إسرائيل تواصل استثمار تصريحات قادة حماس في دعايتها حول مذبحتها في غزة

السبت 19 مايو 2018 12:41 م / بتوقيت القدس +2GMT
إسرائيل تواصل استثمار تصريحات قادة حماس في دعايتها حول مذبحتها في غزة



لندن/ وكالات/

تواصل إسرائيل بشكل ساخر استثمار تصريحات قادة حماس في حملتها الدعائية حول رواية المذبحة في غزة ورفض مقترحات بإسعاف غزة وترميمها وبناء ميناء فيها بدعم عربي ودولي.

وبأسلوب درامي قال نتنياهو في بيان جديد أمس بعنوان «هل أنتم مستعدون لخبر صادم؟» استغل فيه تصريحات القيادي في حركة حماس صلاح البردويل وقادة آخرين، في مجهوده الدعائي وفي تدعيم رواية إسرائيل حول مذبحة غزة كما فعل مسؤولون ومعلقون إسرائيليون آخرون. وتابع نتنياهو في بيانه « أتفق تماما مع قادة حركة حماس الإرهابية الذين قالوا التالي خلال الأيام الأخيرة.

محمود الزهار الذي كان من مؤسسي حماس قال إن تسمية ما قام به فلسطينيون على حدود قطاع غزة كأن هذا كان بمثابة «مظاهرة سلمية « هو عبارة عن تضليل واضح.أتفق معه تماما. إطلاق النار وإلقاء المتفجرات على المواطنين الإسرائيليين ليس عملا سلميا بتاتا «. كما أشار نتنياهو لتصريحات قائد حركة حماس في غزة لتحقيق الغاية ذاتها.

وأضاف «أو استمعوا إلى ما قاله زعيم حماس يحيى السنوار: إن الهدف من أعمال الشغب هو «اقتلاع حدود إسرائيل واقتلاع قلوب الإسرائيليين. أتفق أن تدمير إسرائيل وقتل الإسرائيليين الأبرياء هو هدفه الحقيقي». كذلك تطرق لتصريحات البردويل وقال إنها تدلل على أنهم « إرهابيون».

ومضى في  محاولة شيطنة حماس « هذه هي حماس التي تدعو إلى ارتكاب إبادة جماعية بحق كل يهودي. أتفق على أن إسرائيل تستهدف الإرهابيين. إذن إذا لم تصدقوني أو إذا لم تصدقوا قادة حماس، شاهدوا هذا الفيديو. فلسطينيون اقتحموا السياج الأمني وأشهر بعضهم السواطير. هذا ما ندافع عن عائلاتنا منه. وأنتم كنتم تفعلون الشيء نفسه «.

تصريحات حماس ذخائر بيد إسرائيل

وكان ساسة ومحللون ومعلقون إسرائيليون قد سارعوا لتوظيف تصريحات الزهار والبردويل لسحب البساط من تحت الرواية حول سلمية المظاهرات والطعن بها وإظهار إسرائيل كضحية تدافع عن نفسها. وقال المعلق الإسرائيلي البارز نحوم برنيع في  تعليق نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس، إن صلاح البردويل قدم اعترافا مهما ضمن محاولته إيصال رسالة لأهالي غزة وللداخل الفلسطيني جاءت متناقضة مع رواية حماس والفلسطينيين للخارج وللعالم. وأوضح برنيع أن جيش الاحتلال أيضا سارع لتبني تصريحات البردويل لتأكيد روايته، وقال إن الجيش يخرج من هذا «القتال» بشعور الانتصار، فهو منع اختراق الجدار ولم يطلق صاروخا واحدا من غزة ولم يقتل أو يخطف جنديا، وعدا بعض الحرائق لم تقع أضرار، وواصل سكان المستوطنات المحيطة بالقطاع احتفالهم بالأعياد. وتابع «حماس بلغت تدهورا غير مسبوق في مكانتها وهنا موجودة فرصة لأن السنوار في أزمة كبيرة، معزول وعالق بين جدار تكتيكي يتعلق بتقلص مساحة المظاهرات وبين جدار الإستراتيجية في ظل محاصرته من قبل مصر وداعش وإسرائيل، وسط ضغوط متزايدة من أهالي غزة بعد فشل خطته بالمصالحة مع السلطة الفلسطينية، وفشل خطته الثانية بدفع أعداد كبيرة من الغزيين للجدار دون دهورة الوضع لحافة الحرب، ولم يبق منها سوى أزمة مع تركيا وعناوين بالصحف الدولية».

أربعة احتمالات مع غزة

ويرى برنيع أن هناك أربع إمكانيات واردة اليوم، هي معركة عسكرية شاملة مع حماس، ومعركة عسكرية جزئية، وسيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع بدعم إسرائيل وتسوية مع حماس. ويعتبر أن تسوية مع حماس واردة، وهي تعني هدنة لعشر سنوات وتخفيف الحصار، لافتا لمعارضة ذلك من قبل وزير الأمن أفيغدور ليبرمان خوفا من تكرار تجربة حزب الله بعد الهدنة التي تلت حرب لبنان الثانية. ويشير لإمكانية استبدال الهدنة بخطوات مدروسة لتحسين الأوضاع الإنسانية في غزة بالاستعانة بمصر ودول الخليج والاتحاد الأوروبي، شريطة أن يتم تسوية موضوع الإسرائيليين المحتجزين في القطاع. ويكشف أن ليبرمان يشكك حتى بهذه الإمكانية، وينقل عنه قوله إنه تحدث مع وزراء في عدة دول أوروبية وكافتهم شجب العملية الإسرائيلية ولم يجد لديهم جاهزية للتعاون. وكذلك نقل عن ليبرمان قوله إن العالم العربي أيضا غير متحمس وكلهم يقولون «نعم نعم نعم» وفي لحظة التطبيق يختفون ولذا « لا شريك لنا للحل». ولكن أين الإبداع ؟… ففي نهاية اليوم سيتساقط سكان غزة على أعتابنا نحن ؟

الإبداع والقدرة على الصمود

عن ذلك أجاب ليبرمان حسب برنيع « هناك أساسان.. الإبداع والقدرة على الصمود»، وبذلك يعكس ليبرمان عقلية ومواقف إسرائيل الرسمية المتمثلة بمحاولة كسر إرادة الفلسطينيين وكي ّ وعيهم بالحديد والنار. وهذا ليس موقف ليبرمان فحسب فقد رفضت حكومة الاحتلال كافة المقترحات الرامية إلى التهدئة في غزة، مقابل تخفيف الكارثة الإنسانية الناتجة عن  حصار إسرائيلي ومصري. 
وقال المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إن حماس نقلت رسائل إلى إسرائيل، في مطلع الشهر الحالي، تضمنت استعداد الحركة التي تسيطر على قطاع غزة لهدنة طويلة الأمد مقابل تسهيلات ملموسة في الحصار الوحشي. وحتى الآن، رفضت دولة الاحتلال هذه الرسائل حسب هرئيل، الذي أوضح أن كلا من مصر وقطر والأمم المتحدة، تطرح حاليا مبادرات لتخفيف الأزمة الحاصلة في القطاع، الذي يعاني نقصا في الأجهزة والمواد الطبية والدواء والماء والكهرباء والبضائع وغيرها.
ونقل هرئيل عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن المقترح المصري يقضي باستئناف عملية المصالحة بين حركتي فتح وحماس، وتوسيع دور السلطة الفلسطينية في القطاع والمبادرة إلى تسهيلات اقتصادية وتسوية عملية تفكيك كتائب القسام، الذراع العسكرية لحماس، ونزع سلاحها. وبحسب المصادر الإسرائيلية ذاتها، يقضي المقترح القطري تشكيل لجنة خبراء مستقلة وغير منحازة لأي من المنظمات الفلسطينية لإدارة القطاع، ووقف تسلح حماس بأسلحة هجومية وإشراك منظمات دولية في الإشراف على تطبيق هذه المبادرة .
وأوضحت المصادر الإسرائيلية أن مقترح الأمم المتحدة الذي قدمه المبعوث الخاص لأمينها العام، نيكولاي ملادينوف، يحاول تشكيل هيئة إقليمية جديدة، تضم إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية والأمم المتحدة، من أجل أن تقود الجهاز الذي سيعمل على تقديم مساعدة اقتصادية طويلة الأمد للقطاع. لكن إسرائيل ترفض، لأن الفجوات في المواقف والحلول المطروحة بينها وبين حماس «كبيرة ولا يمكن الجسر بينها حاليا» وفق هارئيل، الذي وقال إن إسرائيل تخشى نشوء «نموذج حزب الله» في قطاع غزة، بحيث تحافظ حماس على سلاحها في الوقت الذي تتولى فيه السلطة الفلسطينية مسؤولية إدارة النواحي المدنية. كذلك تقول دولة الاحتلال إن لديها شكوكا حيال جهاز إشراف دولي لمنع إدخال السلاح إلى القطاع.
في المقابل أوضح المحلل العسكري في القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، ألون بن دافيد، أن معظم الوزراء الأعضاء في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية يؤيدون فكرة وزير المواصلات بإقامة ميناء في غزة. وأوضح بن دافيد أنه يقف وراء تأييد هؤلاء الوزراء لهذه الفكرة مصلحة سياسية، بادعاء أن ميناء كهذه «يحرر إسرائيل من المسؤولية عن مصير سكان القطاع، ويسمح لهم بالهجرة إلى دول أخرى، ويمنح إسرائيل فرصة لضرب قصة شعب فلسطيني موحد. لكن نتنياهو يعرقل إجراء أي مداولات حول هذا الموضوع وفق توضيحات بن دافيد، الذي يضيف أن القيادة الأمنية الإسرائيلية تقدم باستمرار لنتنياهو تقارير حول مصلحة إسرائيل بالتسوية مع غزة، غير أنه يرفض هذه التوصيات أيضا. وخلص بن دافيد للقول إن القيادة العسكرية لا تتخوف من حرب أخرى في غزة، لكنهم لا يبتهجون في المضي نحو مواجهة لا فائدة منها. وينقل بن دافيد عن قيادة الجيش قولها إنه ليس ثمة ما يمكن تحقيقه من خلال حرب أخرى في غزة.

القدس العربي