توصلت قوات الجيش السوري والفصائل المعارضة في جنوب سوريا الجمعة الى اتفاق لوقف إطلاق النار يتضمن اجلاء المقاتلين والمدنيين الرافضين للتسوية الى شمال غرب البلاد، وذلك إثر مفاوضات قادتها روسيا مع مقاتلي المعارضة.
ويأتي إعلان هذا الاتفاق الذي يشمل محافظة درعا بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، غداة تصعيد غير مسبوق استهدف مناطق سيطرة الفصائل، وأرغمها على العودة إلى التفاوض، بعد نحو ثلاثة أسابيع من بدء قوات الجيش السوري بدعم روسي هجوما على المنطقة.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأنه تم “التوصل إلى اتفاق بين الحكومة السورية والمجموعات الإرهابية” يتضمن “البدء بوقف إطلاق النار وقيام المجموعات الإرهابية بتسليم السلاح الثقيل والمتوسط في جميع المدن والبلدات”.
من جهتها اعتبرت فصائل الجنوب في بيان أن التوصل الى الاتفاق تم على “وقع لغة القتل وسفك الدماء” بهدف “وقف نزيف الجنوب”، مطالبة “برعاية أممية لثبيت الاتفاق ومتابعة تنفيذ بنوده بما يضمن سلامة أهلنا وصون حقوقهم”.
وتعليقاً على الاتفاق، قال حسين أبازيد مدير المكتب الاعلامي في “غرفة العمليات المركزية في الجنوب” التابعة للفصائل لوكالة فرانس برس “هذا أفضل ما استطعنا تحقيقه لكي نحقن دماء الثوار”.
ولدرعا أهمية رمزية للفصائل المعارضة إذ إنها مهد الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت ضد قوات الجيش السوري في آذار/مارس 2011، قبل تحولها نزاعاً دامياً تسبب بمقتل أكثر من 350 الف شخص. وتكتسب خصوصيتها من موقعها الجغرافي على الحدود مع كل من الأردن ومرتفعات الجولان السورية التي تحتلها اسرائيل.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس “روسيا تمكنت من فرض الاتفاق الذي تريده على الفصائل”.
وبدأت قوات الجيش السوري بدعم روسي في 19 حزيران/يونيو عملية عسكرية كبيرة في محافظة درعا مكنتها من توسيع نطاق تواجدها من ثلاثين الى نحو سبعين في المئة من مساحة المحافظة. وسيطرت اثر الهجوم على عشرات البلدات والقرى سواء عبر الحسم العسكري أو عبر اتفاقات “مصالحة” أبرمتها روسيا.
– إجلاء “الرافضين” –
وينص الاتفاق وفق سانا على “خروج الإرهابيين الرافضين للتسوية مع عائلاتهم إلى إدلب” وهو بند أصرت الفصائل المعارضة على إضافته الى الاتفاق بعدما كانت روسيا التي تولت التفاوض رفضت إدراجه خلال جسات محادثات سابقة.
وقال أبازيد في وقت سابق إن ستة آلاف شخص بين مقاتلين ومدنيين يرغبون بالخروج الى الشمال السوري، لكنه رجح لاحقاً أن يكون العدد أكبر من ذلك.
وخلال العامين الأخيرين، شهدت مناطق سورية عدة اتفاقات مماثلة تسميها دمشق اتفاقات “مصالحة”، آخرها في الغوطة الشرقية قرب دمشق، وتم بموجبها اجلاء عشرات آلاف المقاتلين والمدنيين الى شمال البلاد.
كما يتضمن الاتفاق وفق سانا “استلام الدولة السورية كل نقاط المراقبة على طول الحدود السورية الأردنية” على أن يعود النازحون الى بلداتهم ومؤسسات الدولة الى ممارسة عملها.
وتزامنا مع جلسة التفاوض الأخيرة في مدينة بصرى الشام شرق مدينة درعا والتي دخلتها قوات الجيش السوري قبل أيام، استكملت هذه القوات سيطرتها على كامل الشريط الحدودي مع الأردن ووصلت الى معبر نصيب الحدودي الذي كانت الفصائل تسيطر عليه منذ مطلع نيسان/أبريل 2015.
وأفادت سانا بأنه تم “رفع علم الجمهورية العربية السورية على معبر نصيب”، من دون تفاصيل اضافية.
وشكّل المعبر المعروف باسم “جابر” من الجهة الأردنية، ممراً تجارياً حيوياً قبل اندلاع النزاع السوري. ومنذ أشهر، جعلت دمشق من استعادة المعبر أولوية، ذلك أن اعادة تنشيط التجارة مع الأردن يعود عليها بفوائد اقتصادية ومالية.
– أهمية “رمزية”-
وقال الباحث في معهد “نيو أميركان سيكيوريتي” ومقره واشنطن نيكولاس هيراس لفرانس برس إن “لدرعا أهمية رمزية كبيرة بالنسبة إلى الأسد كونها مهد الثورة السورية، في حين أنّ (استعادة الأسد) معبر نصيب ستدفع الأردنيين للعمل من أجل عودة النظام الى المنطقة الجنوبية الغربية نظرا إلى الفوائد التي سيجنيها الأردن جراء إعادة الحركة التجارية مع سوريا”.
والجنوب السوري هو إحدى مناطق خفض التصعيد في سوريا، وكان يشهد منذ تموز/يوليو 2017 وقفاً لإطلاق النار أعلنته موسكو مع واشنطن وعمان.
ومنذ بدء قوات الجيش السوري هجومها بدعم روسي، قتل أكثر من 150 مدنياً جراء القصف بحسب المرصد. كما نزح أكثر من 320 الف مدني وفق الأمم المتحدة، توجه عدد كبير منهم الى الحدود مع الأردن أو الى مخيمات موقتة في محافظة القنيطرة قرب هضبة الجولان المحتلة.
وأعلن الجيش الاسرائيلي الجمعة انه استهدف موقعاً سورياً في مرتفعات الجولان الشمالية رداً على قذيفة هاون سقطت قرب السياج الحدودي في سياق “الاقتتال الداخلي بين النظام والفصائل المعارضة” في سوريا.
وعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً عاجلاً مغلقاً الخميس لمناقشة الوضع في جنوب سوريا، الا ان روسيا اعاقت اصدار بيان. وقال دبلوماسي طلب عدم نشر اسمه ان المساعي لم تُفلح في اقناع موسكو بقبول بيان ينص على ايصال المساعدات الانسانية.