قال الدكتور موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" ومسئول مكتب العلاقات الدولية فيها؛ أن ما صدر عنه من تصريحات خلال الأسبوع الماضي، حول المصالحة الفلسطينية واعتبار البعض لها بأنها تصريحات تشاؤمية ودليل جديد على تعثر المصالحة؛ بعد الأمل الذي لاح لأبناء الشعب الفلسطيني خلال الأشهر القليلة الماضية، بأن الأمر: "ليس موضوع تشاؤم وتفاؤل بقدر ما كان تشخيص لواقع الحال، ودق لناقوس الخطر في محاولة لإستدراك المصالحة الفلسطينية وإعادة تصحيح مسارها كمصالحة متكافئة ومتوازنة، وهي دعوة لحركة "فتح" لأن تتجاوز حالة التشكك والريبة وأن تنتقل إلى خانة الفعل وتطبيق ما نصت عليه الاتفاقيات حول جميع الملفات العالقة" وأضاف ابو مرزوق: "نحن في حركة "حماس" نؤكد مجددًا على استعدادنا لتذليل أي عقبة تواجه المصالحة على قاعدة حفظ الحقوق الوطنية".
وواصل القيادي الحمساوي القول: "نحن قدّمنا الكثير وآثرنا المصلحة الوطنية العليا ومصلحة المواطن الفلسطيني على المصلحة الحزبية، حيث أننا قمنا بحل اللجنة الإدارية، واستقبلنا حكومة التوافق في غزّة على الرغم من أننا توافقنا في فبراير (شباط) 2017 على أن يبدأ الرئيس المشاورات لتشكيل حكومة وحد وطنية لأن هذه الحكومة الحالية فاشلة ويكفي أن نعلم أن قراراتها في 2017 75% منها قرارت متعلقة بالإجازات والأعياد والاحتفالات وإن كانت هناك قضايا كبرى تهم المواطن؛ ومع ذلك سهّلنا اجراءات استلام الوزرات ووافقنا على اعادة ما يلزم من الموظفين المستنكفين وبلغ عددهم 1600 موظف، إضافة إلى تسليم معابر قطاع غزة بالكامل بالرغم من كونها تمت بطريقة مخالفة لما تمّ التفاهم عليه، كما تم تفكيك نقطة 4-4 من على معبر بيت حانون بالرغم من الضرر الأمني المترتب على تفكيكها، وكان التعامل بإيجابية بالغة مع احتياجات الحكومة، والاستعداد لتسليم الجباية الداخلية وايرادات المعابر وفقًا للطريقة التي حددتها حكومة التوافق، وتأمين للوفود وضبط الوضع الداخلي في غزة واستقبال الحمد لله كوزير للداخلية ولقاءه بأركان الوزارة في غزة، وكل ذلك تم بمهنية عالية، والتزمت "حماس" بخطاب إعلامي وحدوى، في المقابل عقوبات وليدة أشهر سابقة لم يقم الرئيس عباس برفعها بعد.
وحول ماهية الخيارات أمامهم في "حماس" ازاء استمرار هذا الوضع اجاب القيادي لأبو مرزوق: "ذلّلت حركة حماس جميع العقبات أمام تطبيق المصالحة الفلسطينية، بشهادة الفصائل الفلسطينية والرأي العام الفلسطيني والوسيط المصري وقيادات حركة "فتح" قبل أن تنقلب على ما صرحت به، والجولة الأخيرة بكل أسف شهدت تعّنت فتحاوي تمثل في رفض رفع العقوبات الجائرة على قطاع غزة، والسير قدمًا في المصالحة وفقًا لاتفاق 4 مايو (آيار) 2011 والتفاهمات اللاحقة له، بالرغم من أن العقوبات وليدة أشهر سابقة وليست العقدة الحقيقية للأزمة الفلسطينية. إلا أننا في حركة "حماس" لسنا الآن أحد طرفي الانقسام السياسي وسنستمر في دعم الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتهيئة الأجواء لها بكل الوسائل. ونحن في الحركة سندرس الخيارات المتاحة مع الفصائل الفلسطينية بما يخدم الشعب الفلسطيني. وقرارنا أن لا عودة للمرحلة السابقة وبالشكل الذي كان؛ وسندرس كل الاحتمالات الممكنة والإجراءات المناسبة لهذه الاحتمالات، ولدينا خيارات عديدة لكي لا يبقى أهلنا في غزة على ما هم عليه من تأزم، وصبرنا على الوضع الحالي له حدود.
وحول مشاركة "حماس" في اجتماعات المجلس المركزي المتوقع عقدها في 14 و15 من الشهر الجاري وعن كيفية هذه المشاركة. كشف أبو مرزوق بأن: " الحركة حتى هذه اللحظة لم تبلور موقفها النهائي من المشاركة في المجلس المركزي بعد ". واضاف: "تقدمنا بجملة من المطالب لبلورة حضور الحركة من عدمه، ومنها طلب عقده خارج حراب الاحتلال، وقمنا بالفعل بالتواصل مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لعرض استضافة المجلس في بيروت ووافق مشكورًا على ذلك إلا أن الرئيس عباس أبلغ عبر السيد عزام الأحمد رفضه لعقده خارج الوطن، وإن كان لابد من عقده داخل الوطن، فلماذا لا يتم عقده داخل قطاع غزة؛ أم أن غزة ليست من الوطن؟". وواصل ابو مرزوق حديثه قائلاً: "ومن المسائل التي تحدد حضور الحركة من عدمه هو طبيعة الاجتماع وموضوعاته ومخرجاته، وهل سنحضر جلسة الافتتاح ثم ننصرف وما هي قضايا النقاش؟ ونحن نعترض على عقده في رام الله كون عقده تحت الاحتلال سيؤثر على مستوى تمثيل الفصائل الفلسطينية وعلى قوة التوصيات الصادرة عن المجلس". وعن حضور أعضاء المجلس التشرعي من كتلة "حماس" البرلمانية؛ أوضح ابو مرزوق بأن : " رؤساء اللجان في المجلس التشريعي، من الطبيعي حضورهم بصفتهم في المجلس التشريعي وحسب القانون".
وعن سلاح "حماس" وما جرى من حديث حول استعدادهم لوضعه تحت إمرة منظمة التحرير بعد انضمامهم اليها. قال القيادي في"حماس" : "قرار الحرب والسلام مسؤولية وطنية وقرار جماعي، وحماس مستعدة للالتزام بالمسؤوليات الوطنية كافة، لكن لا بد من التوافق على كل ما هو مطروح في الساحة السياسية، وكل ما يتعلق بمصير ومستقبل الشعب الفلسطيني بمعنى لا يصح أن أتكلم عن الحرب وقد شنتها (إسرائيل) على قطاع غزة ولا أتلكم عن المشاركة في القرارات المتعلقة بمستقبل الشعب الفلسطيني، لهذا أي حديث من هذا القبيل يأتي بالضرورة بعد دخول حركة "حماس" المنظمة وبقية الفصائل الأخرى، بحيث تمثل منظمة التحرير الكل الفلسطيني فعليًا، وتكون هناك مشاركة حقيقية في الأطر القيادية".
وأضاف: "سلاح المقاومة هو في خدمة شعبنا وقضيته حتى استعادة حقوقه، وإذا ما أضحت المنظمة تمثل الكل الفلسطيني وغاب تفرد أي فريق أو حزب في مستقبل القضية فلن يكون هناك مشكلة في قراري الحرب والسلم وتموضع سلاح المقاومة وطنيًا وبعيدًا عن اتفاقيات أوسلو".
من جانب آخر تحدث أبو مرزوق عن التهديدات الأمريكية الأخيرة اتجاه وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) ، وقطع المساعدات عنها وعن السلطة الوطنية الفلسطينية وقال: "عملت الولايات المتحدة على تمييع قضية اللاجئين وحولتها من قضية سياسية إلى إنسانية ثم تريد الانقضاض عليها الآن وتصفيتها، وتهدد بكل وقاحة بتجميد مساعداتها عن الأونروا، وعن السلطة الفلسطينية لدفع عملية التسوية المتعثرة، ونحن نرى سواءً قطعت المساعدات أم لم تقطعها، فستبقى المشكلة قائمة إلى أن نستعيد الأرض ويعود اللاجئون إلى ديارهم".
وأضاف: "المعركة بخصوص السياسة الأمريكية والقرارات الرئاسية يدور رحاها في الولايات المتحدة نفسها والتشكيك بقدرة الرئيس الذهنية والنفسية والأهلية لقيادة دول بحجم الولايات المتحدة قائم؛ وهذه القرارات وغيرها كالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني فاجأت دول العالم، فالأمريكان عليهم القلق على مستقبل بلدهم وسياسته الخارجية وهذه التهديدات للأسف نوع من عدم تحمل المسئولية الدولية الملقاة على دولة بحجم الولايات المتحدة".
وحول مآلات وردود الأفعال حتي الآن فلسطينياً وعربياً ودولياً على قرار ترامب بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل،أجاب القيادي الفلسطيني بالقول: "نشعر بأسف بالغ لمجمل مستوى ردود الأفعال المتدنية تجاه قرار ترامب الجائر والمرفوض الذي يمس قضية الأمة المركزية قضية فلسطين وجوهرها القدس، وكُنّا نأمل بأن تتخذ الدول العربية والإسلامية مجموعة قرارات أكثر حزمًا".
وما إذا كان هذا الإعتراف بمثابة تمهيد و جزء لما أصطلح عليه بـ"صفقة القرن" وحل الموضوع الفلسطيني؟ قال أبو مرزوق: " ظهرت لدينا مجموعة من الملامح لصفقة القرن المزعومة، وتتمحور حول انهاء مسألة القدس عبر الاعتراف بها عاصمة للاحتلال مع ضمان حرية العبادة، و اختراع عاصمة على هامش ضواحي القدس، و الاعتراف بالكتل الاستيطانية وضمها إلى الاحتلال، في حين يستأثر الاحتلال بصلاحيات الأمن القصوى، ويجري الاعتراف بالكيان كوطن قومي للشعب اليهودي وما تبقى من فلسطين؛ وطن للفلسطينيين كنظام حكم ذاتي على كنتونات فلسطينية، وإيجاد حل للاجئين دون عودتهم، وذلك في اطار حل إقليمي أمني لأزمات المنطقة؛ مع محاصرة ايران ونفوذها وتطبيق المبادرة العربية مقلوبة بالنسبة للكيان.
المصدر :" صحيفة القدس