لوحظ يومي الاربعاء والخميس ( 4 و 5 نيسان 2018)، تحولاً نسبيا في أسلوب تغطية الاعلام الاميركي للجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي يوم الجمعة الماضي بحق المواطنين الفلسطينيين العزل، خلال تظاهرة حق العودة يوم الأرض 30 آذار 2018 (يوم الجمعة الماضي)، وما تخللها من عمليات قتل مع سبق إصرار طالت أكثر من 18 مواطناً، فضلا عن اصابة أكثر من 1450 مواطنا، فيما تنذر مؤشرات مختلفة بأن قوات الاحتلال الاسرائيلية تستعد لتكرار جرائمها يوم غد الجمعة 6 نيسان 2018.
وظهر كريس هايز، الإعلامي الأميركي الشهير على شبكة (MSNBC) صاحب برنامج "كل شيء مع كريس هايز" مساء الأربعاء (4/4/2018) ليندد بأن "الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحدث إلى رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، وبحسب قراءة البيت الأبيض للمكالمة الهاتفية، فانهما لم يبحثا أبدا القضية الأهم، وهي ما فعله الجيش الإسرائيلي بإطلاقه النار على أكثر من 750 متظاهر فلسطيني اعزل، ما أدى الى مقتل 15 شخصا على الأقل"، مشيراُ إلى الإدعاءات الإسرائيلية بأن "بعض هؤلاء كانوا يلقون الحجارة والإطارات المحترقة نحو الجنود الإسرائيليين الذي استحكموا في مواقع بعيدة آمنة".
واعتبر هايز، وهو نجم تلفزيوني ليبرالي، أن هذه الجريمة لم تحظى بإدانة الإدارة الأميركية التي على ما يبدو "أعطت إسرائيل ونتنياهو ضوءاً أخضر لفعل ما يشاؤون دون مساءلة".
وحذر هايز في تعليقه، في نهاية الحلقة من خطورة ذلك وانعكاسه على مستقبل تحقيق السلام.
وفي اليوم ذاته، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالاً للمحامية الفلسطينية ديانا بوتو، المستشارة السابقة لفريق المفاوضات الفلسطيني تحت عنوان "بعد عمليات القتل في غزة.. حان الوقت لمحاسبة إسرائيل" تقول فيه ان "مقتل المتظاهرين الفلسطينيين يوم الجمعة الماضي كان متوقعا تماما، كما أنه كان يمكن تفاديه تماماً" حيث أن إسرائيل أعلنت أنها نشرت القناصين بهدف قتل الفلسطينيين العزل لمجرد تظاهرهم في أرضهم قبل بدء المظاهرة.
وقالت " توجه المشاركون إلى الحدود الشرقية شديدة التحصين بين غزة وإسرائيل، في استعراض رمزي للعودة إلى أراضيهم والمنازل التي ينحدرون منها وأسرهم. ولكن حتى قبل بدء المسيرة، أعلنت إسرائيل أنها ستنشر أكثر من 100 قناص، وطائرات مسيرة تلقي الغاز المسيل للدموع، ودبابات لإطلاق النار على المتظاهرين".
واضافت "بحلول نهاية اليوم، قتل الجنود الإسرائيليون 18 فلسطينيا بالذخيرة الحية وجرحوا أكثر من 1700. هذا على الرغم من عدم تعرض أي جندي إسرائيلي لاي ضرر أو حتى في أي خطر".
وقالت الكاتبة "هنا تكمن المأساة، فالفلسطينيين الذين يتظاهرون ضد قتل الفلسطينيين العزل هم أنفسهم الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي" مشيرا إلى ان القتل الإسرائيلي المتعمد صرح به جيش الاحتلال الإسرائيلي نفسه بتغريدة تقول "لم يتم تنفيذ أي شيء خارج عن نطاق السيطرة. كل شيء كان دقيقاً وقاسياً، ونعرف أين سقطت كل رصاصة".
واضافت "لا تكمن المأساة في قتل الفلسطينيين فحسب، بل في ردود فعل إسرائيل والولايات المتحدة على هذه المذبحة. لقد أصبح من الطبيعي بل ومن المتوقع أن يتم تجاهل قتل الفلسطينيين من قبل الإسرائيليين ، كما كان تم عام 2014 قتل أكثر من 2200 فلسطيني في غزة؛ وبالفعل فإن وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، الذي دعا ذات مرة إلى قطع رؤوس المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، إن لم يكونوا مواليين لإسرائيل تماما، قد امتدح الجيش الإسرائيلي بسرعة ، مشيراً إلى أن جنوده يستحقون النياشين ، فيما رفضت دعوات الفلسطينيين والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة للتحقيق فيما جرى، حيث منعت كل من إسرائيل وإدارة ترامب المصادقة على إجراء تحقيق من جانب مجلس الأمن، كما أعلنت إسرائيل على الفور أنها لن تمارس تحقيقاتها الصورية".
واختتمت بوتو مقالها بالقول "لهذا السبب، فإن الوقت قد حان لحظر الأسلحة، وفرض العقوبات ضد إسرائيل التي تمارس ألابارتهايد (الفصل العنصري)، على غرار حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة ضد نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا" مبينة ان "هذا ليس سابقة في الولايات المتحدة ، حيث يمتلك قانون مراقبة صادرات الأسلحة سلطة ضمان عدم منح الأسلحة إلى حكومة /تنخرط في نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دوليًا/".
يشار إلى أن الإعلام الأميركي الذي تفادى التعليق على الجرائم الإسرائيلية، كان قد بثها أو نشرها كاخبار او احداث عادية، وهو ما يبدو أنه بدأ يتغير وإن كان بدرجات بسيطة.
كما وأن بعض السياسيين (رغم محدودية عددهم )بدأوا يحتجون على الجرائم الإسرائيلية.
"القدس"