طرح الدكتور ناصر القدوة، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، مقترحًا لمواجهة قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، تضمّن سحب الرعاية الأميركية للعملية السياسية، وعزل الموقف الأميركي عبر إدانات وقرارات دولية في مجلس الأمن، إضافة إلى تعزيز الوضع السياسي الفلسطيني من خلال تفعيل الحركة السياسية على المستويين العربي والإسلامي، وحثّ الدول التي لم تعترف بدولة فلسطين للاعتراف بها، وخاصة دول أوروبية مثل فرنسا، وما يقتضيه ذلك من تعزيز الحراك الشعبي محليًا وعربيًا ودوليًا.
وأشاد القدوة بالموقف العربي والدولي وبالحراك الشعبي الداعم للقضية الفلسطينية على امتداد العالم، مع الحرص على استدامته وتزايده. مضيفًا أن القضية الفلسطينية عادت بزخم إلى الأجندة الدولية وإلى الشارع العربي. وموضحًا أن الموقف الفلسطيني العربي ربما أطاح بصفقة القرن أو يكون سببًا في إعادة النظر فيها.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة فقدت أهليتها في لعب دور الوسيط النزيه للعملية السياسية، ولم تعد قادرة على لعب دور الراعي، بل أصبحت طرفًا في الصراع. مضيفًا "أن هذا لا يعني تخلينا عن العملية السياسية، فنحن دولتنا موجودة، وأهدافنا الوطنية واضحة في تحقيق الاستقلال وسنستمر في النضال، وما زلنا مستعدين لحل سياسي، وحتى لتفاوض على أرضية موقف واضح متفق عليه مسبقًا".
وأوضح أن الفكرة الآن أن يقوم الجانب الفلسطيني بدعم من المجموعة العربية كما تقرر في اجتماع القاهرة بالتقدم إلى مشروع قرار في مجلس الأمن، على ألا يكون حول القدس، فلدينا ما يكفي من أدوات الشرعية ومن قرارات حولها، بل يكون حول الإجراء الأميركي المتعلق بالقدس، ويأخذ بعين اعتبار انتهاك أميركا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وما يلحقه ذلك بمساعي تحقيق السلام في المنطقة. كما يجب أن يتضمن القرار الطلب من حكومة الولايات المتحدة التراجع عن قرارها بخصوص القدس، والتقيد بالالتزام بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وأضاف: قد يمكننا هذا القرار من محاولة استخدام المادة 27 فقرة (3) من ميثاق الأمم المتحدة، الذي تمنع العضو الدائم في مجلس الأمن من المشاركة في التصويت إذا كان طرفًا في النزاع.
جاء ذلك خلال لقاء حواري نظّمه المركز الفلسطيني لأبحاث السّياسات والدّراسات الإستراتيجيّة (مسارات)، في البيرة وغزة، لمناقشة الأوضاع ما بعد اعتراف ترامب بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، ونقل السفارة إليها، وللبحث في الخطوات المطلوبة فلسطينيًا لمواجهة هذه القرار. وأدار الحوار في البيرة سعد عبد الهادي، رئيس مجلس إدارة مركز مسارات، وإداره في غزة هاني المصري، مدير عام المركز.
ورحب عبد الهادي بالحضور، وترّحم على الراحل الكبير عبد المحسن القطّان، مؤسس المركز وداعمه، مشيدًا بدوره الوطني في خدمة القضية الفلسطينية، وتعزيز الثقافة والفنون والتعليم، ودعم المؤسسات الوطنية والبحثية والتعليمية في الوطن وخارجه.
وبيّن القدوة أن القرار الأميركي الأخير مثّل تغييرًا جوهريًا في قرارات الإدارات الأميركية المتعاقبة، وشكّل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة ولقرارات مجلس الأمن الدولي، إضافة إلى إنه انتهك اتفاقيات دولية الولايات المتحدة طرف فيها، عدا عن اعتدائه على الحقوق الوطنية الفلسطينية.
وأشار إلى أن الاجتماع الأخير لمجلس الأمن أظهر بشكل واضح العزلة الأميركية، وبرهن على التوافق الدولي التام الذي عكسه الأعضاء الأربعة عشر في مجلس الأمن.
وأعاد القدوة تقديم مقاربته لتحقيق الوحدة الوطنية، التي تقوم على تخلي "حماس" عن حكم غزة بشكل رسمي، مقابل قبول شراكة سياسية حقيقية في السلطة والمنظمة، والاتفاق السياسي للتوصل إلى برنامج إجماع وطني للمنظمة، وربما للحكومة.
ودعا عدد من الحضور إلى تعزيز ومواصلة التحرك الشعبي، وتوفير مقوماته ليتحول إلى انتفاضة شاملة، وتحوله إلى انتفاضة، من خلال الدعوة إلى عقد لقاء وطني فلسطيني للاتفاق على مشروع وطني كفاحي يأخذ بعين الاعتبار دروس الماضي، والعمل على تغيير شكل السلطة والتظاماته ووظائفها، إضافة إلى العمل على إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية من خلال خطوات عملية.
وبيّن الحضور أن الانتفاضة ليست قرارًا، بل هي حالة شعبية جماهيرية لا بد من توفير عوامل الدعم والصمود والاستمرار لها، لذا مطلوب من القيادة والفصائل دفع استحقاقات النضال. وانتقد بعض الحضور عدم عقد القيادة لأي اجتماع على مستوى أي هيئة قيادية حتى الآن.
وشدد الحضور على ضرورة رفع الإجراءات العقابية عن قطاع غزة، وتلبية الاحتياجات الإنسانية والحياتية للسكان، من توفير الكهرباء، والعمل على فتح المعابر.