قالت وثيقة سرية صادرة عن مركز البحوث السياسية بوزارة الخارجية الإسرائيلية، والذي يعد أحد أجهزة الاستخبارات في إسرائيل، إن موجة الاحتجاجات والمظاهرات الإيرانية أضعفت النظام في طهران ويمكنها أن تهدد استقراره.
وجاء في الوثيقة التي عُممت أمس، على مكتب رئيس الحكومة وأعضاء في المجلس الوزاري المصغر لشؤون السياسة والأمن (الكابينيت) والسفارات الإسرائيلية في الخارج، أن "النظام الإيراني فوجئ بالمظاهرات وحاول قمعها من خلال حملة اعتقالات واسعة وتعطيل شبكات تواصل اجتماعية على شبكة الإنترنت وزيادة التواجد الأمني في المدن القرى الكبرى، ولكنهم حاولوا عدم الانزلاق إلى موجة واسعة من العنف".
وأشارت الوثيقة إلى أن "المظاهرات بدأت على خلفية اقتصادية... لكنها سرعان ما أخذت زخمًا سياسيًا قويًا، تضمن المناداة بشعارات استثنائية مناهضة للنظام، حرق صور لرموز النظام وانتقادات لاذعة على نفقات النظام في سورية، لبنان واليمن".
واعتبرت الوثيقة أن النظام في إيران يقع تحت سطوة معضلتين: الأولى هي ما إذا كان ينبغي اتخاذ المزيد من التدابير القمعية للحفاظ على الاستقرار، وكيفية التعامل مع الانتقادات الداخلية المتنامية، مما يخلق حالة وسطية تنجح من خلالها السلطات في استثمار موارد الدولة في المواطن الإيراني ومصالحها على الساحة الإقليمية على حد سواء."
وقالت الوثيقة إنه "في الوقت الحاضر، وحدة صفوف النظام الإيراني المتمثلة بمعسكر الرئيس روحاني والمعسكر المحافظ والحرس الثوري، تحاول التوصل لتهدئة إلى حد ما ". وأضافت "أن قوات الأمن التابعة للحرس الثوري وقوات الباسيج (قوات تعبئة إيرانية مكونة من متطوعين) تتصرف حتى هذه اللحظة وفق تعليمات واضحة تقضي بضبط النفس وتُركز على ردع المتظاهرين".
ووفقًا لتقديرات خبراء في الشأن الإيراني في وحدة الاستخبارات التابعة لوزارة الخارجية، والتي أعدت الوثيقة، فإن الاحتجاجات الإيرانية لا تشكل في الوقت الراهن تهديدا لبقاء النظام، لكنها تضر به بشدة. وادعت الوثيقة أنه "على حد علمنا فإن المظاهرات الجارية تضعف النظام وتضعف شرعيته وقد تهدد استقراره في المستقبل". وأضافت أن "التطورات واردة لكنها تعتمد على قوة الاحتجاج والقدرة على التعبئة لاستقطاب شرائح أخرى وزيادة حجم المشاركين، فضلا عن استعداد المتظاهرين على مواجهة التدابير التي أعدتها قوات الأمن لقمع الاحتجاجات".
وبحسب الوثيقة التي حصت القناة الإسرائيلية العاشرة على نسخة منها، فإن "التصعيد في مطالب الاحتجاج، يؤكد، بحسب فهمنا، على كسر معين لحاجز الخوف لدى المواطن الإيراني"، وهذه الحركة الاحتجاجية هي الأكبر في إيران منذ التظاهرات المعترضة على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا في العام 2009، التي قمعتها السلطات بعنف وأوقعت 36 قتيلا بحسب الحصيلة الرسمية و72 قتيلا بحسب المعارضة.
في المقابل، اعتبرت الوثيقة أن الكثير من المواطنين الإيرانيين يشعرون بالقلق إزاء تبعات تصعيد الاحتجاج، وقالت: "نحن نتفهم أن هناك خوفا من الفوضى في أوساط الشعب الإيراني، الذي يتابع عن كثب ما يحدث بلدان المنطقة مثل سورية وفلسطين". على الرغم من أن صورة روحاني قد تضررت إلى حد ما، لا تزال هناك شريحة واسعة من الإيرانيين تؤمن به أو على الأقل تعتبره أهون الشرور".
وخلص واضعو الوثيقة إلى أن الأحداث في إيران "تسلط الضوء على عمق الفجوة التي وقع بها المجتمع الإيراني في السنوات الأخيرة، مع التركيز على ابتعاد شرائح واسعة من الشعب عن قيم الثورة الإسلامية، والمطالبة بتحسين اقتصادي، وزيادة الانفتاح، والمزيد من الحريات".