كشف مسؤولون فلسطينيون أن السلطة تعدّ لاتخاذ خطوات غير مسبوقة في قطاع غزة لإجبار حركة «حماس» على تسليم الحكم، في وقت تصاعدت دعوات إلى صرف رواتب الموظفين العموميين في القطاع «فوراً من دون تأجيل».
وقال المسئولون في تصريحات إلى «الحياة» إن الرئيس محمود عباس قرر اتخاذ خطوات كان عليه اتخاذها قبل 11 عاماً عندما سيطرت «حماس» بالقوة المسلحة على غزة، لإجبارها على التراجع عمّا تسميه السلطة «الانقلاب».
ووفقاً للمسؤولين، تشمل هذه الإجراءات وقف رواتب موظفي السلطة في القطاع، ووقف الإمدادات في المجالات كافة، من طاقة وصحة وتعليم وبنى التحتية وغيرها، وربما تصل إلى إغلاق الجهاز المصرفي في غزة في حال حدوث أي ردود فعل من قبل سلطة «حماس».
وكان الرئيس عباس أعلن أنه أبلغ الوسيط المصري أن أمام «حماس» أحد خيارَين: إما تسليم الحكم بصورة كاملة، أو توليه بصورة كاملة.
وقال عباس لدى افتتاح اجتماع للجنة المركزية لحركة «فتح» في مقر الرئاسة في رام الله الأحد الماضي: «قبل أيام عدة، زارنا وفد من جمهورية مصر العربية وقلنا لهم بكل وضوح: إما أن نستلم كل شيء، بمعنى أن تتمكن حكومتنا من استلام كل الملفات المتعلقة بإدارة قطاع غزة من الألف إلى الياء، الوزارات والدوائر والأمن والسلاح، وغيرها، وعند ذلك نتحمل المسؤولية كاملة، وإلا فلكل حادثٍ حديث، وإذا رفضوا لن نكون مسؤولين عما يجري هناك». وأضاف: «ننتظر الجواب من الأشقاء في مصر، وعندما يأتينا نتحدث ونتصرف على ضوء مصلحة الوطن ومصلحة شعبنا».
وأوقفت السلطة الفلسطينية دفع رواتب الموظفين في قطاع غزة هذا الشهر من دون إعلان رسمي. وأصدرت وزارة المال التابعة للسلطة بياناً أول من أمس، عزت فيه عدم دفع الرواتب إلى «أسباب فنية». لكن مصادر عدّة ترجح أن يكون السبب الحقيقي وراء ذلك إظهار «جدية» التحذير الموجّه إلى «حماس» عبر مصر، لتسليم الحكم. ومن المتوقع أن يتمّ صرف رواتب موظفي غزة هذا الشهر بسبب الأوضاع الخاصة التي يشهدها القطاع، وإجراءات عقد المجلس الوطني في رام الله، لكن يرجح التوقف عن صرفها ابتداء من الشهر المقبل.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن الرئيس عباس ينتظر الرد المصري المتوقع في غضون أيام، وعلى ضوئه سيتخذ قراراته.
وأعرب مسؤولون في «حماس» عن رفضهم تحذير عباس وطالبوا بـ «تطبيق الاتفاقات» الموقعة بين الجانبين. وقال مسؤول بارز في الحركة في تصريح إلى «الحياة» إن «هذه شروط إذلال ونحن لن نقبل بها». وأضاف: «سلاح المقاومة خط أحمر، ومطالبة الرئيس تسليم السلاح مقابل تولي الحكومة مسؤولياتها في القطاع هو شرط تعجيزي الهدف منه الانسحاب من المصالحة».
ولم تعلن السلطة موعد تطبيق الإجراءات في غزة، لكن مسؤولين فيها يقولون إنها ستطبق بصورة تدريجية.
وتدفع السلطة الفلسطينية 1.2 بليون دولار إلى قطاع غزة سنوياً على شكل رواتب لحوالى 70 ألف موظف، إضافة إلى مخصصات شؤون اجتماعية لحوالى 80 ألف أسرة، ومواد طبية للمستشفيات، وتحويلات طبية للمرضى، وكتب مدرسية، وكهرباء وغيرها.
وقال مسؤولون في السلطة إن الرئيس عباس قرر وضع حدّ لجهود المصالحة المتواصلة منذ 11 عاماً، واللجوء إلى إجراءات الضغط على «حماس» لتسليم الحكم في القطاع. وقال أحد المسؤولين إن «الجهود واللقاءات لم تفضِ إلى أي نتيجة، وبعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء ورئيس جهاز الاستخبارات العامة، قرر الرئيس اللجوء إلى الخطوات العملية لإنهاء الانقسام بدلاً من اللقاءات والمحادثات والحوارات غير المجدية».
وحمّلت السلطة حركة «حماس» المسؤولية عن تفجير استهدف موكب رئيس الوزراء رامي الحمدالله ورئيس الاستخبارات العامة اللواء ماجد فرج أثناء دخوله قطاع غزة الشهر الماضي، غير أن «حماس» ردّت بأن التحقيقات التي أجرتها بيّنت وقوف مجموعة سلفية وراء محاولة الاغتيال.
إلى ذلك، طالبت القوى الديموقراطية وشبكة المنظمات الأهلية ومنظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، بصرف رواتب موظفي السلطة في غزة فوراً من دون تأجيل، والعدول عن الإجراءات السابقة العقابية ضد القطاع.
واعتبرت في بيان أصدرته عقب اجتماع عقدته أمس أن «أي خطوات وإجراءات جديدة تجاه الموظفين العموميين في قطاع غزة، لا تساهم في تعزيز مقوّمات الصمود».