خلافات علنية لأول مرة بين أردوغان وعبد الله غُل

الثلاثاء 02 يناير 2018 09:57 ص / بتوقيت القدس +2GMT
خلافات علنية لأول مرة بين أردوغان وعبد الله غُل



انقرة / وكالات /

 لأول مرة، ظهرت إلى العلن الخلافات بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورفيق دربه في تأسيس حزب العدالة والتنمية الحاكم الرئيس السابق عبد الله غُل، وذلك عقب سنوات من ابتعاد الأخير عن الحزب والحديث المتزايد عن خلافات عميقة بين الحليفين السابقين.


هذه الخلافات التي حاول الطرفان إبقاءها طي الكتمان الإعلامي وعدم إخراجها إلى العلن للحفاظ على تماسك الحزب الحاكم ظهرت أخيراً بشكل قطعي عقب توجيه عبد الله غُل انتقادات مباشرة لقانون جديد أعلنت عنه الحكومة قبل أيام وأثار جدلاً واسعاً في البلاد، وما قابله أردوغان بانتقادات لاذعة وغير مسبوقة لعبد الله غُل.


وقبل أيام، صدرت حزمة قوانين جديدة في تركيا بموجب حالة الطوارئ المعلنة في البلاد منذ محاولة الانقلاب الأخيرة منتصف تموز/ يوليو 2016، من بينها قانون ينص على إعطاء حماية قانونية شاملة لمواطنين مدنيين شاركوا في افشال محاولة الانقلاب، وذلك في محاولة من الرئيس التركي لضمان عدم محاكمة مواطنين أتراك لا سيما من أنصاره في المستقبل بتهمة القيام بأعمال عنف ضد قوات الجيش والأمن التي شاركت في محاولة الانقلاب.


وتقول الحكومة إن القانون الجديد يهدف إلى ضمان عدم معاقبة الأتراك الذين خرجوا إلى الشوارع لحماية الحكومة المنتخبة أثناء محاولة الانقلاب، حيث ينص على منح الحصانة لمدنيين «سواء كان لهم توصيف وظيفي رسمي أم لا وسواء كانوا قاموا بمهام رسمية أم لا».


القانون الجديد واجه معارضة قوية من عدد من أحزاب المعارضة أبرزها حزب الشعب الجمهوري الذي ينوي التوجه للمحكمة الدستورية، وخلق جدلاً واسعاً في وسائل الإعلام التركية، لكن البارز والجديد بالأمر هو خروج عبد الله غُل عن صمته المعتاد منذ سنوات وتوجيهه انتقادات مباشرة للقانون. واعتبر غُل أن صياغة المرسوم مقلقة، وعبر عن أمله أن تعدل لمنع وقوع مشكلات في المستقبل، مدافعاً عن أن «من واجبه التعليق على الأمور المهمة في البلاد»، قائلاً: «أنا رئيس قضى حياته كلها في خدمة الحكومة والمجتمع. من واجبي تبادل الرؤى والأفكار حول القضايا المهمة، وأعتقد أنه من غير المعقول البحث عن دوافع خفية في هذا الأمر».


وفي أول مرة يوجه فيها أردوغان انتقادات علنية لغُل، قال: «من المؤسف أن يقول الرئيس السابق إن المرسوم يلفه الغموض.. على أي أساس تتحدث عن الغموض؟ هذا أمر محزن «، نافياً أن يكون هناك شك في مضمون المرسوم.


والأحد، جدد أردوغان هجومه على غًل ولكن بلغة أكثر حدة، قائلاً: «بينما كانت تركيا تحترق وكان العالم يشتعل بالتقلبات لم نسمع لهم أي صوت (يقصد عبد الله غل) والآن باتوا ينتقدون كل كبيرة وصغيرة، خيراً؟، من أين كل هذه التخوفات أتت فجأة وبهذه السرعة؟»، مضيفاً: «نحن نخوض حرب استقلال جديدة وما يليق بنا أن نكون سوياً ونعمل في شراكة وطريق واحد».


غُول الذي يلتزم الصمت منذ أشهر طويلة، لا يشارك في أي فعاليات سياسية بصفته أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية ولا بصفته الرئيس السابق للجمهورية كما أنه لا يبدي آراءه في الأحداث السياسية الداخلية والخارجية المتلاحقة، لكنه كسر هذا الصمت مؤخراً بالحديث بشكل مباشر عن القانون الجديد. وعلى الرغم من أن عبد الله غُل يعتبر من أبرز المؤسسين الأوائل لحزب العدالة والتنمية إلى جانب أردوغان، إلا أنه أبدى العديد من المواقف في السابق تعبر عن رفضه لبعض السياسات التي يتبعها أردوغان خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع المعارضين لسياساته سواء من خارج أو داخل الحزب.


الاختلاف الأبرز بين أردوغان وغل ظهر بشكل واضح لأول مرة قبيل الاستفتاء الذي جرى في نيسان/ أبريل الماضي على التعديلات الدستورية التي تشمل تحويل نظام الحكم في البلاد من برلماني إلى رئاسي، حيث لم يشارك غل في أي فعاليات مؤيدة للتعديل الدستوري وقيل إنه صوت بـ»لا» خلافاً لتوجه الحزب وزعيمه أردوغان، لقناعته بضرورة بقاء النظام البرلماني، وهو ما أثار غضب الأخير.


وعمل أردوغان في منصب رئيس الوزراء في فترة تولي عبد الله غول الرئاسة التركية، إلا أن منصبه ظل فخرياً واقتصر على الأمور البروتوكولية بينما استحوذ أردوغان على جميع السلطات التنفيذية، وهو ما قد يكون سبب كافياً، حسب البعض، يدفع غول لمعارضة نقل أردوغان الصلاحيات التنفيذية للرئيس وذلك بعدما تولي هو المنصب.


الكاتب التركي عبد القادر سيلفي المقرب من دوائر صنع القرار في البلاد، قال في مقال له بصحيفة «حرييت» الاثنين، إن أردوغان غاضب جداً من عبد الله غل منذ الاستفتاء وايمانه بأن الأخير لم يصوت لصالح النظام الرئاسي، حيث كان أردوغان يتوقع دعماً أكبر من غل الذي ظل يصفه بـ«أخي ورفيقي عبد الله» لفترة قريبة، رغم الاختلاف الدائم في وجهات النظر بينهم.


ويرى «سيلفي» أن هناك مخاوف كبيرة في حزب العدالة والتنمية الحاكم ومن أردوغان بشكل خاص من احتمال أن يكون غل يستعد لخوض الانتخابات الرئاسية المصيرية عام 2019 ضد أردوغان، مع احتمال أن يكون ذلك من خلال بناء تحالف مع المعارضة التركية، لافتاً إلى ان غل اتخذ قرار عقب الاستفتاء الأخير بالعودة تدريجياً إلى الحياة السياسية وتوجيه انتقادات أكبر للحكومة وأردوغان.


وفي صحيفة «حرييت» أيضاً كتب أحمد حاقان عن ما قال إنها المواد العشرة في استراتيجية غل الجديدة وتشمل حسبه على «محاولة الانتقاد ولكن دون الدخول في جدل مباشر مع أردوغان.. اعتراضات أكثر وانتقادات أوسع، وتحذيرات أكثر»، لافتاً إلى أنه سوف يوسع من نشاطه الشعبي في محافظات مهمة خلال الفترة المقبلة وفي ذلك إشارة مهمة إلى نيته مواجهة أردوغان في الانتخابات المقبلة.