جاء ذلك في مقال نشره عريقات باللغة البرتغالية في كبرى الصحف الأنغولية "صحيفة أنغولا- جورنال دو أنغولا" اليوم الأحد، وجّه فيه تقدير وشكر الشعب الفلسطيني وقيادته لموقف أنغولا بطرد سفيرها في تل أبيب لحضوره حفل استقبال نقل "السفارة" الأميركية إلى القدس دون علم دولته، بالإضافة إلى طرد مدير شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأنغولية على الخلفية نفسها.
وأوضح عريقات أن شعبنا كان على يقين أنه لا يمكن لأنغولا أن تكون جزءا من احتفال الإدارة الأميركية الداعم للنظام الاستعماري الاستيطاني واستمرار الاحتلال غير القانوني، ولن تكون جزءا من أية إهانة توجه ضد الشعب الفلسطيني.
وقال: "تفخر فلسطين وشعبها وحركة التحرر الوطني بالمبادئ المشتركة مع إخوتنا الأفارقة، وكما تستخدم إسرائيل علاقاتها لتبييض جرائمها ونظامها الاستعماري والفصل العنصري في فلسطين، فقد ذكّرت أنغولا بهذه الخطوة أن دعمها لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره لا يرقى إلى أية مساومة سياسية، بما في ذلك ضغط إدارة ترامب وحكومة الاحتلال، وبذلك فقط نبني مستقبلا من الحرية والمساواة والعدالة للجميع".
وأضاف: "منذ بداية الثورة الفلسطينية عندما عرّف شعبنا نضاله الوطني من أجل الحرية، قمنا بمأسسة العلاقة والتعاون والتواصل بين حركات التحرر التي ناضلت لأجل نفس الأهداف في الحرية والعدالة والكرامة لشعوبنا والحقوق السيادية لصنع مستقبلهم. ولذلك تحديدا، أكد الزعيم الخالد ياسر عرفات في خطابه الشهير في الأمم المتحدة عام 1974، والذي كان يعج بالأمثلة والإشارات إلى أفريقيا والتضامن مع نضالها، على الموقف الفلسطيني الداعم لتقرير المصير الأفريقي. وقد ذكّر عرفات في هذا الخطاب بالمواقف الإسرائيلية الداعمة لمنظمة الجيش السري في الجزائر، ودعمها للمستعمرين المستوطنين في أفريقيا، سواء في الكونغو، أو أنغولا أو موزمبيق أو زيمبابوي أو جنوب أفريقيا. مذكرا الجمعية العامة أيضا أن الدبلوماسيين الإسرائيليين سيرفضون الإدلاء بأصواتهم لدعم استقلال الدول الأفريقية، وعلى رأس كل ذلك كان هناك تحالف إسرائيل الاستراتيجي والموثق مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا".
وأكد أمين سر التنفيذية، في مقاله، أن حكومة الاحتلال تحاول الحصول على دعم أفريقي من أجل تطبيع مشروعها الاستيطاني الاستعماري في فلسطين، منتقدا تصريحات أدلى بها مؤخرا وزير الخارجية التنزاني أوغسطين ماهيغا، والتي تفيد بأن رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو هو "رجل استطاع أن يفسر بشكل صحيح الأوقات والتغييرات والديناميكيات السياسية التي تحدث في أفريقيا، خاصة بعد نهاية الحرب الباردة".
وأضاف عريقات: "لا نقبل بهذه التصريحات، فمن الصحيح أن الدول تعمل من أجل مصالحها، لكن من الصحيح أيضا أن يكون للدول التي عانت من الاستعمار مبادئ خاصة تحكمها فيما يتعلق بقيم التحرر، فلا يمكن أن تناضل هذه الدول ضد نظام أجنبي استعماري قمعي من أجل الدخول في شراكة مع نظام شبيه آخر يضطهد الآخرين".
وتابع عريقات: "أخونا العزيز والرفيق الراحل، نلسون مانديلا، قال بعد أن هزمت جنوب أفريقيا الفصل العنصري (إننا نعرف جيدا أن حريتنا غير مكتملة من دون حرية الفلسطينيين). كان بإمكان جنوب أفريقيا أن تختار فقط (الالتحاق بالحقبة الجديدة) وتتناسى القمع الذي مرت به، لكن جنوب أفريقيا أصبحت سلطة أخلاقية على مستوى العالم تدفع تجاه احترام حقوق الشعوب بتقرير مصيرها في جميع أنحاء العالم. ومؤخرا، في حين قررت أثيوبيا وكينيا ورواندا وتوغو الامتناع عن التصويت لإرسال لجنة تحقيق مستقلة بشأن المجزرة الإسرائيلية في قطاع غزة، كانت مندوبة جنوب أفريقيا في مجلس حقوق الإنسان نزيبفو جويس ميكاكاتو- ديسيكو، تدعو من أجل التصويت لصالح "الاستماع إلى مبررات الإجراءات التي اتخذتها حكومة إسرائيل والولايات المتحدة، والاستماع إلى أربع منظمات غير حكومية من أصل أكثر من 40 منظمة، ليذكر وفدي كيف كان نظام الفصل العنصري مهينا في تبرير الأعمال الوحشية الجماعية".
وختم عريقات: "نتطلع إلى تلك اللحظة التي نفتتح فيها السفارة الأنغولية لدولة فلسطين في القدس الشرقية، عاصمتنا الوطنية، ونتطلع إلى كتابة التاريخ المشترك للشعوب الأفريقية والفلسطينية كمثال تحتذي به بقية دول العالم في أن القانون الدولي وحقوق الإنسان لا تساوم عليهما أية مفاوضات. ونحن نتطلع بالتأكيد إلى فتح آفاق مشتركة، وإطلاق المبادرات بين مجتمعاتنا المدنية. لكن الأمر الأكثر أهمية هو أن العلاقات الفلسطينية الأفريقية بشكل عام، والعلاقات الفلسطينية الأنغولية بشكل خاص، تقوم على تاريخنا المشترك في النضال من أجل الحرية وضد الاستعمار على أسس قوية ومتينة".