاذ إجراءات فعالة وملموسة لضمان احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي والإيطالي. إنها ليست قضية تضامن، فحسب. يتعلق الأمر بالتزامات إيطاليا القانونية بوقف المساعدة في ارتكاب الجرائم الإسرائيلية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".
من جهتها، صرّحت اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة، على لسان منسقها في غزّة، عبد الرحمن أبو نحل، بالقول "نرحب بقرارات المدن الإيطالية المبدئية الملتزمة بالقانون الدولي، والتي تشكل واحدة من أبرز أشكال التضامن مع الشعب الفلسطيني ودعم مقاومته الشعبية السلمية المتصاعدة ضد الاحتلال والأبارتهايد الإسرائيلي في مختلف أنحاء فلسطين. بتوسع التأييد لمطالبنا في إيطاليا، كما في أوروبا والعالم، يتعزز دور حركة المقاطعة (BDS) كأكثر طريقة فعّالة للتضامن مع نضال شعبنا نحو الحرية والعدالة والمساواة، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم".
يشار إلى أن المجلس البلدي في مدينة نابولي، ثالث أكبر مدينة إيطالية، قد دعا إلى تعليق تجارة الأسلحة مع إسرائيل. ولفت الاقتراح، والذي صدر الأسبوع الماضي، إلى دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى فتح تحقيق مستقل في الجرائم الإجراءات الإسرائيلية في غزة، أكد عليه قرار الجمعية العامة في حزيران/يونيو الماضي، في 120 صوتًا مؤيدًا، مقابل امتناع 45 عن التصويت. كما أدان المجلس قرار منظمي سباق طواف إيطاليا للعام الحالي بدء المنافسة الرياضية من مدينة القدس، في قرارٍ "أعطى دعما فعليا لضمّ إسرائيل غير الشرعي للمدينة".
وصوت مجلس تورينو، رابع أكبر مدينة إيطالية، في التاسع من تموز/يوليو، بهامش واسع (27-1)، على مقترح يدين "قمع القوات المسلحة الإسرائيلية القاسي للاحتجاجات السلمية في غزة". وعبّر القرار عن قلقه العميق من "استخدام القوة المفرطة من قبل الجيش الإسرائيلي ضد السكان المدنيين الفلسطينيين"، كما دعا الحكومة الإيطالية والمؤسسات الأوروبية "للالتزام بتعليق إمدادات الأسلحة والمعدات العسكرية، كما دعت له منظمة العفو الدولية".
ودعا المجلس البلدي في مدينة بولونيا، سابع أكبر مدينة في إيطاليا، الحكومة الإيطالية والمؤسسات الأوروبية لـ" الالتزام بتعليق إمدادات الأسلحة والمعدّات العسكرية إلى إسرائيل، كما دعت له منظمة العفو الدولية"، كما دعا أعضاء المجتمع الدولي للعمل على "إجبار إسرائيل على تحمل مسؤولياتها كقوة احتلال".
وأشار مجلس مدينة بولونيا، في قراره الصادر في نهاية أيار/مايو، إلى مقتل أكثر من مئة فلسطيني وجرح عشرة آلاف بسبب "القمع الوحشي" الإسرائيلي "للمظاهرات السلمية"، في إطار مسيرات العودة الكبرى، التي شارك فيها الآلاف من الفلسطينيين المطالبين بفكّ الحصار وعودة اللاجئين الفلسطينيين. كما أدان القرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس، على الرغم من رفض الجمعية العامة للأمم المتحدة له، والذي وافقت عليه أغلبية واسعة، بما فيها إيطاليا.
ولفت قرار مجلس بولونيا، والذي حاز على تأييد 23 صوتا، مقابل امتناع ستة أصوات، النظر إلى موجة السخط التي سادت بعد قرار منظمي سباق طواف إيطاليا لبدء سباق الدراجات من القدس، الذي ساهم في دعم موقف الولايات المتحدة حول القدس، في انتهاك صريح للقانون الدولي.
كما وافق مجلس مدينة سان جوليانو تيرمي (بيزا) على اقتراح يدعو البرلمان الإيطالي إلى "إنهاء جميع العلاقات العسكرية، وبيع وتجارة المواد الحربية مع إسرائيل"، كما أيّد نداء حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS).
يذكر في هذا السياق، أن مجلس فلورنسا كان قد أقر بالإجماع، العام الماضي، اقتراحا يدعو الحكومة الإيطالية والاتحاد الأوروبي إلى "إنهاء جميع أشكال التعاون التقني والاقتصادي المرتبط، بشكل مباشر أو غير مباشر، مع الجيش الإسرائيلي" ومع المستعمرات الإسرائيلية غير القانونية.
تأتي الاقتراحات التي توافقت عليها مجالس المدن الإيطالية وسط إجراءات مماثلة دعت إليها دول العالم في الأسابيع الأخيرة كوسيلة فعّالة لإخضاع إسرائيل للمساءلة أمام معايير القانون الدولي. حيث أيدت مجالس المدن الإسبانية؛، مدريد وبرشلونة وفالنسيا، حقوق الشعب الفلسطيني، ودعت الأخيرتين إلى فرض حظر حصار عسكري على إسرائيل.