أكد الخبير في شؤون الانتخابات والحكم المحلي باسم حدايدة ان الأحوال والظروف الفلسطينية الداخلية تغيرت بعد اكثر من عقد على اجراء الانتخابات التشريعيه ، وبات من الصعب الاعتماد على نتائجها ، فتغير التعداد السكاني والنسب الاحصائية وتحولت وتبدلت الانتماءات والولاءات ، واصبح من الضرورة اجراء تقييم جديد للأوزان الشعبيه والانتخابية ٌ, وقال حدايدة في حديث خاص لوكالة سما الإخبارية انه لم يعد بمقدور حركة حماس استمرار اعتمادها على اغلبيه فازت بها قبل احد عشر سنه في انتخابات المجلس التشريعي والتي اجريت عام ٢٠٠٦ او حتى بناء مواقفها بناءا عليها، بل لا يمكن القبول باستمرار هذه الاغلبيه ما لم تجرى انتخابات اخرى وجرى التأكد من انها اغلبيه ثابته ومستقره حتى لو بشكل نسبي .
فقد تبخرت الاغلبيه بواقع الزمن وتغيرت الاعداد والاحصاء السكاني تلقائيا ، فالسجل الانتخابيي وخلال ١١ سنه تضاعف بنسبة حوالي ١٠٠٪ ، فكان عام ٢٠٠٦ مليون ومئتي الف بينما في السنه الحاليّه ٢٠١٨ وصل عدد السجل الانتخابي الى اكثر من مليونين ومئتي الف ، كما ان زاد عدد السكان الى حوالي خمسة ملايين نسمه . لقد أدت هذه التغيرات السكانيه تلقائيا على الوزن النسبي وتأثير وحجم الكتله الانتخابيه خلال ١١ سنه الماضيه وتأثرت الإحصاءات السكانيه وخاصه بما يتعلق بتوزيع الفئات السكانيه وأماكن تواجدها وتركزها وتغيرت نسب الذكور والإناث ونسب الإعمار ونسب المتعلمين ونسب العاملين ومستوى المعيشه وغيرها من الإحصاءات التي تؤثر على توجهات وولاءات الناخبين ، والامر الذي يجب ان تدركه حركة حماس انها اصبحت تشكل كتلتها من سجل الناخبين الحالي حوالي ٢٠٪ وذلك مع افتراض ان كتلتها الانتخابيه بقيت كما هي. وان كل من انتخب الحركة ما زال على موقفه وهو امر غير منطقي ، بل ان المؤشرات تبين عكس ذلك .
فقد خسرت حماس الكثير من مؤييديها بسبب عدم مشاركتها في الانتخابات المحلية للبلديات والمجالس القروية ولدورتين انتخابيتين ، سيطرت بها حركة فتح والقوى الوطنية والمستقلة على الأغلبية الساحقة ، وتحول المؤيدين والجماهير والولاءات لمن تواجد معهم وعمل معهم على تطوير بلدانهم، بل واجهت حركة حماس ازمة حقيقية في توفير مرشحين للانتخابات المحلية والتي قررت المشاركة بها في عام 2016 والتي الغيت لاسباب قانونيه ، وحتى كانت مشاركتها رمزيه في الانتخابات المحلية وتكاد لا تذكر .
وتدحرجت الامور اكثر لتصبح اكثر سوءأ فتبخرت الاغلبية الانتخابية ،في انتخابات مجالس الطلبة والتي فازت في اغلبها قوائم حركة فتح وادارة مجالس طلابها لسنوات ، كما لا يمكن اعتبار فوزا خجولا في جامعة بير زيت وباغلبية ضئيلةً نصرا او حتى تعبيرا عن اغلبية انتخابية .
وفِي انتخابات النقابات والاتحادات ايضا لم تعد حركة حماس تتمتع بالأغلبية او حتى الأكثرية التي تؤهلها للفوز وحسم الانتخابات ، ففي انتخابات نقابة المهندسين الأخيرة فازت حركة فتح بالنقابة رغم التنافس الحاد بين كتلتي فتح وحماس بل ان حماس استخدمت رموزا ومرشحين من العيار الثقيل من أعضائها وتحالفت مع قوى اليسار ورغم ذلك لم تحقق أدنى أهدافها ، وسيطرت فتح وقوى منظمة التحرير على الأغلبية الحاسمة ، وهنا يجب يؤخذ بعين الاعتبار ايضا دور وتوجهات منتسبي النقابات الجدد الذي كان واضحا ان أغلبيتهم من التيار الوطني .
كرة الثلج تتدحرج وتجمع المزيد من التغيرات والتي أهمها تطور وسائل الاتصالات والتكنولوجيا والتي اثرت بشكل رئيسي على رفع مستوى الوعي بالمعلومة والخبر والتفاعل معه ، فعدد الفلسطينيين الذين يملكون حساب فيس بوك وحسابات اخرى على وسائل التواصل الاجتماعي بمئات الآف ، ولم تعد المعلومة والخبر سرا بل هو تفاعل مستمر يكشف الأحداث وحقيقة الامور ، وهو امر في غاية الاهميه ينعكس مباشرة على توجهات ودور الناخبين .
وقطاع غزه معقل حركة حماس وما تواجهه من من فقر وبطاله وحصار وازمات الكهرباء والماء والصرف الصحي ومعبر رفح والمعابر الاخرى وغيرها من الأزمات التي عجزت حماس عن حلها تقف في وجه أغلبيتها في غزه فأثرت بها وقوضتها ولم يبقى منها سوى المنتمين والعاملين وبعض المستفيدين ، وتحولت الجماهير إلى الضرورة الحتمية بالتخلص من حكم الامر الواقع . وهنا لابد من مواجهة الحقيقة المره ان الاغلبية الانتخابية قد تبخرت وتلاشت بل يمكن القول النسبة الشعبية عادت لوضعها الطبيعي وان بالون الأغلبية الانتخابية لم يكن يحتوى الا على هواء تسرب عند أول فرصه ، والسؤال الذي هو برسم الإجابة لدى حركة حماس هل تدرك اشكالية أغلبيتها وان ذلك اثر على وزنها السياسي والشعبي ، فإنكار الحقائق لن يساعد ولن تحل أزمتها الشعبية .
وان ذلك اثر بشكل جلي وواضح على موقفها في قضايا المصالحة ودورها السياسي ومكانتها الشعبيه . وانه بات من ضرورات المرحّلة اعادة النظر في وضعها ومكانتها مما يتطلب وضع استراتيجية جديده تعتمد على العودة للمصالحه وإجراء الانتخابات وإيجاد الحلول لقضايا غزه ، فلم يعد الوقت في صالح حركة حماس .