أين سيكون موقع السفارة الأميركية في القدس؟

الخميس 07 ديسمبر 2017 05:42 م / بتوقيت القدس +2GMT
أين سيكون موقع السفارة الأميركية في القدس؟



القدس المحتلة / سما /

أعلن الرئيس ترامب يوم الأربعاء 6 ديسمبر/كانون الأول، أن الولايات المتحدة تعترف رسمياً بالقدس عاصمةً لإسرائيل وعن نيته نقل السفارة الأميركية لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس. وينطوي هذا القرار على الكثير من الدلالات المهمة بالنسبة لعملية السلام في الشرق الأوسط.

لكن صحيفة واشنطن بوست الأميركية تساءلت عن العنوان الذي قد تتخذه السفارة الأميركية الجديدة بالقدس، فقد جاء في مقال بالصحيفة أن مدينة القدس حافلة بالنزاعات والجدل حول الأراضي وحقوق ملكيتها؛ ومن ثم فإن نقل السفارة إلى القدس مشكلة حقيقية؛ إذ أين بالضبط سيتم بناء هذه السفارة الجديدة؟

لعل ترامب، امبراطور العقارات الذي تحول إلى قائد للعالم، سيكتشف قريباً أن إيجاد موقع لسفارة جديدة ليس مهمة سهلة. ومع أن البيت الأبيض لمح إلى أن السفارة قد تُنقل في غضون 3 إلى 4 سنوات، فإن البعض يرى أن هذا الإطار الزمني غير واقعي، حسب الصحيفة.

ويقول السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل، دانييل شابيرو، والذي شغل منصبه تحت إدارة أوباما: "إن هذا تقدير متفائل جداً". شابيرو، الذي هو الآن من كبار زملاء معهد الدراسات الأمنية الوطنية في تل أبيب، كان قد نادى أيضاً بنقل السفارة الأميركية لدى إسرائيل، ولكن تحت شروط معينة، وقال إنه يشك في أن تستغرق الخطوة ما بين 5 و10 سنوات.

أرض مستأجرة منذ 1989

نظرياً، ثمة قطعة أرض بالقدس مخصصة لبناء السفارة الأميركية الجديدة؛ ففي عهد الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، وتحديداً في آخر يوم من فترته الرئاسية عام 1989، وقّع السفير الأميركي لدى إسرائيل وقتها، ويليام براون، عقد استئجار قطعة أرض في القدس الغربية، قيمته دولار واحد في العام، لمدة 99 سنة. ثم إن الحكومة الإسرائيلية لاحقاً خصصت تلك المساحة لـ"أغراض دبلوماسية" بنيّة بناء سفارة أميركية هناك.

أما في هذه الأيام، فقد أصبحت قطعة الأرض تلك واقعة في منطقة مرغوبة جداً بالقدس، على أطراف حي "تل بيوت" وحي "بقعة" . ويقول ديفيد ماكوفسكي، زميل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والذي عمل مستشاراً لوزير الخارجية جون كيري بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط: "إنها منطقة رائعة، فقد بُنيت الكثير من مباني الشقق السكنية حولها؛ توقعاً لبناء السفارة الأميركية".

وما زالت تلك المنطقة المخصصة مهملة غير مسكونة، وكان مراسل من صحيفة Times of Israel قد وصفها، حينما زارها العام الماضي، بالقول إنه رأى "قِطعاً من حذاء قديم وزجاجات بيرة (هاينكن) وزنبركاً صدئاً من داخل فرشة سرير نسيها أحدهم هنا قبل سنوات".

ورغم قرار إدارة ترامب بنقل السفارة، فإن قطعة الأرض تلك لا يرجَّح أن ترى مستقبلاً أكثر إشراقاً.

خيارات أخرى محتملة

ورغم أن الأمل في بادئ الأمر كان معقوداً في حقبة التسعينيات على أن تتربع السفارة الأميركية على تلك الأرض بعد تفجير تنظيم القاعدة السفارتين الأميركيتين في كل من تنزانيا وكينيا عام 1998- فإن معايير أمنية جديدة فرضت على جميع السفارات الأميركية أن تفصل بين مبانيها والشوارع المحاذية مسافة 100 قدم (30 متراً)؛ تحسباً لأي انفجار سيارة ملغمة أو اعتداء آخر. يقول شابيرو: "في ضوء القوانين الجديدة، فإن تلك الأرض ليست كبيرة بما فيه الكفاية"، ولكي نكون في الصورة أكثر، فإن عدة مصادر أفادت بأن مساحة الأرض الواقعة في حي "تل بيوت" تبلغ من 7 إلى 14 فداناً، مقارنة بالسفارة الأميركية الجديدة لدى لبنان والتي تتربع على 43 فداناً.

ثمة خيار محتمل آخر، هو أن تستخدم الولايات المتحدة مبنى آخر من مبانيها في القدس، فالخارجية الأميركية تدير عدة مبانٍ قنصلية لها في القدس، تقدم خدمات للمدينة إضافة إلى الأراضي الفلسطينية، ونظرياً يمكن لأي منها أن يُحوَّل إلى سفارة؛ أقدم تلك المباني هو مبنى القنصلية الأميركية العامة الذي أنشئ عام 1912 والكائن في 18 شارع أغرون على مقربة من القدس القديمة.

ثمة مبنى قنصلي أميركي آخر أحدث في حي "أرنونا" بالقدس، لا يبعد كثيراً عن الأرض المستأجرة في "تل بيوت"، لكن عكس مبنى شارع أغرون وعكس قطعة أرض "تل بيوت" الواقعَين ضمن "الخط الأخضر" الذي يحدد أجزاء القدس التي كانت تحت سيطرة إسرائيل قبل حرب 1967- فإن مبنى "أرنونا" القنصلي يقع على حدود عام 1967 بين مناطق السيطرة الإسرائيلية ومنطقة كانت آنذاك منزوعة السلاح بعد اتفاق هدنة 1949.

بالفعل، شاعت توقعات كثيرة بأنه بدلاً من أن تبني الخارجية الأميركية سفارة جديدة في القدس، فإنها قد تتخذ أحد مبانيها القنصلية سفارة، فذلك خيار أسهل وأسرع من عدة أوجه. وقد تمحورت التوقعات والتكهنات حول المبنى الأحدث في "أرنونا"، الذي هو أكبر بكثير من المبنى القنصلي العام في شارع "أغرون"، حيث يمكنه استيعاب أعداد أكبر من القناصل وموظفي البعثة الدبلوماسية في حال تم نقل السفارة من تل أبيب.

وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية قد ذكرت العام الماضي، أن مسؤولين بالقدس قالوا إن المبنى مصمم خصيصاً لكي يغدو سفارة ذات يوم.

وعلى الرغم من أن متحدثة باسم الخارجية الأميركية رفضت ذكر عدد الموظفين في مجمع "أرنونا"، فإن تقارير من مكتب المفتش العام بالخارجية الأميركية قالت إن 582 موظفاً قنصلياً أميركياً يعملون متوزعين في أنحاء القدس، مقارنة بـ960 موظفاً بالسفارة الأميركية في تل أبيب.

وقال شابيرو إنه بالإمكان نقل السفير إلى قنصلية، ولكن ذلك سيكون بشكل مؤقت ريثما يتم إنشاء مبنى سفارة جديد، كما أن هذا سيتطلب ليّ تلك القوانين وثنيها. إلا أن شابيرو أضاف أن اللغة التي تستخدمها إدارة ترامب فيها إشارة إلى أن تلك الخطوة غير واردة. أما ماكوفسكي، فقد قال إن البيت الأبيض أخبره، يوم الثلاثاء 5 ديسمبر/كانون الأول، بأن السفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، لن ينتقل إلى قنصلية.

بدلاً من ذلك، يقول ماكوفسكي إن البيت الأبيض أخبره بأن العمل جارٍ لشراء قطع أرض، ومن غير المؤكد مكان هذه القطعة على وجه التحديد، كما أنه من غير الواضح إن كان بالإمكان شراء أراضٍ ملاصقة لقنصلية ما أو محاذية لقطعة الأرض في "تل بيوت". وعن الأخيرة، يقول ماكوفسكي: "لا أعرف كم قطعة أرض قد تتوافر في موقع متميز كهذا، وأتساءل: هل سيتوجب عليهم البحث في مناطق لم ينظروا فيها من قبل".

ولم تقدم الخارجية الأميركية إجابة لاستفسار عن أرض "تل بيوت" أو الإطار الزمني لخطوة الانتقال، إلا أن وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، بدا مقتنعاً في تصريحات للصحافة يوم الأربعاء، بأن النقلة لن تكون سهلة وأن عملية إيجاد قطعة أرض جديدة ستبدأ في الحال، حيث قال للصحفيين في قاعدة رامشتاين الجوية الأميركية بألمانيا: "من الواضح أن الأمر سيستلزم الكثير من التخطيط وسيستغرق بعض الوقت".

وفي النهاية، خلصت "الواشنطن بوست" إلى أنه من المحتمل أن أي مبنى سفارة أميركية جديد في القدس قد ينتهي به الأمر في موقع أقرب إلى تل أبيب من توقعات الكثيرين، حيث قال شابيرو: "أنا على يقين بأن الحكومة الإسرائيلية ستعمل بجد كبير لتجد عقاراً جديداً" للسفارة الأميركية الجديدة، لكنه أضاف: "العقارات في القدس مسألة معقدة، فالمدينة مضغوطة، ومن الممكن أن ينتهي الأمر بالسفارة على بُعد مسافة من مركز المدينة".