فاز الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بولاية رئاسية رابعة بعد حصوله على 9ر73% من الأصوات، حسبما أفادت استطلاعات آراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع ونشرتها وسائل إعلام رسمية مساء اليوم الأحد، فيما تتهم المعارضة السلطات بتضخيم المشاركة عبر اللجوء الى التزوير من اجل اضفاء شرعية على عملية اقتراع خالية من المفاجآت.
ويتولى بوتين السلطة في روسيا في منصب الرئيس ورئيس الوزراء منذ نحو عقدين، ويتوقع حاليا أن يهيمن على المشهد السياسي الروسي لمدة ستة أعوام أخرى على الأقل.
وذكرت لجنة الانتخابات المركزية، في بيان لها في وقت سابق، أن نسبة مشاركة الناخبين بدت "أعلى بشكل كبير" في معظم المناطق مقارنة بانتخابات 2012 التي فاز فيها بوتين أيضا.
ويبلغ الرئيس الروسي من العمر 65 عاما أمضى منها اكثر من 18 عاما في السلطة، وجعل من نسبة المشاركة في الانتخابات التي يتوقع ان يفوز فيها بفارق كبير بولاية رئاسية رابعة تستمر حتى 2024، معركته الرئيسية، في وقت يخوض اختبار قوة مع الغرب منذ تسميم العميل الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال في المملكة المتحدة.
وقبل اقل من ساعتين من موعد اقفال آخر صناديق الاقتراع في كلينينغراد، اعلنت اللجنة الانتخابية ان نسبة المشاركة بلغت 51,9 بالمئة، بما يتخطى النسبة في الساعة ذاتها خلال الانتخابات السابقة.
ودعي اكثر من 107 ملايين ناخب روسي للادلاء باصواتهم. وحسب أولى الأرقام الصادرة عن وكالة (تاس) الرسمية، فإن المشاركة تخطت 60% بل حتى 70% في العديد من مناطق أقصى الشرق الروسي، حيث انتهت عمليات الاقتراع في وقت باكر نظرا إلى الفارق في التوقيت داخل روسيا.
واتهم اليكسي نافالي، ابرز المعارضين الروس، الذي رفضت المفوضية العليا للانتخابات ترشحه للانتخابات الرئاسية بسبب ادانته قضائيا، الكرملين بتضخيم المشاركة بعمليات تزوير عبر حشو الصناديق او عبر تنظيم نقل الناخبين باعداد كبيرة الى مراكز الاقتراع.
وقال نافالني في مؤتمر صحافي "انهم بحاجة الى اقبال. النتيجة معروفة سلفا وهي فوز بوتين بأكثر من 70 بالمئة (من الاصوات)"، مؤكدا ان نسبة المشاركة الحقيقية أدنى من تلك المسجلة في انتخابات 2012.
وشدد نافالني على ان "السبيل الوحيد للنضال السياسي في روسيا هو بالتظاهر. سنستمر في القيام بذلك".
وعرضت منظمة (غولوس) غير الحكومية والمتخصصة في مراقبة الانتخابات حالات التزوير على موقعها الالكتروني مشيرة قرابة الساعة 17:00 ت غ الى 2472 تجاوزا مثل حشو صناديق والتصويت اكثر من مرة واعاقة عمل المراقبين.
في المقابل، اعتبرت رئيسة اللجنة الانتخابية ايلا بامفيلوفا انه "لم يحصل هذا الكم من التجاوزات".
بدورها، لم تسجل الحملة الانتخابية لبوتين الا 200 تجاوز. ونقلت وكالة (ريا نوفوستي) عن المتحدث باسم الحملة اندري كوندراشوف قوله "هناك استفزازات (...) تهدف الى التشكيك في الاقتراع".
ونظمت السلطات حملة إعلامية مكثفة لحث الناخبين على التصويت، وسهلت عمليات التصويت خارج مناطق إقامة الناخبين. وأوردت وسائل إعلام حتى أنها مارست ضغوطا على موظفي الدولة والطلاب من أجل الإدلاء بأصواتهم.
وأفاد ناشطون من المعارضة اليوم الأحد عن قيام الشرطة بجلب ناخبين في حافلات إلى مراكز الاقتراع وتوزيع قسائم شراء مواد غذائية بأسعار مخفضة على الروس الذين يذهبون للإدلاء بأصواتهم.
وبوتين الذي يمتدحه البعض ناسبين إليه عودة الاستقرار بعد فترة التسعينات، يحمل عليه منتقدوه باعتبار أن الثمن كان تراجع الحريات. وتعطي آخر استطلاعات الرأي الرئيس الروسي نحو 70 بالمئة من نوايا التصويت.
في المقابل، يشير استطلاع اجراه معهد (فتسيوم) الى حصول منافسه الابرز مرشح الحزب الشيوعي المليونير بافيل غرودينين على 7 إلى 8% من نوايا التصويت، وحصول القومي المتشدد فلاديمير جيرينوفسكي على 5 او 6%، تليه الصحافية الليبرالية كسينيا سوبتشاك (1 إلى 2%).
وقال رجل الاعمال الروسي اندري زوبوف الذي يبلغ من العمر 42 عاما لوكالة (فرانس برس) : "لم نحظ بحياة طبيعية الى ان تولى بوتين السلطة (...) عزل روسيا ليس بالامر الخطير لا بل انه مفيد للسوق الاقتصادية الداخلية".
ودعا نافالني الذي يحظى بقاعدة شعبية كبيرة في مختلف أنحاء البلاد، إلى مقاطعة الانتخابات وأرسل أكثر من 33 ألف مراقب إلى مراكز الاقتراع.
بدورها، دعت المرشحة القريبة من المعارضة الليبرالية كسينيا سوبتشاك الناخبين للتوجه الى صناديق الاقتراع، محذرة من ان تحقيق بوتين نسبا مرتفعة يعني ان النظام سيكون اكثر تشددا.
وشهد الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية تصاعد التوتر بين موسكو والغرب بسبب قضية تسميم العميل المزدوج الروسي السابق سيرغير سكريبال وابنته في المملكة المتحدة.
ولم تنتظر موسكو إلى ما بعد الانتخابات بل أعلنت أمس السبت طرد 23 دبلوماسيا بريطانيا بصورة وشيكة، ردا على إجراء مماثل اتخذته لندن.
وأدى تبادل تدابير طرد الدبلوماسيين بين روسيا وبريطانيا في نهاية الحملة الانتخابية إلى تعزيز أجواء التوتر الأقرب إلى الحرب الباردة التي خيمت على ولاية بوتين الرئاسية الأخيرة، على خلفية دعم الكرملين للنظام السوري والأزمة الأوكرانية والاتهامات الموجهة إلى روسيا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وتجري الانتخابات في الذكرى الرابعة للمصادقة على ضم شبه جزيرة القرم الاوكرانية إلى روسيا بعد استفتاء اعتبرته كييف والغربيون غير قانوني.
وفتح اكثر من 1200 مركز اقتراع في القرم الا ان قسما كبيرا من التتار المجموعة المسلمة المعارضة بشكل واسع لضم القرم الى روسيا لا ينوي المشاركة في الانتخابات. وقال عالم ممبيتوف وهو رئيس منظمة تعنى بالدفاع عن حقوق التتار لوكالة (فرانس برس): "تعرض التتار لضغوط كبيرة قبل الانتخابات".
وكان الاقبال ضعيفا في الاحياء التي تقطنها غالبية من التتار في القرم واسفت ناتاليا التي لم تشأ الافصاح عن كنيتها وهي رئيسة مركز انتخابي في وسط سيمفروبول "لدينا 1946 ناخبا مسجلا وحتى الساعة 10:30 (7:30 ت غ) لم يحضر الا 67 شخصا".
وردا على تنظيم الانتخابات الرئاسية الروسية في القرم، قررت كييف منع الناخبين الروس المقيمين في أوكرانيا من التصويت. وقام عشرات الشرطيين وناشطون قوميون اليوم الأحد بمنع الدخول إلى القنصليات الروسية في العديد من المدن الكبرى الأوكرانية.