تشير التحركات الأخيرة للمبعوث الأممي لمنطقة الشرق الأوسط، نيكولاي ميلادينوف، في تل أبيب ورام الله، إلى وجود مخطط أممي بموافقة أمريكية لتحسين الوضع المعيشي والإنساني المتدهور في قطاع غزة، من خلال تخفيف قيود الحصار، وضخ أموال لصالح إقامة مشاريع جديدة، تساهم في انحسار مستويات الفقر.
وتفيد المعلومات أن ميلادينوف الذي يشغل منصب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام، يحمل بين يديه خطة دولية أعدها قبل أكثر من عام، لتحسين الوضع المعيشي في قطاع غزة، ولم تجد وقتها فرصة للتنفيذ، بسبب الموقف الإسرائيلي المتشدد وقتها تجاه القطاع.
وتقوم الخطة في الأساس على تخفيف قيود الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة بقدر كبير، يترافق مع بدء دخول دول مانحة على الخط، من خلال إقامة مشاريع إنشائية تخص البنى التحتية وإعادة الإعمار، بهدف خلق فرص عمل لجموع البطالة، وتوفير أسس الحياة في غزة.
كما تشمل الخطة الدولية التي ناقشها المبعوث في تل أبيب مع بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية، وفي رام الله مع رئيس الوزراء رامي الحمد الله، ومن ثم ليل أول من أمس الأحد مع الرئيس محمود عباس، على ضورة تحسين الوضع الاقتصادي في القطاع، من خلال وقف استقطاعات الحكومة التي طالت رواتب الموظفين، وهو أمر عبر الرجل عن معارضته له مؤخرا عدة مرات خلال حديثه لأعضاء مجلس الأمن الدولي.
وكان ميلادينوف قد التقى في مرات سابقة عديدة قيادة حركة حماس في قطاع غزة، وخصص النقاش حول أوضاع غزة الصعبة.
وقال مسؤول يعمل في منظمة دولية لـ «القدس العربي»، إن الخطة الحالية تتواءم ورؤية الأمم المتحدة لحل الصراع في المنطقة، وأساسها قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. وقال إن الرجل يريد أن تكون المشاريع التي تنفذ في غزة بإشراف وتنسيق كامل مع الحكومة الفلسطينية. وأشار إلى أن المبعوث الدولي يدعم بقوة عملية الوحدة الكاملة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وإنهاء حقبة الخلاف والانقسام.
وحذر ميلادينوف في إفادة قدمها في وقت سابق أمام مجلس الأمن الدولي، من أن قطاع غزة بات على «حافة الهاوية»، بعدما فقد الفلسطينيون الأمل في العملية السياسية، وأكد على ضرورة خلق مناخ في القطاع وإيجاد مساحة لسكان غزة للتنفس، وأن تتوحد الضفة الغربية والقطاع تحت مظلة السلطة الفلسطينية، باعتبار الأمر ضروريا لإنهاء الاحتلال وتسوية النزاع». وتحدث المبعوث الدولي وقتها عن عمليات التأخير الكبيرة التي حدثت خلال الشهور الماضية لمشاريع البنى التحتية التي تنفذ في قطاع غزة.
خطة من عدة محاور
وطرح على أعضاء مجلس الأمن خطة من عدة محاور لإنقاذ القطاع تتضمن تحديد الأولويات بالنسبة للمشروعات التي تم الاتفاق بشأنها خلال السنتين الماضيتين، واعتماد نظام سريع للتبرع بمساعدة من إدارة مشروعات الأمم المتحدة بهدف تسريع تنفيذ تلك المشروعات على الأرض. كما تشمل تعزيز التنسيق مع السلطة الفلسطينية وإسرائيل ومصر من أجل حل أي عقبة سياسية أو إدارية، والطلب من كافة الأطراف الامتثال لوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه عام 2014.
ودار نقاش ليل أول من أمس الأحد بين الرئيس عباس وميلادينوف، في مقر الرئاسة في مدينة رام الله، أطلع خلاله المسؤول الدولي على آخر مستجدات الأوضاع السياسية، والأوضاع التي يعيشها الشعب الفلسطيني جراء الاحتلال.
وشدد الرئيس عباس خلال اللقاء على أهمية دور الأمم المتحدة ومؤسساتها في حماية الشعب الفلسطيني، وضرورة مواصلة المنظمات الدولية التابعة لها تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين. كما أكد على مواصلة القيادة الفلسطينية العمل من أجل تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، على قاعدة تمكين حكومة الوفاق الوطني من أداء مهامها في غزة كما في الضفة الغربية. وجدد ميلادينوف دعم الأمم المتحدة بشكل كامل إنهاء الانقسام بين غزة والضفة، ووصف الاجتماع بـ «البناء»، وأنه تم خلاله مناقشة موضوع حل مشكلة غزة كـ «مسألة سياسية» تأخذ بعين الاعتبار الوضع الإنساني الصعب للسكان، مؤكدا الاستمرار في تنسيق الأنشطة للتخفيف من معاناة الفلسطينيين وتجنب أي تصعيد.
وقبل ذلك بيومين كان رئيس الحكومة الفلسطينية قد التقى ميلادينوف، وناقشا الملفات ذاتها ، وذلك بعد أن التقى منتصف الأسبوع الماضي نتنياهو، وبحث معه الأوضاع في قطاع غزة.
فتح ترفض جهود أمريكا المشبوهة
إلى ذلك رفضت حركة فتح رفضا قاطعا كافة الجهود اتي وصفتها بـ «المشبوهة والمُسيرة والمُوجهة إسرائيليا وأمريكيا»، لمعالجة احتياجات الشعب الفلسطيني من بوابة «المساعدات الإنسانية»، وليس من «البوابة السياسية» التي قالت إنها «الكفيل والسبيل الوحيد لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني في غزة والضفة على حد سواء». وأكد المتحدث الرسمي باسم حركة فتح، أسامه القواسمي، في بيان صحافي أن أمريكا وإسرائيل وبعض أدواتهما «يلتفون حول موقف الرئيس عباس الصلب والصامد في وجه المؤامرة، من خلال بوابة المساعدات الانسانية لقطاع غزة»، محذرا من أن إسرائيل ومن يدعمها ويتآمر معها «هم فقط من يريد للقضية الفلسطينية أن تُحل من الناحية الإنسانية على حساب الملف السياسي والحقوق وحق تقرير المصير». وأشار إلى أن مجرد التفكير من قبل حماس بعقد صفقة مع الاحتلال تحت مسمى «بوابة تحسين الأوضاع الإنسانية» في غزة هو «تفكير بخيانة الوطن».
وجدد موقف حركة فتح الرافض لذلك، وعبر عن أمله بأن تكون الأخبار التي تتردد حول الأمر غير صحيحة، وقال «عندما عُرضت على الشهيد الرمز ياسر عرفات المليارات الكثيرة لقبول مخرجات كامب ديفيد ودولة ناقصة في القدس، رفض وفضٌل الشهادة». وأشار إلى أن الرئيس عباس يتعرض لـ «كافة الإغراءات والتهديدات لقبول ما يسمى صفقة القرن»، لافتا إلى أن رده كان صادحا من على كل المنابر «فلتسقط صفقة العار»، وأنه لم يقبل بالتهديد أو بالمساعدات المزعومة.