دعت إدارة الرئيس ترامب إلى عقد إجتماع للدول المانحة في واشنطن، لبحث سبل تحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة ، سيركز الإجتماع على تطوير اقتصاد قابل للحياة مع ضمان امن إسرائيل في 13 مارس الحالي , وسبق هذه الدعوة الكثير من التصريحات الامريكية و الإسرائيلية و القطرية بشأن الوضع الإنساني و السياسي لوضع القطاع ، غرينبلات الممثل الخاص لإدارة الرئيس ترامب مكلف بالمفاوضات الدولية قال لصحيفة هآريتس الإسرائيلية ، أن الهدف الرئيسي لإدارة ترامب هو تمكين السلطة الفلسطينية من السيطرة على قطاع غزة ولو بشكل جزئي ،وموقع إخباري امريكي " المونيتور " نشر ان الرئيس الأمريكي هاتف امير قطر تميم بن حمد ، وطلب منه التنسيق مع إسرائيل لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة لمنع انهيار قطاع غزة ، السفير القطري في قطاع غزة العمادي قال لرويترز نحن نساعد إسرائيل لتجنب حرب أخرى مع قطاع غزة وذلك بتحويل الأموال للفقراء بمباركة واشنطن .
كل هذه المواقف و التصريحات تشير إلى أن الموقف الأمريكي يرى أن هناك مشكلة إنسانية في قطاع غزة لها ارتداداتها السياسية على صفقة القرن ، معضلة قطاع غزة الاساسية بالنسبة لإسرائيل هي كتلته البشرية القابلة للزيادة بشكل مضطرد،2 مليون فلسطيني يعيشون في شريط ضيق مساحته محدودة مع شح الموارد وخاصة مشكلة المياه ,إلى جانب أن هذا الإقليم تسيطر عليه حركة حماس مما سيؤثر على صفقة العصر ، التي تشترط وحدة البنية السياسية للفلسطينيين ، كما صرح مسؤول في البيت الابيض في وقت سابق بأنها إحدى العوامل الرئيسة في التوصل إلى اتفاق سلام ومن أجل ذلك يجب أن تكون السلطة الفلسطينية تسيطر على قطاع غزة لإزاحة حماس عن الحكم .
باختصار شديد ولتمرير صفقة القرن التي نعيش فصولها الآن بقرار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها و تجفيف موارد الأونروا لإحالتها إلى التقاعد من خلال " قطع المساعدات بالتدريج " و بالتالي مطلوب من السلطة الفلسطينية بحسب الرؤية الأمريكية بسط السيطرة على قطاع غزة ولو بشكل جزئي، لتمهيد الطريق لإنشاء دولة فلسطينية بدون القدس و اللاجئين وحدود 67 ، وبرز في هذا المجال تعارضا بين إسرائيل و الإدارة الأمريكية بشأن مستقبل القطاع ، إسرائيل لا تريده جزءا من الحل، بل تريده كما هو عليه منفصلا تحت سيطرة حركة حماس، القوة الوحيدة القادرة على ضبطه أمنيا بحسب إسرائيل في المديين القريب و المتوسط ، ولكن على المدى البعيد يجب القضاء على حركة حماس، وكل هذا حسب ما قال عاموس يدلين رئيس مركز الأمن القومي الإسرائيلي ، والذي يقول أيضا أنه من المناسب أن تسعى إسرائيل اتجاه القطاع لمنع حدوث أزمة عسكرية واسعة النطاق تؤدي لانهيار البنية التحتية ، في حين إدارة ترامب تريد تشجيع حكومة الحمد الله على استلام القطاع ، وللمساعدة في ذلك وجب تقديم مساعدات عاجلة للقطاع ومن هنا جاء انعقاد إجتماع المانحين في واشنطن , قد يقول البعض أن ذلك فيه مصلحة للغزيين ، هذا الكلام يكون صحيحا لو تم تقديم الدعم عن طريق السلطة أو عن طريق الأونروا ، ويعتقد البعض أن الأموال التي سوف يتم جمعها ، ماهي إلا الأموال التي اقتطعتها الإدارة الأمريكية من دعم "الأونروا "وكالة الغوث إذن الهدف سياسي تجفيف الأونروا في القطاع الذي معظم سكانه من اللاجئين يبلغون حوالي 70 بالمئة من السكان , ويبدو اجتماع واشنطن، هو الذي سيقرر إنشاء صندوق دعم مالي "أحد بنود صفقة القرن" لقطاع غزة خاص لتصفية الأونروا أولا وتأمين تكلفة ذلك ماليا ثانيا ، رشوة للغزيين الذين جرى تحطيمهم و إفقارهم لدفعهم للقبول بذلك , و أعتقد ان سياسات حركة حماس بعدم ذهابها للمصالحة ولتأسيس بنية سياسية فلسطينية واحدة، هو الذي شجع على العبث بمستقبل غزة ووصوله إلى هذا المستوى من التردي، إلى جانب السياسات الخاطئة للسلطة الفلسطينية التي اعتقدت بأن قطع الرواتب و تخفيضها سيجعل حماس تأتي صاغرة للمصالحة .
بدون ادنى شك ان قضية قطاع غزة سياسية بامتياز رغم أهمية الجانب الإغاثي الذي تحاول حماس تضخيمه على حساب البعد السياسي , فحل كل مشاكل القطاع هو بذهابه نحو الشمال أي بالترابط مع مدينة القدس و الضفة الغربية المستهدفان أكثر من غيرهما .
وحدة الفلسطينيين هي الرد العملي السياسي لمواجهة صفقة العصر ، خاصة أن الإدارة الامريكية ، تريد بنية فلسطينية هشة بين الضفة والقطاع ، لا تريد شراكة بين حركتي حماس و فتح ، أي لا تريد دمج حركة حماس في بنية النظام السياسي الفلسطيني، لتأسيسي نظامي تعددي تشاركي ، لذلك وجب علينا أن نفرق بين مفهوم بسط السيطرة الذي تريد إدارة ترامب للحكومة الفلسطينية فرضه على قطاع ، والذي يشترط إزاحة حماس، و بين مفهوم الفلسطينيين للوحدة كجماعة سياسية واحدة .
كاتب مقيم في فلسطين