التقى وزير الخارجية والمغتربين د. رياض المالكي في مكتبه عصر هذا اليوم الخميس، وزير الدولة للشؤون الخارجية في جمهورية لاتفيا إدجارز رينكيفيكس، وبحث معه العلاقات الثنائية وسُبُل تعزيزها وتطويرها في المجالات كافة، وبخاصة الدبلوماسية والثقافية والتجارية منها، والقضايا ذات الاهتمام المشترك، علاوة لآخر التطورات والمستجدات على الساحة الفلسطينية.
وأكد الجانبان خلال اللقاء عمق ومتانة وتميز العلاقات التي تربط فلسطين مع لاتفيا بشكل خاص ومع الاتحاد الأوروبي بشكل عام، حيث شدَّد الطرفان على الحرص المشترك لتوثيق التعاون واستمرار التنسيق والتشاور حيال مختلف القضايا المطروحة على طاولة البحث. ومنها اعتراف لاتفيا بدولة فلسطين، وعقد جلسة مشاورات سياسية بين البلدين الصديقين، كما بحث الجانبان إمكانية إجراء مشاورات رباعية بين فلسطين ودول البلطيق على غرار المشاورات التي عُقدت بين هذه الدول وإسرائيل، وضرورة التصويت لصالح القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية في المنظمات الدولية. خاصة دعم توجه فلسطين للجمعية العامة للأمم المتحدة وطلبها توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني، وأهمية تنسيق وتوحيد المواقف مع دول البلطيق لصالح القضية الفلسطينية العادلة. وتناول الطرفان تعزيز التعاون البرلماني بين البلدين، علماً بأنه تم تشكيل مجموعة صداقة بين البرلمان اللاتفي والمجلس الوطني الفلسطيني في شهر تشرين ثاني 2015. وبحث الجانبان إمكانية التوصُّل لعلاقة توأمة بين مدينة فلسطينية وأخرى لاتفية، والتعاون في مجال السياحة وإمكانية التعاون في مجال تصنيع الادوية والنجارة. وناقش الطرفان إمكانية تقديم دورات متخصصة لتعزيز البناء المؤسسي والتدريب الدبلوماسي لعدد من الدبلوماسيين الشباب الفلسطينيين، إضافة لإمكانية حصول الطلبة الفلسطينين على منح دراسية في الجامعات اللاتيفية، خاصة وأنها قليلة ومحدودة.
وركَّز الطرفان على تطورات الوضع على الساحة الفلسطينية، مؤكدين أهمية تضافر جهود جميع الجهات ذات العلاقة لإحياء مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وصولاً إلى تجسيد حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على التراب الوطني الفلسطيني وعلى خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، استنادا إلى المرجعيات الدولية المعتمدة ومبادرة السلام العربية مع ضرورة الأخذ بمبادرة سيادة الرئيس أبو مازن التي طرحها أمام مجلس الأمن الدولي في العشرين من شباط هذا العام.
ودعا المالكي الى أهمية أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في مساندة ودعم فلسطين في ظل العبء الكبير الذي تتحمله نتيجة لهمجية السياسات الإسرائيلية، خاصة تلك المرتبطة بالإستيطان وسرقة الأراضي، وسياسات الهدم والتهجير القصري المتواصل، والتحكم بالمرور وحركة العبور الآمنة من وإلى فلسطين، وكذلك الحركة بين المدن والبلدات الفلسطينية، وإنعكاسات ذلك الإجتماعية والإقتصادية، والذي أصبحت معه فلسطين منهكةً، ووصل إلى الحد الأعلى من إمكاناتها والتي تستطيع تقديمها في ظل محدودية الدخل والمصادر الداخلية والخارجية.
ووضع المالكي نظيره رينكيفيكس بصورة الأوضاع في غزة، مشدّداً على ضرورة رفع الحصار الظالم الواقع على أهلنا في القطاع، مبيَّناً أن قطاع غزة ما زال يعاني من الإحتلال الاسرائيلي المباشر كونه محاصر من البر والبحر والجو بآلة الحرب الاسرائيلية، موضِّحاً أنَّ البطالة وحالة البؤس التي يعيشها القطاع بفعل الاجراءات الاسرائيلية، وما عايشته غزة وقطاعها من ظلم وجبروت حربي ثلاث مرات عبر السنوات الماضية إنعكست على حياة الفلسطينين والأجيال والبيئة والبر والبحر، مطالباً بضرورة رفع الظلم عن الشعب الفلسطيني وتوفير الحماية الدولية له، فهذا هو العام الواحد والخمسين للإحتلال الذي وقع في الرابع من حزيران عام 1967 لكل من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة.
وناقش الجانبان الدور الأمريكي في عملية السلام، وما يسمى بصفقة القرن، حيث أوضح المالكي أن الموقف الفلسطيني واضح وثابت في هذا المضمار، مشيراً إلى أنَّ الجانب الفلسطيني إختبر الجانب الأمريكي المرة تلو الأخرى، ولكنه في كل مرة كان يفشل في الإختبار، لأنه كان يثبت في كل مرة بأنه شريك بتعزيز الإحتلال سواء بالدعم المادي أو العسكري أو على مستوى القرارات الدولية وتعطيل كل ما من شأنه مناهضة سياسات إسرائيل العنصرية الإستعمارية الإحتلالية. وآخرها ما شهدناه من الإعتراف بالقدس عاصمة لدولة الإحتلال إسرائيل ونقل سفارتها إليها من تل ابيب، وبهذا فهي وسيط غير مؤتمن ولا يعوِّل عليه في قيادة دفة الوساطة، لأنها أصبحت شريكة لإسرائيل في تعميق الاستيطان ووأد حل الدولتين، فهي بسياساتها أعطت إشارة خاطئة لدولة الإحتلال للتمادي في طغيانها وقتلها للأبرياء في كل مكان بدم بارد وهذا ما شهدناه منذ نهاية شهر آذار وحتى اللحظة حيث قُتل أكثر من مئة وخمسون فلسطينياً وجُرح الآلاف في قطاع غزة وحده.
من جهته أثنى رينكيفيكس على العلاقات الثنائية بين البلدين، مشيرا لتطابق وجهات النظر بين البلدين تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية.
وأكد دعم بلاده لفلسطين في القضايا المتعلقة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وفي المجالات الدبلوماسية والتجارية، والمساهمة في التخفيف من أعباء الوضع الملقى على عاتق الحكومة الفلسطينية، مشددا على دعم بلاده لخيار حل الدولتين حسب قرارات الشرعية الدولية. كما أوضح بأن موقف بلاده منسجم مع موقف دول الاتحاد الأوروبي من وضع القدس وعدم نية بلاده لنقل سفارتها من تل أبيب الى القدس، وكذلك معارضة بلاده لقرار الولايات المتحدة بهذا الخصوص.