تقرير: حكومة اسرائيل تمعن في سياسة التهويد في القدس والخليل

السبت 10 مارس 2018 12:21 م / بتوقيت القدس +2GMT



نابلس / سما /

في سياق سياسة التهويد والتطهير العرقي الصامت ، التي تمارسها حكومة الاحتلال والمستوطنين وفي محاولة إضافية لاستثمار قرار الرئيس الاميركي الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة اسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب الى القدس في أيار القادم ، أقر الكنيست الإسرائيلي الاسبوع الماضي بالقراءتين الثانية والثالثة ، تعديلا على ما يسمى قانون " الدخول لإسرائيل " وفق مقترح قدمته الحكومة وعضو الكنيست الليكودي أمير أوحنا ، يسمح لوزير داخلية الاحتلال الإسرائيلي ويخوله صلاحيات سحب أو إلغاء مكانة "مقيم دائم " بحجة ما يسمى خيانة الولاء . ويستهدف التعديل بشكل خاص المواطنين الفلسطينيين في القدس المحتلة الذين لا يحملون الجنسية الإسرائيلية ، بل يمنحهم الاحتلال مكانة مقيم دائم ، وفلسطينيين من الضفة الغربية ممن تزوجوا من فلسطينيات من الداخل يعيشون داخل الخط الأخضر دون أن يحصلوا على جنسية إسرائيلية.  وقد جاء التعديل لتوفير سند قانوني صريح يجيز عملية سحب الإقامة الدائمة من المقدسيين وفق الشروط المذكورة ، وهي "خيانة الولاء لدولة إسرائيل" . وينص التعديل الذي تمت المصادقة عليه على أن هذا الإجراء يكون بموافقة وزير العدل بعد التشاور مع لجنة استشارية شكلها وزير الداخلية ، مع إعطاء إمكانية اعتراض فقط أمام المحاكم الإدارية.

وقد جاء هذا التعديل أثر قرار من المحكمة الإسرائيلية العليا في التماس بشأن سحب الإقامة من أربعة فلسطينيين من سكان القدس المحتلة جاء فيه أنه إذا رغب وزير الداخلية بسحب مكانة الإقامة الدائمة من فلسطينيين من شرقي القدس بحجة "خرق الولاء لدولة إسرائيل "، فينبغي أن يتوفر نص صريح يؤيد ذلك في القانون ، وبالتالي ردت المحكمة وألغت قرار سحب الإقامة الدائمة من سكان القدس. ويأتي القانون ضمن سياسة التضييق المتزايدة ضد المقدسيين في القدس المحتلة وتحميلهم (بحسب قانون الاحتلال الإسرائيلي، استنادا إلى القرار الإسرائيلي المناقض للقانون الدولي بضم القدس المحتلة وإخضاعها للسيادة الإسرائيلية) واجب الولاء لدولة الاحتلال.

وفي إطار سياسة الاحتلال الاسرائيلي القائمة على تهجير الفلسطينيين كشفت حركة "السلام الآن" الاسرائيلية عن أن " اللجنة اللوائية الإسرائيلية " ناقشت مؤخرًا 4 مخططات استيطانية في حي الشيخ جراح، يتضمن بعضها إخلاء بعض سكان الحي ، وبحسب المنظمة فإن اثنين من المخططات تشمل هدم منازل 5 عائلات فلسطينية، وبناء 3 وحدات استيطانية، فيما يشمل مخطط آخر بناء 10 وحدات استيطانية، وهدم منازل 4 عائلات فلسطينية

وفي سياق متصل وبالتعاون بين وزارة قضاء الاحتلال وبين المنظمات والجمعيات الاستيطانية، تم تعيين مسؤول جديد عن "ملف القدس الشرقية" في ما يسمى "الوصي العام" في وزارة القضاء، وهو حنانئيل غورفينكل، وهو ناشط في حزب "البيت اليهودي". ويدعو غورفينكل صراحة إلى تهويد القدس، كما سبق وأن دعا لطرد طلاب عرب يدرسون في "التخنيون" إلى قطاع غزة. وكان قد أقام جمعية تعمل على منع من أسماهم "جهات أجنبية من السيطرة على أملاك الدولة في القدس الشرقية"، ودعا بشكل صريح إلى مكافحة ما زعم أنه "احتلال عربي" للمدينة. ويقيم غورنفيكل في مستوطنة يهودية وسط جبل المكبر، ويعتبر المسؤول المباشر عن سلسلة عمليات طرد عائلات فلسطينية، وتسليم بيوتها لجمعيات اليمين الاستيطانية. ويعتبر الوصي العام جهة فاعلة في وزارة القضاء في طرد عائلات فلسطينية من بيوتها لصالح المنظمات الاستيطانية، وذلك بحكم وظيفته كـ"مدير أملاك كانت بملكية يهودية حتى العام 1948"، علما أن غالبية الأملاك التي هجرت عام 1948 كانت فلسطينية، ولكن بموجب "قانون أملاك الغائبين الفلسطينيين" فإنهم لا يستطيعون استعادتها، في المقابل، فإن القانون الإسرائيلي يسمح لليهود باستعادة أملاك مدعاة لهم، وفي الغالب فإن ذلك يتم عن طريق جمعيات استيطانية، تعمل بالتنسيق مع "الوصي العام" لطرد الفلسطينيين من المكان.ويدعم "الوصي العام" مساعي جمعية "عطيريت كوهانيم" في سلوان والتي تسيطر على "وقف بنبنشتي"، بداعي أنه أقيم قبل 120 عاما، وهناك مساع لطرد نحو 60 عائلة فلسطينية من المكان، بهدف إقامة حي يهودي جديد في وسط القرية. وقد تم إخلاء بضعة عائلات من المكان.

وبالتوازي مع عمله، فقد انتخب كعضو مركز في حزب "البيت اليهودي". وفي العام 2016 أقام جميعة "بونيه يروشلايم"، وهي مسجلة على اسم زوجته، وعنوانها منزلهم في مستوطنة "نوف تسيون" في جبل المكبر. وضمن أهداف الجمعية، التي يوقع غورفينكل على وثائقها وتقاريرها، تشجيع البناء الاستيطاني في القدس الشرقية، وإقامة مساحات عامة في "نوف تسيون". كما تتضمن "العمل مقابل هيئات السلطة، للتشدد على فرض القانون في القدس الشرقية، وخاصة حيال مخالفات البناء"، وكذلك "العمل، بموجب مبادئ الصهيونية الأساسية، في الحافظ على الأراضي والثروات الطبيعية للدولة في القدس، ومنع سيطرة جهات أجنبية على هذه الموارد".

وتزامنا مع انطلاق أعمال مؤتمر لجنة العلاقات الأميركية الإسرائيلية (أيباك) في واشنطن الاسبوع الماضي وسط تقارب غير مسبوق بين الولايات المتحدة وإسرائيل بعد اعتراف الرئيس دونالد ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر/كانون الأول الماضي. عقدت وزارة الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلية ، بقيادة الوزير غلعاد أردان ، في إطار مؤتمر “أيباك” في واشنطن، مؤتمرا لدعم المستوطنات، ودعت الوزارة في إطار الدعوة لهذا الحدث، إلى "احتضان يهودا والسامرة". وقالت إن الحدث المقصود هو تدشين معرض زراعي لمستوطنات غور الأردن في أحد النشاطات المركزية للعالم اليهودي، في مؤتمر أيباك”بالتعاون مع مزارعي المستوطنين في غور الأردن كجزء من سياسة مهاجمة تنظيمات المقاطعة، والدفاع عن الذين يتضررون منها، من جهة أخرى.

وكشفت جمعية "إلعاد" الاستيطانية عن 11 مشروعًا استيطانيًا جديدًا تم إقرارها عامي 2017 و2018، ستعمل على تنفيذها شركات مختلفة. ومن بين المشاريع التي ستعمل عليها الجمعية مشروع سياحي ضخم باسم "أوميجا للتزلج الهوائي"، بالإضافة إلى مطعم بالقرب من الأسوار التاريخية للقدس المحتلة.

على صعيد آخر أنفق المجلس الاستيطاني "ماتي بنيامين" مبلغا يقدر بنحو 6 ملايين و460 ألف شيكل، في مشاريع غير قانونية في البؤر الاستيطانية التابعة له، بين عامي 2013 – 2015 ، منها بناء حدائق وتطوير مبان متنقلة ، إنشاء نوادي شباب ورصف تقاطع الطرق وشق طرق للبؤر الاستيطانية ، حيث أقيمت معظم مشاريع البناء على أراضي مصادرة دون تراخيص بناء وبصورة "غير قانونية"، وقد تم استثمار جزءً من  هذه الأموال في البؤر الاستيطانية الكبيرة ، كتلك المجاورة لمستوطنة "عيلي"، وأن 10 مشاريع على الأقل من مجموع 24 مشروعًا للمجلس الاستيطاني ، أقيمت في البؤر الاستيطانية العشوائية بصورة مخالفة للقانون الإسرائيلي . ومصدر الأموال التي أنفقها المجلس الاستيطاني لم تعتمد على التبرعات التي يقدمها المستوطنون ، بل على منح من حكومة الاحتلال الإسرائيلي ، قدرت بمئات الملايين من الشواقل ، بالإضافة إلى المبالغ التي تقدمها الدولة للمجلس الاستيطاني تحت مسمى "منح أمنية"، كان آخرها تخصيص مبلغ 40 مليون شيكل في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بالإضافة إلى مبلغ 50 مليون شيكل حصل عليها المجلس الاستيطاني عن طريق وزارة الداخلية.

سياسة التهويد والتطهير العرقي الصامت لا تكتفي دولة الاحتلال بتطبيقها في مدينة القدس بل هي تواصل نفس المساعي في القسم الخاضع لسيطرتها المباشرة من مدينة الخليل . ففي تقرير جديد أصدره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"إحدى هيئات الأمم المتحدة، عن تحويل المنطقة المعروفة بمدينة الخليل باسم "H2" إلى "مدينة أشباح" بعد أن كانت مكتظة ومزدهرة في السابق، وأن هناك مخاوف من سكانها البالغ عددهم 40 ألفا ، من التهجير لصالح مئات المستوطنين الذين يقطنون في عدة بؤر استيطانية .  وتطرق التقرير الى إلى حجم الأضرار المادية والإنسانية التي تكبدها الفلسطينيون في الجزء المحتل والمسيطر عليه من مدينة الخليل في المنطقة المصنفة "H2" . ويؤكد التقرير أن السياسات والممارسات التي تنفذها سلطات الاحتلال بـ "حجج أمنية" اثرت على حياة الفلسطينيين حيث يتعرضون خلالها للمضايقة من قبل المستوطنين وللتفتيش على الحواجز العسكرية وأن تلك الإجراءات تعرقل وصول سيارات الإسعاف وعمال البلدية، بسبب متطلبات التنسيق التي تفرضها السلطات الإسرائيلية،وتراجعت الخدمات الأساسية بسبب اغلاق للمحال التجارية مما حولها الى مدينة اشباح.

فيما كشفت دراسة استقصائية إسرائيلية أعدتها منظمة "كيرم نافوت" اليسارية أن نحو 40% من قبور المستوطنين في الضفة الغربية بنيت على أراضٍ فلسطينية ذات ملكية خاصة. وأوضحت الدراسة أن هناك أكثر من 600 قبر في أكثر من 10 مستوطنات تم بناؤها على أراضٍ فلسطينية خاصة منها أراضٍ تم مصادرتها من قبل السلطات الإسرائيلية. ووفقا لذات الدراسة فإن هناك في الضفة ما لا يقل عن 33 مقبرة يهودية منتشرة في كافة مستوطناتها، وبعضها صغيرة جدا وبعضها رئيسية حيث يدفن فيها المئات، ومعظمها بنيت على أراضي "الدولة". وتقع القبور التي بنيت على أراضٍ فلسطينية خاصة بالقرب من مستوطنات بيت "إيل وعوفرا وبساجوت ومعاليه ميشماش وألون موريه وكريات أربع" التي يوجد فيها قبر باروخ غولدشتاين منفذ مذبحة الحرم الإبراهيمي . وقد بنيت بعض تلك القبور في أراضٍ تم مصادرتها بحجج أمنية وبعضها يتم بناؤها على بعد مئات الأمتار من منازل المستوطنين داخل تلك المستوطنات بهدف أن لا يتم إزالتها أو أن يتم إعادة تسليم الأراضي لأصحابها الفلسطينيين.

ولتوفير المزيد من ترتيبات الحماية للمستوطنين بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي نشر كاميرات جديدة، ذات خصائص تكنولوجية متطورة على الطرق الاستيطانية في الضفة الغربية.وبحسب موقع “روتر” التابع للمستوطنين، فقد تم نشر عدد من هذه الكاميرات في طرق استيطانية قرب رام الله لإجراء اختبارات عليها ، وتأتي هذه الخطوة في إطار مواصلة الجيش الاسرائيلي جهوده لمنع وقوع "عمليات ضد المستوطنين" كما يدعي .

وفي السياق بدأ جيش الاحتلال مؤخرًا بجمع معلومات من الفلسطينيين بالضفة الغربية عبر حواجزه المنتشرة على طول الضفة وعرضها، ضمن حملة أطلق عليها اسم "احتضان الدب". قيادة الجيش طلبت من الجنود نصب الحواجز وخاصة خلال ساعات الصباح الباكر وإجبار الفلسطينيين على تهيئة استمارات أمنية تهدف لمعرفة مكان عملهم ومكان سكنهم وتفاصيل أخرى، بالإضافة لصورة عن هويتهم الشخصية.