السبب الأساسي وراء عدم تطور التوتر في غزة إلى مواجهة واسعة هي الصدفة. الليلة أيضًا، الصواريخ التي تم إطلاقها نحو إسرائيل لم توقع ضحايا في الأرواح أو أي أضرار. في رد سلاح الجو لليلة الثانية على التوالي يستهدف أهدافًا لحماس، لكن رد إسرائيل مدروس، فهي تحاول ألا تؤدي لوقوع إصابات في الجانب الفلسطيني. الصواريخ يطلقها أفراد تابعون لتنظيمات متمردة صغيرة، تنظيمات لا تخضع لحماس وتعمل من أجل تحدي حكمها وإيقاعها في الحرج، نفس تلك التنظيمات معنية بجر إسرائيل لمواجهة مع غزة.
بالإضافة لذلك، الوضع الاقتصادي للقطاع آخذ في التدهور أكثر فأكثر، عدد الشاحنات التي تنقل البضائع من إسرائيل عبر كرم أبو سالم تراجع لأكثر من 50%، من 800 في اليوم لـ 300. السبب وراء تقليص البضائع التجارية المنقولة للقطاع ليس قيودًا جديدة أو تشديدًا للحصار الإسرائيلي على القطاع؛ بل ضعف القوة الشرائية لـ 2 مليون فلسطيني يقطنون في قطاع غزة.
سكان القطاع لا يمتلكون الأموال، وفي حال نفذت حكومة ترامب تهديدات الرئيس بتقليص المساعدات للسلطة الفلسطينية والأونروا؛ فإن الأزمة في غزة - التي لا يمكن تخيل لأي مستوى قد تتدهور - ستصل لأرقام قياسية.
أفكار جيدة لإعمار القطاع، لكن لا أحد يسارع لتمويلها
في الحكومة والمنظومة الأمنية يدركون الحاجة الملحة للبدء بمشاريع لإعادة إعمار القطاع اقتصاديًا، فقد اجتمع ممثلو الدول المانحة للسلطة الفلسطينية هذا الأسبوع في بروكسل، وتم تقديم أفكار ممتازة فعليًا، لكن لا أحد يسارع ويكلف نفسه بإدخال يده لجيبه.
عائق آخر هو الخلاف في حكومة اسرائيل فيما يتعلق بالمساعدات، وخصوصًا معارضة وزير الجيش أفيغدور ليبرمان لإعمار غزة حتى توافق حماس على نزع سلاحها. هذا أبدًا لن يحدث، حماس تُفضل الحرب على نزع السلاح الذي بحوزتها، الأمر الذي يرونه في التنظيم كمخطط للتدمير الذاتي وبالرغبة الكاملة.
حتى هذه المرحلة لا يوجد حل، وهناك شك حول إن كان سيتم إيجاد حل لأزمة غزة. كلا الطرفان (حماس وإسرائيل) لا يريدان جولة حرب جديدة، لكن ما يفصلنا في الأشهر الأخيرة، التي تزايدت فيها أحداث إطلاق الصواريخ مع غزة، عن الانتقال لجولة جديدة من القتال هو احتمال احصائي فقط.
المصدر :" معاريف