قال مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في قطاع غزة، ماتياس شمالي، إنه إن لم تُغط قيمة العجز المالي للوكالة "فنحن على بُعد أسابيع من تقليصات كبيرة ستطال البرامج الأساسية في التعليم والصحة".
وأضاف أن لدى الوكالة مشكلة سيولة متمثلة بعدم وصول أموال التعهدات المالية التي تغطي برامجها حتى سبتمبر/ أيلول القادم، وأن هذه الأزمة قد تضطر الوكالة لتأخير صرف رواتب موظفيها وتقليصها بشهري يوليو/ تموز، وأغسطس/ آب، فيما أن هناك 800 وظيفة ستنتهي الشهر القادم، والكثير في الشهر التالي كونها تواجه خطر عدم تغطيتها مالياً.
وأوضح شمالي في حوار مع صحيفة "فلسطين" المحلية، أنه في حال تم جمع 246 مليون دولار فلن يكون هناك أية تغييرات هذا العام، مشيراً إلى أن السويد تعهدت بتقديم 60 مليون دولار لأربعة أعوام وهي رسالة قوية تعني أن الوكالة لن يتم إنهاؤها.
ولفت إلى أن الوكالة ستقدم دورة المساعدات الثالثة بشهر يوليو/ تموز القادم، بينما لا يوجد أموال للدورة الرابعة في أكتوبر/ تشرين الأول، وهي تواجه خطر التوقف، كما لا يوجد ضمانة لعمل 275 مدرسة بموعدها وكذلك مراكز صحية.
تحديات مالية وسياسية
وبشأن التحديات التي تواجه الأونروا سياساً ومالياً، كشف أنه في نهاية شهر يوليو ستنتهي الأموال الموجودة على بند ميزانية الطوارئ، وأن الوكالة ستتمكن بطريقة أو بأخرى ومن خلال الاقتراضات من هنا أو هناك من تقديم دورة المساعدات الثالثة في شهر يوليو/ تموز القادم، مستدركاً "لكن ليس لدينا الأموال لتغطية الجولة الرابعة للمساعدات التي ستبدأ في أكتوبر، وإذا لم نتمكن من جمع الأموال لها قد تتوقف".
وذكر أن 800 وظيفة على بند ميزانية الطوارئ جرى التوافق عليها مع مفوض عام الوكالة الأممية لتمديدها حتى نهاية يوليو، قائلاً: إن النقاش لا يزال قائماً حول الكثير من الوظائف التي ستنتهي مع نهاية آب/ أغسطس القادم وهذا صعب جدا.
ونفى شمالي وجود قرار حتى اللحظة بإنهاء تلك الوظائف "ولكن هناك خطر من عدم وجود تمويل لتغطيتها، وهي وظائف متعلقة بتوزيع المواد الغذائية، وفئة ثانية لنظام التشغيل المؤقت الذي تستفيد منه المراكز الصحية وبعض خدمات الوكالة، وفئة ثالثة نصف العدد السابق يعملون ببرنامج الصحة النفسية في الوكالة".
وفيما يخص الخدمات الأساسية التي تقدمها الأونروا (التعليم والصحة)، بين أن الوكالة حصلت على تمويل بقيمة 200 مليون دولار، وهذا لا يغطي كل المصاريف، حيث لا تستطيع ضمان عمل 275 مدرسة بموعدها بداية العام الدراسي القادم وكذلك المراكز الصحية.
وعن حجم الأموال المتوفرة لدى الأونروا، أوضح شمالي أنه قبل مؤتمر روما الذي عقد بمارس/ آذار الماضي كان العجز يبلغ 446 مليون دولار، وخلال المؤتمر تم التعهد بتقديم 100 مليون دولار، وبعد المؤتمر تم جمع 100 مليون دولار أخرى، ليصبح العجز 246 مليون دولار، وهذا ما تحتاجه الوكالة كي تتمكن من إنهاء العام وفتح المدارس والاستمرار بالمراكز الصحية وتقديم المساعدات الغذائية.
تقليصات الرواتب
وحول توجهات الأونروا فيما يتعلق بصرف رواتب الموظفين وبرامج التعليم والصحة، أوضح شمالي، أنه إذا لم تتمكن الوكالة من تحصيل الأموال، ستضطر لتقليص وتأخير الرواتب".
وأضاف أن الجانب الآخر هو أن بعض الدول التي أعلنت عن تبرعها وتعهدت بالتبرع لم تدفع الأموال بعد، وهذا يعني أن هناك أزمة سيولة قد تضطر الوكالة في شهري يوليو أو أغسطس لتأخير صرف الرواتب ونسبتها حتى تحصل على الأموال.
ولفت إلى أن لدى الأونروا أموال تعهدات لم تستلمها بعد، تكفي حتى سبتمبر القادم، وأن قيمة العجز المقدر بنحو 246 مليون دولار تغطي آخر ثلاثة أشهر من العام، فيما إذا لم يتم توفير الأموال سيتم الاقتطاع من رواتب الموظفين.
ولدى سؤاله "إذا ما غطت نتائج مؤتمر التعهدات بنيويورك قيمة العجز هل ستنتهي المشاكل؟"، قال إنه في حال تم جمع 246 مليون دولار لن يكون هناك أي تغييرات على وضع الأونروا خلال هذا العام.
وكشف شمالي أن السويد وبلجيكا بالإضافة للاتحاد الأوروبي تعهدوا بتقديم تبرعات مالية لم تحدد قيمتها، باستثناء السويد التي أبلغت الأونروا خلال اجتماع اللجنة الاستشارية في عمان الأسبوع الماضي، أنها ستقدم 60 مليون دولار ولمدة أربعة أعوام.
وعدّ شمالي ذلك رسالة قوية للاجئين "تعني أن الأونروا لن ينتهي دورها ولن يتم إنهاؤها".
وأكد أن حكومة بلجيكا تعهدت بتقديم دعم مالي لم تفصح عن قيمته، كذلك الاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى أن ألمانيا تعهدت بتقديم تبرعات مماثلة العام القادم للتي قدمتها هذا العام.
وقال "إن الناس خائفون أن تكون بداية النهاية للأونروا وإن كانت الوكالة ستستمر في عملها العام القادم، لكن عدة حكومات والاتحاد الأوروبي قالوا إن الأونروا لن تنتهي، والمشكلة الأولى لدينا هي كيف نستطيع تخطي الأزمة المالية في هذا العام وكيف نجمع الأموال"، مشيراً إلى أنه بعد أسبوع أو أسبوعين "سنرسم خارطة لما ستقوم به الوكالة من إجراءات قادمة".
وحول تقييم الأونروا لتفاعل الدول العربية والإسلامية مع حملة "الكرامة لا تقدر بثمن"، ذكر أن ثلاث دول خليجية وهي الإمارات والسعودية وقطر تبرعوا مجتمعين بمبلغ 150 مليون دولار للوكالة وهذا نجاح ورقم كبير، فيما تعهدت كل من تركيا وإندونيسيا وماليزيا والإمارات، بدعم الوكالة من خلال أموال الزكاة وهي غير معروفة الحجم، لكنها تظهر حجم التضامن الكبير مع الوكالة.
برامج في خطر
وفيما يخص برامج الطوارئ، أوضح أنها تخص كل منطقة على حدة، منبهاً إلى أن تقديم مساعدات غذائية لمليون لاجئ مستفيد من برنامج الطوارئ في غزة، في خطر، بسبب عدم توفر الأموال، الأمر الذي قد يضطر الوكالة لإيقاف بعض البرامج والمشاريع على هذا البند بغزة.
(أونروا تقدمت نهاية العام الماضي بطلب تحويل ميزانيتها العامة للصندوق الرئيس للأمم المتحدة.. لماذا لا تتكرر المحاولة؟)، رد شمالي بأن الدول الأعضاء في الجمعية العامة طلبت ذلك، وشمل الطلب أن تغطي الميزانية الرئيسة للأمم المتحدة إلى جانب رواتب الموظفين الدوليين رواتب الموظفين المحليين، وكذلك رفع حصة الأونروا من الميزانية الأساسية للأمم المتحدة من 1% إلى أكثر من ذلك، إلا أن دولاً كبيرة من بينها أمريكا وقفت ضد الطلب، وبقي الوضع على حاله بأن تغطي الأمم المتحدة رواتب الموظفين الدوليين، لافتاً إلى أن بعض الدول الأعضاء يفكرون بإعادة الطرح.
ولدى سؤاله "ما الذي يمنع الوكالة من تنفيذ مشاريع تنموية بغزة؟"، اكتفى بالقول إن مهمة الوكالة هي تقديم خدمات للاجئين في التعليم والصحة والمساعدات الغذائية، وهي ليست وكالة إنمائية.
مسيرة العودة
وبخصوص نظرة الأونروا لمسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية ومطالب اللاجئين بتطبيق قرارات الأمم المتحدة، قال: "احترمنا حقوق الناس في التعبير عن آرائهم بشكل سلمي، ونستمر في ذلك، ونعلم أن الذين ذهبوا لتلك المسيرات هدفهم تذكير العالم أن لا ينساهم، ويطبق قرارات الأمم المتحدة التي يتوجب احترامها من الجميع".
وقال إن عدد الضحايا الكبير الذي وصل إلى 15 ألف جريح و130 شهيداً، حذا بالأمين العام للأمم المتحدة للدعوة لتشكيل لجنة تحقيق دولية في استخدام القوة المفرط تجاه المتظاهرين السلميين.
وحول سبب تراجع المجتمع الدولي عن دعم اللاجئين طالما لم يعودوا لديارهم، قال "لا نعرف سبب التراجع عن الدعم، لكن هناك صعوبة في إمكانية الوصول لاتفاق مع (إسرائيل)، وإن العالم غير متفق على ماهية الحل العادل للقضية، والأهم أننا بحاجة لتذكير المجتمع الدولي أن هناك قرارات يجب تنفيذها".
وبسؤاله إن كانت الأونروا تتعرض لضغوط سياسية لإنهاء عملها، أوضح مدير عمليات الأونروا: "لسنا تحت ضغط سياسي مباشر، لكن إذا لم يكن لديك الأموال لتفعل ما يجب أن تقوم به فهذا ضغط بحد ذاته، أفهم قلق اللاجئين عندما نقول لا نعرف هل سنفتح المدارس أم لا، ونسمع عن تخوفهم من إنهاء الأونروا"، معتبراً أن الطريقة لإنهاء قضية اللاجئين ليس بإنهاء الأونروا بل بإيجاد حل عادل لقضيتهم.
وبشأن إجراءات الأونروا لمعالجة أزمتها المالية خلال الفترة السابقة، ذكر أنها قامت بإجراءات تقشفية بتقليل الدورات التدريبية والسفر، وعدم توقيع عقود جديدة على بند البطالة، لكن حتى الآن لم يكن هناك اقتطاعات أو تقليصات كبيرة، مشيراً إلى أن الوكالة من خلال برنامج التشغيل المؤقت كانت تضخ 3-4 ملايين دولار كل ثلاثة أشهر، لكن الأمر اليوم تقلص إلى النصف.