لاحت أمس مساع لتطويق التوتر بين الضفة الغربية وقطاع غزة، عشية خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) أمام اجتماع القيادة الفلسطينية ليل الإثنين– الثلاثاء، الذي حمل فيه حركة «حماس» مسؤولية محاولة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمد الله ومدير الاستخبارات ماجد فرج الثلثاء الماضي، متوعداً بـ «إجراءات وطنية وقانونية ومالية كاملة»، ما أثار غضب «حماس» وأغلب الفصائل الفلسطينية، والتي وصلت إلى حد المطالبة بانتخابات رئاسية وتشريعية. لكن الفصائل أكدت «التزامها المصالحة»، قبل أن تجري اتصالات على مستويات عده للتخفيف من حدة التصعيد المتبادل.
وظهر أن السلطة الفلسطينية وضعت «حماس» أمام خيارين: إما الكشف عن المتورطين في محاولة الاغتيال وتمكين الحكومة بشكل كامل، أو تحمل تبعات عقوبات جديدة. وأفيد بأن عدم إعلان عباس ماهية العقوبات هو لـ «منح الحركة فرصة الاختيار». وطالبت الحكومة أمس بتسليم «حماس» غزة «دفعة واحدة».
وبدا لافتاً أن «حماس» برغم رفضها «تهديدات» عباس بإجراءات جديدة ضد غزة، إلا أنها لم ترد «رداً انفعالياً». وقال قيادي في الحركة لـ «الحياة» إن الحركة «أصدرت تعليمات مشددة بعدم الرد بعنف أو توتير الأجواء على رغم رفضها اتهام عباس الحركة بالوقوف وراء جريمة تفجير موكب الحمدالله وفرج».
وطالبت الحركة في بيان لها «بالذهاب إلى إجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، كي ينتخب الشعب قادته ومن هم أهل لتحقيق الوحدة وتحمل المسؤولية ورعاية المصالحة». وحضت الجهات الإقليمية والدولية وجامعة الدول العربية «التدخل العاجل والمسؤول لوقف التدهور الخطير وتحمل مسؤولياتهم في منع وقوع الكارثة على المستوى الوطني الفلسطيني الداخلي».
ولم يُصدر عباس أو الحكومة بعد أي قرارات أو عقوبات جديدة، إلا أن التكهنات تشير إلى خفض في الرواتب ومستحقات الصحة والتعليم، وقد تشمل التحويلات المالية عبر المصارف، ووقف منح جوازات سفر لأبناء القطاع، وغيرها من الإجراءات.
قال القيادي في «حماس» سامي أبو زهري إن تهديدات عباس «ليس لها قيمة أو شرعية»، معتبراً أن الأيام «ستثبت أنه الخاسر الوحيد من محاربة المقاومة وخنق غزة». وأُعلن اتفاق من الفصائل في القطاع برفض فرض عقوبات على غزة، بل إن «حماس» صعدت لجهة دعوه الفلسطينيين إلى «رفع الشرعية عن عباس»، واعتبرت أن خطاب عباس «هدفه تضليل العدالة وقطع الطريق على مجريات التحقيق في حادثة التفجير». ودعا الناطق باسم الفصائل في مؤتمر مشترك، مصر إلى «وقف قرارات عباس»، قبل أن يؤكد «إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام».
ودعت حركة «الجهاد»، الجميع إلى «إدراك أن وحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة العدو الصهيوني هو الموقف الوطني الذي يجب أن يقود كل جهودنا في هذه المرحلة التي تستهدف وجودنا كشعب وقضية». وحضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على العمل سريعاً على «احتواء ردود الفعل والتداعيات التي نجمت عن استهداف موكب الحمدالله». وشددت على أن المصلحة «الوطنية تقتضي وقف التراشق، وعدم الإقدام على أي إجراءات أو مواقف من شأنها أن تُعمّق حال الانقسام، وتجنيب القطاع مزيداً من المعاناة، والعمل على التخفيف منها بوقف الإجراءات السابقة». وطالبت بـ «تشكيل لجنة وطنية مهنية للتحقيق الشامل في محاولة الاغتيال وإعلان الحقيقة كاملة».
في المقابل، رأى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، أن «الوضع قبل محاولة الاغتيال يختلف عما بعدها، لأننا نؤرخ لمرحلتين منفصلتين تماماً بالتعامل مع ملف المصالحة». ودعا حماس إلى انتهاز «الفرصة التاريخية والانتقال من مربع الانقسام إلى الوحدة». وأضاف: «أمام حماس خيارات، فإما اتخاذ موقف صريح وقرار واضح يخدم المشروع الوطني، أو أنها تصر على الانقلاب ما سيضطر الرئيس محمود عباس إلى اتخاذ إجراءات للحفاظ على المشروع الوطني». وزاد: «على حماس أن تكشف عمن خطط ونفذ جريمة الاغتيال، وثانياً تطبيق اتفاقات المصالحة رزمة واحدة». مشيراً إلى أنه «لن يكون هناك سقف زمني مفتوح لهذه الفرصة».
وكانت الحكومة الفلسطينية اعتبرت في اجتماعها أمس أن «من يقف خلف محاولة الاغتيال، يهدف إلى القضاء تماماً على جهود إنهاء الانقسام، ويخدم أهداف الاحتلال». وتساءلت: «إذا كان الحديث عن سلاح واحد وشرعية واحدة غير ذي صلة، فكيف لحكومة أن تستلم غزة ولا تقوم بتحمل مسؤولية الأمن فيها؟». وطالبت حماس بـ «تسليم غزة دفعة واحدة»، مؤكدة «استعدادها لتسلم مسؤولياتها كافة كاستحقاق وطني ومتطلب أساسي لنجدة غزة من المخاطر التي تحدق بها، وتفويت الفرصة على إسرائيل للاستمرار في التقسيم، وفصل قطاع غزة عن هذا الوطن».